الأحزاب الإسرائيلية تستغل آخر أربعة أيام قبل الانتخابات

انقسامات تهدد وجودها قبيل إجرائها

متظاهر في طريقه إلى مقر إقامة نتنياهو السبت (أ.ب)
متظاهر في طريقه إلى مقر إقامة نتنياهو السبت (أ.ب)
TT

الأحزاب الإسرائيلية تستغل آخر أربعة أيام قبل الانتخابات

متظاهر في طريقه إلى مقر إقامة نتنياهو السبت (أ.ب)
متظاهر في طريقه إلى مقر إقامة نتنياهو السبت (أ.ب)

بعد أن دلت استطلاعات الرأي طيلة الأشهر الأخيرة على أن انقسامات الأحزاب الإسرائيلية تشكل خطراً على وجود قسم كبير منها، فقد باشرت مفاوضات اللحظة الأخيرة لتوحيد صفوفها، ولم يتبق لها سوى أربعة أيام لهذا الغرض، إذ إن تقديم قوائم المرشحين للانتخابات القادمة، الذي سيفتح بعد غد الأربعاء، سوف يغلق في الساعة العاشرة من مساء الخميس القادم.
وقد وجدت هذه الأحزاب نفسها في حالة اضمحلال، وقسم غير قليل منها تعزو تشققها وانقسامها إلى الألاعيب التي نفذها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ونجح بواسطتها في تفكيك خصومه. وأبرز نجاحات نتنياهو هذه قد تحققت في حزب «كحول لفان»، بقيادة بيني غانتس، الذي خرج من الانتخابات الأخيرة ولديه 33 مقعداً، وتقلص عند تشكيل الحكومة إلى 17، وخسر سبعة نواب آخرين خلال وجوده في الحكومة، وتمنحه استطلاعات الرأي الحالية 4 - 5 مقاعد فقط.
والأمر نفسه يقال عن «يمينا»، برئاسة نفتالي بنيتن الذي جلس في المعارضة مع خمسة نواب، ثم تقلص إلى ثلاثة، بعد أن تمكن نتنياهو من جلب رافي بيرتس إلى حكومته، ثم أقنع النائب بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب، لكي يشكل تحالفاً من أحزاب يمين أخرى. ومع أن الاستطلاعات منحت بنيت في البداية 21 - 24 مقعداً، دلت الاستطلاعات الأخيرة، على أنه خسر خلال الشهرين الماضيين نصف قوته، ما يعطيه 12 مقعداً فقط.
كذلك الأمر مع حزب «أمل جديد»، برئاسة غدعون ساعر، الذي انشق عن الليكود وسحب معه وزيراً (زئيف الكين) وثلاثة نواب، ومنحته الاستطلاعات 21 مقعداً، هبط خلال شهر إلى 14 مقعداً. وحتى «القائمة المشتركة» المؤلفة من أربعة أحزاب عربية، وطنية وإسلامية، تفتت. وفشلت الجهود المبذولة لتوحيدها حتى الآن. وتشير الاستطلاعات إلى أنها قد تخسر ثلث قوتها (من 15 إلى 10 مقاعد). فقد انسحبت منها الحركة الإسلامية، برئاسة النائب منصور عباس، على خلفية رفض الأحزاب الأخرى استعداده للتعاون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومطالبته بالالتزام بقرارات المشتركة الجماعية، بينما طلب هو أن يحتفظ بحق التصويت الحر في القضايا الجوهرية.
وتفيد الاستطلاعات بأن أحزاباً عديدة قامت حديثاً، لن تتجاوز نسبة الحسم في حال خاضت الانتخابات منفردة، إذ إن كل حزب يحتاج إلى الحصول على 3.25 في المائة من الأصوات الصحيحة حتى يصبح ممثلاً في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ويعني ذلك الحصول على 140 ألف صوت على الأقل. والحزب الذي لا يحصل على هذا العدد ولا يتجاوز نسبة الحسم المذكورة يسقط في الانتخابات، ولذلك تسعى الأحزاب الصغيرة إلى إبرام تحالفات أو الانضمام إلى أحزاب أكبر نسبياً. ومن الناحية العملية، فقط، حزبا الليكود برئاسة نتنياهو و«يش عتيد» (يوجد مستقبل)، برئاسة يائير لبيد، يفضلان خوض الانتخابات كل منهما لوحده. فالليكود يظهر في الاستطلاعات ثابتاً فوق 30 مقعداً وحزب لبيد يظهر ثاني أكبر حزب بعد الليكود برصيد 16 - 18 مقعداً. وقد نقل على لسان لبيد أنه يرفض ضم أحزاب وإنما أفراد فقط. وقال مقرب منه إن الاستطلاعات الداخلية التي أجراها، دلّت على أن تحالفات مع أحزاب أخرى لن تزيد من تمثيله في الكنيست المقبلة. بينما نتنياهو يسعى لترتيب البيوت الداخلية لحلفائه من دون أن يضمه إلى حزبه. ويبذل جهوداً كبيرة لتوحيد 4 أحزاب يمينية متطرفة أكثر منه ومن ساعر ومن بنيت معا، في قائمة واحدة، حتى تنجح في عبور نسبة الحسم وتنضم إليه في ائتلاف يميني صرف بعد الانتخابات. وهذه الأحزاب هي: «البيت اليهودي» برئاسة حجيت موشيه، وهو الحزب الذي يشارك في الحكومة اليوم بواسطة الوزير رافي بيرتس، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير، الذي يضم عدداً من قادة عصابات الإرهاب اليهودية التي تبني سياستها على أساس طرد الفلسطينيين من البلاد، وحزب «الصهيونية الدينية» برئاسة النائب سموتريتش، الذي انسحب من «يمينا»، وحزب «نوعام» من مدرسة الحاخام تاو، الذي يشدد على الطابع اليهودي الديني لليهودية. وقد أعلن الحزبان الأخيران، أمس، عن توحيد صفوفهما. ويسعى نتنياهو إلى ضم الحزبين الآخرين إليهما.
وقالت رئيسة حزب العمل الجديدة، النائب ميراف ميخائيلي، إن حزبها الذي أظهرت الاستطلاعات أنه لن يتجاوز نسبة الحسم، بدأ يتعافى. وأشارت إلى أن استطلاعات نهاية الأسبوع دلت على احتمالات كبيرة أن يتجاوز نسبة الحسم. وتسعى حالياً إلى ضم أحزاب أخرى، مثل حزب «الإسرائيليين»، الذي أسسه مؤخراً رئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، الذي لمع بريقه قبل شهر ولكن شعبيته تراجعت كثيراً، وتشير الاستطلاعات إلى عدم تجاوزه نسبة الحسم. وحسب استطلاعات داخلية فإن قائمة موحدة كهذه برئاسة ميخائيلي ستحصل على عدد أصوات أكثر من تحالف برئاسة خولدائي، مما جعله يفكر بالانسحاب والاعتزال. وقد أعلن شريكه في الحزب، النائب آفي نيسانكورين، وزير القضاء السابق، أنه قرر عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».