تبادل الاتهامات بين دمشق و«قسد» حول التوتر في الحسكة

قصف على «مواقع كردية» في ريفي حلب وعين عيسى

TT

تبادل الاتهامات بين دمشق و«قسد» حول التوتر في الحسكة

استمر التصعيد بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في الحسكة شمال شرقي البلاد، في وقت نفذت فيه القوات التركية والفصائل السورية الموالية قصفاً من قواعدها في منطقة السكرية بريف حلب الشرقي، استهدف قرية الحوتة الخاضعة لسيطرة «قسد».
وجاء هذا التطور بعد أيام من المناوشات والقصف المتبادل بين القوات التركية والفصائل الموالية من جانب، وقوات مجلسي منبج والباب العسكريين التابعين لـ«قسد».
من ناحية أخرى، قصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها بالأسلحة الثقيلة، قرية معلق واستراحة صقر وطريق حلب - اللاذقية الدولية بريف عين عيسى شمال محافظة الرقة. كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوصول 8 حافلات تابعة لقوات النظام وعلى متنها عشرات الجنود إلى مقر اللواء 93 في عين عيسى.
وشهدت المنطقة، مساء أول من أمس، محاولة تسلل لعناصر من الفصائل الموالية لتركيا إلى مواقع «قسد» على محاور قرية معلق بريف عين عيسى قرب الطريق، تزامناً مع قصف بري تنفذه الفصائل الموالية لتركيا على قرى معلق والخالدية واستراحة صقر بريف البلدة.
وشكك أهالٍ وقيادي عسكري في الدور الروسي بعد انتشار قواتها بمحيط المنطقة، وباتت ضامنا لتنفيذ اتفاقات ثنائية مع جهات متحاربة، وأعرب نهاد أحمد، نائب رئيس المجلس التنفيذي في إقليم الفرات، عن أن «الروس يسعون لتضييق الخناق على الإدارة الذاتية لفرض الانسحاب من عين عيسى وتسليمها للنظام السوري»، وبحسب المسؤول المدني، فإن أهالي البلدة التي تتعرض لهجمات عسكرية عنيفة منذ شهرين غير مقتنعين بالدور الروسي.
من جانبه، أكد رضوان الخلف، قائد «مجلس تل أبيض العسكري» المنضوي في صفوف «قسد»، أن الروس طلبوا مراراً انسحاب قواتهم من عين عيسى إلى عمق 5 كلم جنوبي البلدة، وتسليم نقاطها لقوات الجيش السوري وإخلاء مقراتها العسكرية وإبقاء مؤسسات الإدارة ضمن مربع أمني داخل مركزها، وأن «قيادة (قسد) لم توافق على الشروط الروسية بتسليمها للحكومة، كما لم توافق على إخلاء مواقعها لا سيما خطوط الجبهة للنظام».
في الحسكة، أفادت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) بأنه «في إطار جرائمها المتواصلة للتضييق على الأهالي في مدينة الحسكة وريفها، اختطفت (قسد) المدعومة من قوات الاحتلال الأميركي عدداً من المدنيين في مركز المدينة ومناطق عدة في الريف، واقتادتهم إلى جهة مجهولة بالتزامن مع إقامة المزيد من الحواجز المسلحة وقطع الطرق الرئيسية في مدينة القامشلي». وأضافت أن «(قسد) استقدمت تعزيزات إضافية من مسلحيها وفرضت طوقاً حول حي خشمان شمال مدينة الحسكة خلال تشييع جنازة محمد الرحيل الذي قضى أمس برصاص (قسد)».
وفي مدينة القامشلي، قالت «سانا» إن «(قسد) قطعت الطريق العامة المؤدية إلى وسط المدينة بالحواجز الحديدية، وأقامت عدداً من الحواجز المؤقتة عند مدينة الشباب ووسط السوق».
من جهتها، حملت قوات الأمن الداخلي التابعة لـ«الإدارة الذاتية» بالقامشلي دمشق، مسؤولية تصعيد التوتر الأخير بمحافظة الحسكة، وأكدت، في بيان نشر على حسابها الرسمي، أمس، أن قواتها «ملتزمة بصون وحماية كل السوريين، ولن تسمح بضرب التآخي وزعزعة استقرار المنطقة».
وقال علي الحسن، الناطق الرسمي لقوات الأمن، إن «تدهور الأوضاع الأمنية وتصعيد حالة التوتر كان بسبب استمرار قوات الدفاع الوطني باستكمال مشروع زرع الفتنة بين مكونات الشعب».
وقُتل شخص وأصيب أربعة آخرون في مدينة الحسكة، الأحد الماضي، بحسب مصادر طبية، بعد تنظيم موالين لدمشق احتجاجات رافضة للحصار الذي تفرضه قوات الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية شرقي الفرات.
إلى ذلك، سيرت الشرطة العسكرية الروسية، أمس، دورية مشتركة مع قوات حرس الحدود التركية في ريف بلدة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، وكانت هذه الدورية المشتركة 42 بين الجانبين منذ إعلان اتفاقية سوتشي نهاية 2019 بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».