أهالي طرابلس في ذهول بعد إحراق مبنى البلدية التاريخي

استنكار وغضب عارم ورفض لمقولة «الفقر هو السبب»

عدد من أبناء مدينة طرابلس تجمعوا أمام مبنى البلدية استنكاراً لحرقه (أ.ب)
عدد من أبناء مدينة طرابلس تجمعوا أمام مبنى البلدية استنكاراً لحرقه (أ.ب)
TT

أهالي طرابلس في ذهول بعد إحراق مبنى البلدية التاريخي

عدد من أبناء مدينة طرابلس تجمعوا أمام مبنى البلدية استنكاراً لحرقه (أ.ب)
عدد من أبناء مدينة طرابلس تجمعوا أمام مبنى البلدية استنكاراً لحرقه (أ.ب)

غضب عارم في طرابلس، بعد ليلة سوداء مساء الخميس الماضي، انحرفت خلالها الاحتجاجات المتواصلة منذ يوم الاثنين عن مسارها، لتجهز مجموعة من المخربين على أهم مراكز المدينة ورموزها الإدارية. وتمكن هؤلاء الذين انفض عنهم المحتجون السلميون، من إحراق جزء من مبنى المحكمة الشرعية السنية الموجودة في السراي التي تعرضت لهجوم يومي بقنابل المولوتوف. وبدا مدخل مبنى المحكمة صباح أمس وجانب من الطابق الأرضي متفحماً. ونجت وثائق الأحوال الشخصية لحسن الحظ. لكن رمزية الهدف أججت المشاعر، واستفزّت مشايخ المدينة الذين تنادوا للدفاع عن الممتلكات التي لا يجوز أن تستباح على هذا النحو.
وانتقل المخربون يجوبون شوارع طرابلس ويعيثون فساداً ليصلوا مبنى البلدية التاريخي، وسط المدينة، الذي يعود بناؤه إلى تسعين سنة مضت. اقتحموا المبنى وسرقوا، وأضرموا فيه النيران. وهذا المبنى الجميل من الحجر، يقول الدكتور خالد تدمري، عضو المجلس البلدي في طرابلس، ورئيس لجنة الآثار والتراث والسياحة: «إن المخربين كانت معهم شاحنة صغيرة، وتمكنوا من سرقة بعض الموجودات، فيما أضرموا النيران التي أجهزت على الطابق الأرضي، ونجا الطابقان العلويان بمحتوياتهما، وبقي الجزء الخارجي من المبنى سالماً».
ويؤكد تدمري: «إن الأرشيف وكل الوثائق العقارية والهندسة وغيرها، لم تمس، كما أن خرائط فرنسية تعود إلى عام 1931 بقيت محفوظة، وكذلك كل السجلات التي ترجع إلى بداية ستينات القرن الماضي». ومن محاسن الصدف «إن حجراً أثرياً محفورة عليه عبارات، استخدم لافتتاح مدرسة سبط العطار، معروض عند مدخل البلدية، وله قيمة تاريخية كبيرة، عمره 700 سنة، لم تمسه النيران».
وهذا المبنى ذو الطراز العثماني وضعت هندسته الأولى في أواخر الحكم العثماني أيام السلطان عبد الحميد، لكن لم ينجز الطابق الأرضي منه إلا في سنة 1929 بعد دخول الفرنسيين، فيما اكتمل بناؤه بطوابقه الثلاثة عام 1931. وهو جزء من وسط المدينة التاريخي الذي كان يضم السراي العتيقة، وساعة التل، وعدداً من المباني التراثية.
وأصاب مشهد الخراب والسيارات المحترقة، والعبث الذي عاثه المخربون في شوارع المدينة، الأهالي بالذهول. وتنادى المواطنون إلى وقفه احتجاجية أمام البلدية، رفضاً لما تعرضت له من انتهاك. ويرفض د. تدمري القول إن التخريب هو عمل فقراء غاضبين. ويضيف: «الفقر تعاني منه طرابلس منذ ثلاثين سنة، ومع ذلك لم يتظاهر الأهالي يوماً إلا بطرق ديمقراطية وسلمية. وفي كل مرة يحدث فيها تخريب، نعرف جيداً أن المعتدين هم طابور خامس، ويتوجب عدم السكوت عليهم. أهل المدينة نعرف شيمهم، ولا يمكن أن يحرقوا بلديتهم».
ويستغرب صفوح المنجد رئيس «المجلس الثقافي للبنان الشمالي»، وهو الذي كتب عن مبنى البلدية التاريخي، ومراحل بنائه التدريجي، مما حصل مؤكداً أنه «طوال الحرب الأهلية لم يمس هذا البناء أحد، ولم يعتدَ عليه. ومن المستهجن أن تمتد إليه يد العبث الآن. فكل ما احتاجته البلدية بعد الحرب الأهلية بعض الصيانة والدهان».
وجدير بالذكر أنه إمعاناً في التخريب، احتجزت مجموعة من الحارقين رجال الدفاع المدني في مركزهم، واستولت على مفاتيح سيارات الإطفاء، لتأخيرهم عن إخماد النيران، وهو ما ساهم بالفعل في القضاء على طابق بأكمله.
وجاب المخربون الأحياء، وحاولوا الاعتداء على عدة مؤسسات منها مالية طرابلس، ولم يفلحوا، كما انتقلوا إلى مركز العزم الثقافي، البعيد عن مناطق الاحتجاجات وحاولوا اقتحامه. وهو يحوي جامعة ومدرسة ومعهداً. وصدرت بيانات عدة، تندد بما حصل، وتنادى المواطنون أثناء أعمال الشغب للنزول إلى الشوارع لحماية ممتلكاتهم. وبدا أن الإحساس بالأمن يتضاءل بعد أن تعرضت أكبر الإدارات للتخريب. وكتب أحدهم «اليوم السرايا والبلدية، غداً بيتي وبيتك، علينا أن نبدأ بحماية أنفسنا من الآن».
وعقدت فعاليات المدينة على اختلافها اجتماعاً في دار الفتوى، وأصدرت بياناً جاء فيه «إن الواقع المزري جعل المدينة عرضة للاستغلال من قبل الأيادي الخبيثة والغريبة، والعبث، ومحاولة الإجهاز على حاضرها ومستقبلها ومحو تاريخها وأصالتها». أضاف البيان: «أبناء طرابلس الأصليون والأصلاء لا يحرقون بلدهم ولا ينتحرون في مؤسساتهم العامة والخاصة، وهم الضحية في كل مفصل وفي كل منعطف يمر بالبلد». ولفت إلى أن «عبث الأيادي المندسة والمتورطة بمدينتنا ومؤسساتها الرسمية وممتلكاتها العامة والخاصة ليس إلا مؤامرة على المدينة ولا يمت إلى المطالب المحقة بحال من الأحوال».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.