السجال السياسي يجدد عقدة التمثيل الدرزي في الحكومة

بعد اتهامات «الوطني الحر» لـ«المستقبل» بشأن حقوق المسيحيين

TT

السجال السياسي يجدد عقدة التمثيل الدرزي في الحكومة

أعاد السجال بين الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، عقدة التمثيل الدرزي إلى الضوء، بمطالبة النائب طلال أرسلان بوزيرين درزيين في الحكومة، وسط تصاعد السجال بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» والردود بين الطرفين.
ويأتي ذلك في ظل «انغلاق السبل» أمام فرص إحداث خرق في مباحثات تشكيل الحكومة، مع تراجع المساعي والوساطات. وقالت مصادر قريبة من «قوى 8 آذار» مطلعة على أجواء تشكيل الحكومة، إنه لا جديد على صعيد التشكيل، لافتة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا وساطات جديدة من قبل (حزب الله)، ولا من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يتوقف عن الدعوة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت».
وقالت المصادر إنه «لا مبادرات معلنة لإحداث خرق في هذا الوقت»، مشددة على ضرورة المبادرة إلى حل العقد التي تواجه تأليف الحكومة، والمبادرة إلى حل الأزمات المعيشية والاقتصادية، لافتة إلى أن ما حصل في طرابلس «يجب أن يشكل حافزاً للتضحية، والمبادرة إلى حلحلة العقد، وتشكيل الحكومة سريعاً».
وتضاعفت العراقيل أمام تشكيل الحكومة، إثر الاتهامات المتبادلة بين الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، والتي تم التعبير عنها في السجالات التي خرجت عبر مكتبيهما الإعلاميين أول من أمس. وبينما تحدثت قناة «الجديد» عن أن مسعى مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم «لم يصل إلى أي تصور جدي للحكومة؛ بل يقتصر حتى الآن على تحضير الأجواء بين عون والحريري للتوصل إلى حل»، وأن فرنسا لم تُجرِ أي اتصال بأي مسؤول لبناني حتى الآن، رغم أنها تحضر الأجواء لاستئناف مبادرتها لتشكيل الحكومة، تواصل الاشتباك بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، وتبادل الاتهامات بالتعطيل، على خلفية التعثر في تشكيل الحكومة.
واعتبرت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» بعد اجتماعها الدوري برئاسة باسيل، أن «مأساة طرابلس تستدعي ‏من رئيس الحكومة المكلف، الإسراع في تشكيل حكومة بالاتفاق والشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، تحظى بدعم سياسي ووطني واسع، بناءً على برنامج إصلاحي يستجيب لتطلعات اللبنانيين، ويقنع الدول المعنية بالمساعدة، وفي مقدمتها فرنسا».
وهاجم «التيار» الرئيس المكلف، قائلاً في بيان: «إن الاعتبار الوطني يحتم أن يتوجه ‏رئيس الحكومة المكلف فوراً إلى القصر الجمهوري، ويقلع عن التلهي برمي الآخرين بما هو غارق فيه من مآزق وتشابكات سياسية محلية وإقليمية وانتظارات دولية، متلطياً في خبايا جبهات واهمة». ورأت الهيئة السياسية في «التيار»: «إن الصدق في احترام حقوق المسيحيين وكل المكونات يبدأ بالإقلاع عن منطق (تربيح الجميلة) والتسليم بأن هذه حقوق وليست استعطاء، وأن حكم لبنان لا يستقيم دون شراكة فعلية ومتوازنة».
وردت هيئة شؤون الإعلام في «تيار المستقبل» على «الوطني الحر»، قائلة إنه «يصر على الاستمرار في حالة الإنكار التي يعيشها، وهي حالة مرضية سياسية يؤكد عليها أسبوعياً وفي كل بيان يصدر عنه»، ورأت أن «سياسة (تربيح الجميلة) التي يعير بها (تيار المستقبل) هي سياسة يعتمدها (التيار الوطني الحر) وموجودة في أدبياته، وقد لمسها اللبنانيون في مناسبات عديدة لا داعي لتذكيرهم بها».
واعتبر «المستقبل» أن اتهامه بـ«اعتماد منطق (تربيح الجميلة) في الحرص على حقوق المسيحيين، هو اتهام مردود على (التيار الوطني الحر)، بعدما تم اختصار حقوق المسيحيين في حقوق بعض الأزلام، وحجبها عن بقية المسيحيين، وبينها أحزاب وقيادات وشخصيات لها حضورها التاريخي، ولا تلتقي مع (التيار) على ذرة واحدة من التوافق». أما عن دعوة الرئيس المكلف إلى التوجه فوراً للقصر الجمهوري، فرأى «المستقبل» أنه «كان الأجدى لـ(التيار الوطني الحر) سؤال رئيسه السابق رئيس الجمهورية: لماذا لا يوقع على التشكيلة الحكومية الموجودة على مكتبه منذ أكثر من خمسين يوماً بدلاً من احتجازها؟ وهل من مصلحة المسيحيين أن يصبح رئيس الجمهورية اللبنانية طرفاً يمارس خلف المعايير السياسية والحكومية لجبران باسيل، فيتخلى عن التزامه بحكومة من 18، ويعود إلى نغمة العشرين؟». وختمت البيان بالقول: «إننا في زمن العهد القوي جداً في التعطيل والعرقلة والتسلق فوق حقوق الطائفة، للانقلاب على اتفاق الطائف». وتصطدم الحكومة بالخلاف على تسمية الوزراء المسيحيين والحقائب الوزارية، وقبلهما على حجم الحكومة، إذ يصر الحريري على أن تكون من 18 وزيراً، بينما يصر عون على أن تكون من 20 وزيراً، بما يتيح إضافة وزيرين: أحدهما لطائفة الدروز والثاني من الطائفة الكاثوليكية، بما يزيد حصة الطائفتين في التمثيل الحكومي من وزير واحد إلى اثنين.
وإثر السجال على حجم الحكومة، قال المكتب الإعلامي لرئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان في بيان: «إن مقاربة موضوع التمثيل الدرزي في الحكومة هي مقاربة ميثاقية ودستورية ووطنية بامتياز، ولا علاقة لها بالخلافات السياسية». وأضاف: «من المفيد تذكير المعنيين بأن التمثيل الدرزي الصحيح في الحكومة هو حق مكتسب وليس منة من أحد، والسعي إلى تقليص هذا التمثيل إلى وزير واحد هو تطاول على حقوق الدروز، ولا يملك أحد هذا التوكيل، لا الرئيس المكلف ولا أي فريق سياسي آخر، ولن نسمح بهذا التطاول، ونقطة على السطر».
ورد نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش على أرسلان قائلاً: «من يتحدث اليوم عن حقوق الدروز يريد فقط ضرب مرجعيتهم الحقيقية لخدمة (رئيس «التيار الوطني الحر» النائب) جبران باسيل الذي يأخذه متراساً للتعطيل». وأكد علوش أن «رئيس الحكومة المكلف لن يتخلى عن واجبه الدستوري بالتأليف الذي يضمن حقوق جميع الطوائف، فكفى مناورات فتنوية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).