الحكومة السودانية: جيشنا لن يتراجع عن أراضيه مع إثيوبيا

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
TT

الحكومة السودانية: جيشنا لن يتراجع عن أراضيه مع إثيوبيا

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

لم تسفر وساطة جنوب السودان لتهدئة الأوضاع الحدودية بين السودان وإثيوبيا عن نتائج تذكر، وفي الأثناء تنشط الدبلوماسية السودانية في جولات مكوكية على مستوى دول المنطقة العربية والأفريقية لتوضيح موقفها بشأن قضية الحدود، ورفضها لأي تصعيد يؤدي إلى حرب بين البلدين.
وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميادريت أبدى رغبة في التوسط بين السودان وإثيوبيا للتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي لقضية الحدود وفق الحدود الدولية المعروفة، وجدت مبادرته موافقة من الخرطوم.
وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، «لا يوجد جديد» فيما يتعلق بجهود حكومة جنوب السودان في الوساطة بين البلدين. وأضاف أن إثيوبيا أبلغت الوساطة، بأنها لن تتفاوض إلا بعد عودة الجيش السوداني عن المناطق الحدودية التي سيطر عليها خلال الفترة.
وأشار صالح إلى أن هذه المسألة «غير قابلة للنقاش»، وأن جيش بلاده أعاد انتشاره داخل حدوده، بموجب الاتفاقيات الدولية الموقع بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية: «تحدثنا مع إثيوبيا مباشرة، وأوضحنا لها أن جيشنا أعاد السيطرة على مناطقه داخل حدوده، وأنه لن يتراجع».
وقال صالح: «جنوب السودان دولة شقيقة، ورأت أن تتدخل كوسيط للتباعد بين السودان وإثيوبيا في مسألة الحدود»، مضيفاً: «نحن لم نرفض أن تقوم بدور الوساطة، لكن لا يوجد جديد بشأن تحركاتها. وأن رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت عرض على رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، مبادرة وساطة لحل الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا».
ووجدت وساطة سلفاكير ترحيباً من مجلسي السيادة والوزراء، للتأكيد على مبدأ السودان الحلول الأفريقية لتحديات القارة. ولا يعترف السودان بوجود نزاع حدود مع إثيوبيا، ويرفض اللجوء إلى التحكيم، ولا يسعى لأي وساطة مع إثيوبيا في حدوده وأرضه.
وشهدت الأيام الماضية تحركات دبلوماسية سودانية مكثفة لكبار المسؤولين في السلطة الانتقالية في السودان إلى دول السعودية ومصر وجنوب أفريقيا، وستتواصل الجولات إلى دول أخرى خلال الأيام المقبلة، لتنوير قادة تلك الدول بموقف السودان من مسألة الحدود.
وأعلنت الحكومة السودانية في 31 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استعادة كامل أراضيها على الحدود مع إثيوبيا، على أثر هجوم لقوات وميليشيات إثيوبية على مناطق داخل حدوده.
وأنهى عضو مجلس السيادة الانتقالي، محمد الحسن التعايشي، أول من أمس زيارة لدولة جنوب أفريقيا، التقى رئيسها، سيريل رامافوزا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، الذي بدوره وعد بنقل ملف الحدود بين السودان وإثيوبيا لرئاسة الاتحاد المقبلة.
وكان وزير الخارجية السودانية عمر قمر الدين، أكد في تصريحات صحافية عقب عودته من جنوب أفريقيا، أن بلاده تسعى للحل السلمي فيما يلي الحدود مع إثيوبيا، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي تتهم فيها إثيوبيا السودان بالدخول في أراضيها وأن الخرائط والوثائق تؤكد أن الحدود تم ترسيمها منذ عام 1902 باعتراف إثيوبيا نفسها.وشدد قمر على حرص حكومة السودان على توضيح وجهة نظرها لكل الدول الأفريقية خلال القمة الأفريقية المقبلة في أديس أبابا في الفترة من 4 إلى 8 من فبراير (شباط) المقبل.
وكانت السطات السودانية فرضت في منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي حظر الطيران في أجواء ولاية القضارف، ويشمل نطاق الحظر مناطق الفشقة الكبرى والصغرى التي استعادها الجيش السوداني خلال انتشاره في أراضيه.
وتصاعد التوتر الحدودي بين البلدين إبان النزاع في إقليم «التغراي» الإثيوبي، بعد مهاجمة قوات وميليشيات إثيوبية لقوات سودانية داخل أراضيها، أدت إلى مقتل 3 أفراد وضابط برتبة رفيعة.
وعلى أثر الهجوم أعاد الجيش السوداني انتشاره داخل أراضيه وسيطر على أكثر من 80 في المائة من المناطق التي كانت تشهد وجود إثيوبي منذ سنوات طويلة.
وفشلت مفاوضات ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي، في التوصل لاتفاق بشأن الملف، ويطالب السودان بالبدء في وضع العلامات الحدودية وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».