تقرير أردني: «المال الفاسد» أثر على الانتخابات

TT

تقرير أردني: «المال الفاسد» أثر على الانتخابات

أكد تقرير أردني، صدر، أمس (الأحد)، عن منظمة محلية، أن «المال الفاسد» خلال الانتخابات الأخيرة، وما ارتبط به من عمليات شراء أصوات قبيل يوم الاقتراع، وحتى يوم الاقتراع «شكل تأثيراً على مجمل العملية الانتخابية»، كاشفاً عن انتشار «غير مسبوق لتفاقم الظاهرة»، التي بدورها أثرت سلباً على مخرجات العملية الانتخابية.
وكشف تقرير مركز الحياة «منظمة مجتمع مدني»، الذي يراقب الانتخابات عبر برنامجه، تحالف «راصد»، عن عدد من الشكاوى المتعلقة «بتدخلات من قبل بعض الجهات الرسمية وشبه الرسمية»، قبيل انتهاء موعد انسحابات المترشحين والمترشحات للانتخابات النيابية الأخيرة، بهدف تحييد وسحب بعضهم. وجاء في التقرير، الذي شارك في إعداده 3000 مراقب ومراقبة عملوا على تتبع العملية الانتخابية بجميع مراحلها، ومن خلال التعاون مع 252 مؤسسة مجتمع مدني موزعة على جميع الدوائر الانتخابية، أن «التدخلات الرسمية وشبه الرسمية أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بالتأثير على مخرجات العملية الانتخابية»، ومثال ذلك ما حصل في الدائرة الثالثة في عمان ودائرة مادبا الانتخابية.
وأكد التقرير أن العملية الانتخابية بجميع مراحلها، شهدت تحويل 51 قضية مرتبطة بعمليات شراء الأصوات، واستخدام المال الفاسد، منها 9 قضايا حولت إلى الأجهزة الأمنية، بينما حولت 42 قضية إلى المدعي العام، وتم البت بعدد محدود من القضايا، على الرغم أن «كافة القضايا التي تم تحويلها إلى المدعي العام من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات، تم تدعيمها بأدلة كافية».
وذكر التقرير أن إطالة أمَد التقاضي في الشكاوى المحولة ساهمت «بإضعاف ثقة المواطن في مدى كفاية التشريعات والممارسات في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، والحد من هذه الظاهرة، وساهم في ازدياد حالات شراء الأصوات».
وذكر التقرير أن متابعة أداء العاملين والعاملات في الانتخابات، أظهرت «ضعفاً ملموساً في تطبيق الإجراءات والتعليمات الخاصة بالعملية الانتخابية، لدى كوادر لجان الانتخاب المنتشرة في كافة دوائر المملكة»، وخصوصاً في «عمليات التجميع النهائي التي شهدت العديد من الممارسات والاجتهادات الشخصية». كما كشفت عملية المراقبة من قبل فريق راصد، وجود تباين في وضوح الإجراءات وتطبيقها، مما ساهم في زيادة حدة التوتر في مقار التجميع النهائي، وذلك بعد تكرار الأخطاء، أثناء عمل مدخلي البيانات، لا سيما أن عملية الإدخالات يتم بثها بشكل مباشر أمام الحضور، وهو ما أدى إلى إضعاف الثقة في اللجان، من قبل بعض المترشحين والمترشحات.
وتزامن نشر التقرير مع تصريحات للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أكد خلالها أنه «لا بد من إعادة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية، وذلك في إطار التطوير المستمر لتعزيز المشاركة السياسية، وزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان». وأكد عبد الله الثاني استمرار مسيرة التنمية السياسية، بهدف الوصول إلى «حياة حزبية برامجية راسخة، تمثل فكر الأردنيين وانتماءاتهم، وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة، وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم عبر إيصال صوتها وممثليها إلى قبة البرلمان».
وربط مراقبون، بين تصريحات الملك الأردني، وفرص حل المجلس النيابي الحالي، تمهيداً لانتخابات نيابية مبكرة بقانون انتخاب جديد، بعد النقد الذي طال القانون الحالي الذي جرت بموجبه الانتخابات الأخيرة في العاشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق نظام القائمة النسبية المفتوحة ضمن حدود 23 دائرة انتخابية موزعة على محافظات ومناطق المملكة كافة.
وفور تصريحات العاهل الأردني، اجتمع، أمس (الأحد)، في دار مجلس الأمة، رئيس الوزراء بشر الخصاونة، ورئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، ورئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات، للتشاور حول «التواصل الضروري واللازم»، مع مؤسسات المجتمع المدني والبلديات والمجتمعات المحلية والأحزاب السياسية، بغية العمل على تطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية، تنفيذاً لتوجيهات العاهل الأردني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.