الأمم المتحدة تقرر مراجعة عملياتها في غزة بعد الهجوم على مقرها

حملت {حماس} المسؤولية عن حياة وسلامة موظفيها

تحتضن مدارس «الأونروا» عشرات آلاف الفلسطينيين
تحتضن مدارس «الأونروا» عشرات آلاف الفلسطينيين
TT

الأمم المتحدة تقرر مراجعة عملياتها في غزة بعد الهجوم على مقرها

تحتضن مدارس «الأونروا» عشرات آلاف الفلسطينيين
تحتضن مدارس «الأونروا» عشرات آلاف الفلسطينيين

أعلن روبرت سيري، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، أنه سيقوم بإجراء مراجعة طارئة لعمليات الأمم المتحدة في غزة، ردا على محاولة متظاهرين غاضبين، أول من أمس، اقتحام مقرها الرئيسي في القطاع، للاحتجاج على قرار وقف المساعدات لمتضرري الحرب. وأوضح سيري في بيان أن «هذه الحادثة الخطيرة تأتي في سياق التحريض المتزايد ضد الأمم المتحدة في غزة»، وقال إنه «بفضل التدابير الاحترازية التي تم اتخاذها مسبقا لم يصب أي أحد من موظفي الأمم المتحدة العاملين بالمجمع بأذى، ونحن نعبر عن بالغ القلق من عدم اتخاذ قوات الأمن في غزة التدابير اللازمة في الوقت المناسب لحماية مقر الأمم المتحدة». وذكر سيري أنه سيواصل «تحميل حركة حماس المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة موظفي الأمم المتحدة وعملياتها في غزة، إلى حين نقل المسؤولية الأمنية الكاملة في غزة إلى السلطة الفلسطينية الشرعية»، وقال بهذا الخصوص: «لقد أوضحنا في تقاريرنا إلى مجلس الأمن أن الوضع في غزة أصبح متقلبا للغاية مرة أخرى، ومستمرا في التدهور، ما لم تجر معالجة عدد من القضايا الأساسية الهامة بحس عال من التصميم والإلحاح، كما نجدد حثنا للمانحين على دعم العمليات الإنسانية والوفاء بالتعهدات التي أعلنوا عنها في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة».
لكن حركة حماس رفضت اتهامات سيري؛ إذ قال القيادي في الحركة صلاح البردويل: «لقد كان حريا بالسيد سيري، وبدل توزيع الاتهامات، أن يبحث تداعيات القرار الخطير الذي اتخذته الأمم المتحدة من وقف عمليات الإعمار، وتقديم المساعدات لمتضرري العدوان الأخير على غزة».
وأضاف البردويل لموقع «الرسالة» الموالي لحركة حماس، أن «اتهامات روبرت سيري لحركة حماس بالمسؤولية عن أمن وسلامة موظفي الأمم المتحدة، هو محاولة للقفر على الواقع.. فالجماهير أرادت أن تقول لسيري إنها لن تقبل أن تكون الأمم المتحدة جزءا من عملية الحصار المفروض على غزة». وأكد البردويل أن حركته ليست مع أي شكل من أشكال العنف والتعدي على المؤسسات الدولية، لكن «على سيري أن يفكر كثيرا، ويعيد النظر في القرار التي اتخذته الأمم المتحدة مؤخرا».
وكان متظاهرون قد اقتحموا، أول من أمس، مكاتب «وكالة الغوث» وأضرموا النار في إطارات للسيارات قبالة المقر، احتجاجا على قرار الوكالة وقف تقديم المساعدات المالية للذين دمرت بيوتهم، أو بدل الإيجار في قطاع غزة بسبب نقص التمويل. وحمل المتظاهرون الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وروبرت سيري بشكل شخصي، المسؤولية عن تعطيل الإعمار في قطاع غزة، معتبرين أن قرار الـ«أونروا» وقف المساعدات، «قرار سياسي».
من جهته، حمل أدهم أبو سليمة، رئيس الحراك الوطني لكسر الحصار، المجتمع الدولي والدول العربية، التي تعهدت بتقديم مساعدات مالية، المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، وإلحاق الضرر بآلاف الأسر التي دمرت منازلها خلال الحرب. كما حمل أبو سلمية الاحتلال المسؤولية عن مضاعفة الأزمة في حق مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة، واستمرار منع دخول وتدفق المساعدات والوقود. وطالب أبو سلمية الأمم المتحدة بموقف واضح وصريح إزاء الحصار، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه عقاب جماعي مرفوض رفضا باتا وفق القانون الدولي، مشددا على أن الأمين العام للأمم المتحدة مطالب بالتحرك العاجل إزاء منطقة يتعرض سكانها لكارثة حقيقة.
وكان يفترض أن تشرف الأمم المتحدة على عملية إعادة إعمار قطاع غزة، إثر اتفاق فلسطيني - إسرائيلي بعد الحرب على غزة الصيف الماضي، لكن لم تصل أموال من المانحين بسبب الخلافات الفلسطينية الداخلية، وعدم تسلم السلطة بشكل فعلي إدارة القطاع.
ولا يزال الآلاف في قطاع غزة من دون منازل، ويعيشون في مدراس الـ«أونروا»، أو في بيوت مستأجرة بانتظار بناء منازل جديدة لهم، ضمن خطة إعادة الإعمار. وتتبادل حماس والسلطة الاتهامات بشأن عرقلة تطبيق الاتفاق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.