قضاة يرفضون «هيئة عدل» حوثية ويهددون بالتصعيد

TT

قضاة يرفضون «هيئة عدل» حوثية ويهددون بالتصعيد

أعلن قضاة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية رفضهم استحداث قيادة الحوثيين لجنة إدارية تنتزع استقلال السلطة القضائية، في خطوة هي الأولى منذ تنصيب القيادي محمد علي الحوثي نفسه رئيسا لما سماها المنظومة العدلية، وأمهلوا سلطة الميليشيات شهرا للقبض على المتورطين في الاعتداء على القضاة، ووقف الإساءة للقضاة في وسائل الإعلام وصرف رواتبهم، ووقف المساس باستقلالهم وهددوا بأقصى تصعيد في حال عدم تنفيذ تلك المطالب.
نادي القضاة وفي بيان أصدره في ختام اللقاء التشاوري الاستثنائي سلط الضوء على كثير من الممارسات التي طالت السلطة القضائية وفي مقدمة ذلك النيل من استقلاليته والتدخل في اختصاصاته وصلاحياته وبما ينتقص من حضوره كسلطة مستقلة من قبل ميليشيات الحوثي التي استحدثت منذ شهرين لجنة سموها المنظومة العدلية وعين القيادي محمد علي الحوثي نفسه رئيسا لها، وقال إن القضاة «رفضوا القرارات الصادرة من اللجنة العدلية واللجان المنبثقة منها، ويؤكدون على عدم مشروعية ذلك»، كما استعرض القضاة الانتهاكات التي يتعرض له أعضاء السلطة القضائية مثل الاعتداءات والاختطافات والسب والتشهير الإعلامي، وبما ينال من هيبة القضاء واهتزاز ثقة المجتمع بمنتسبيه.
وخاطب البيان ما يسمى المجلس السياسي للحوثيين وقال إن القضاء تحت ولايتهم «أصبح هدفا يرمى ومطمعا للمفسدين، وينال منه ولا يعطى حقه»، واشتكوا ما طال القضاة قسرا عبر وسائل الإعلام «وعلى الواقع من قبل المسؤولين أكثر من خصومهم والمفسدين في الجهاز القضائي»، وذكر أن القضاة في مناطق سيطرة الميليشيات أصبحوا بين معتدى عليهم أو مخطوفين، أو تعرضوا للشتم والسب، فيما دور سلطة الميليشيات غائبة.
القضاة في بيانهم تحدثوا عن تأثيرات انقطاع الرواتب على السلك القضائي، وقالوا: «هل ترجئ العدالة من بطون جائعة، وهل يرجى الأمن من الأيادي المرتعشة»، وانتقدوا الهجمات الإعلامية ضدهم وطالبوا بمحاسبة تلك الوسائل، ورفضوا بالمطلق القرارات التعسفية التي صدرت من مجلس القضاء أو من الجهات التي تتدخل في شؤون القضاء والانتقاص من حق القضاة في كتابة المحررات والعقود، وكذلك التعديلات التي تنتقص من حقوقهم المشروعة، وطالبوا بصرف رواتبهم أسوة بكثير من المؤسسات الحكومية التي تحصل على الرواتب، وطالبوا بسرعة تحسين المستوى المعيشي للقضاة.
وانتقد القضاة في بيانهم النيل من استقلالية القضاء والتدخل في شؤونه ودون مشروعية من قانون ودستور ولوائح منظمة، وهو ما يبطل كل الإجراءات التي اتخذتها ما تسمى بالمنظومة العدلية وما نتج عنها من حجز لحريات كتاب العقود والزج بهم في السجون وغيرها من القرارات التي تمس استقلالية القضاء وتنتقص من حضورها، وطالبوا بتوفير الحماية الأمنية لمقرات المحاكم والنيابات والقضاة، وإصدار قرار بإنشاء شرطة تتبع السلطة القضائية تعمل على حماية القضاة، وتنفيذ قراراتهم وأحكامهم. وهو مطلب يشير بوضوح إلى عدم وثوق القضاة بأداء أجهزة الأمن التي تديرها ميليشيات الحوثي وعدم امتثالها لسلطة القضاء.
وشدد القضاة في بيانهم على سرعة القبض على المتورطين في الاعتداء على رئيس نيابة محافظة عمران، ومنحوا النادي صلاحية اتخاذ أقصى درجات التصعيد في وجه سلطة الميليشيات، وطالبوا مجلس القضاء الأعلى بالقيام بواجبه في الدفاع عن استقلال القضاء في مواجهة السلطات الأخرى، والوقوف بحزم تجاه الاعتداءات التي يتعرض لها القضاة، وعدم السماح بالنيل منهم وتعديل السياسة الإعلامية لحكومة الميليشيات التي لا تليق بالقضاة وأعمالهم.
القضاة عبروا في بيانهم عن خيبة أمل من تعامل سلطات الحوثيين مع الاعتداءات التي طالتهم وطالبوا النائب العام الحوثي «بتحريك الدعاوى الجزائية ضد المعتدين على القضاة، والحزم في ذلك، وعدم اعتبارها من جرائم الشكوى، واعتبارها من القضايا المستعجلة وجرائم تمس استقلال القضاء»، وقالوا إنه إذا لم يفعل ذلك فإن المسؤولية «ستقع على عاتقه أمام الله والقضاء».
هذا التصعيد جاء بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها ميليشيا الحوثي في حقهم بدءا من استحداث سلطة إدارية مهيمنة فوق سلطة مجلس القضاء، وحملة مطاردة وسجن طالت العشرات من كتاب العقود، واعتداءات واختطافات طالت قضاة وأعضاء في النيابة تورط فيها قيادات حوثية، رفض القضاة الامتثال لتوجهات ورغباتهم وإصدار أحكام وفق ما يريدون، كما أن البيان يبطل كل ما أقدمت عليه لجنة محمد الحوثي، ويستدعي إعادة الاعتبار للقضاء من خلال إحالة كل من له علاقة بتلك اللجنة إلى القضاء لمخالفتها الصريحة للدستور والقانون، وتقرير التعويض العادل لمن زج بهم في السجن دون مشروعية من قانون ناهيك عن تجاوزه.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.