دانيال أرزاني... موهبة «عاطلة» تبحث عن عمل

هل تحيي العودة إلى أستراليا مسيرته الكروية بعد عامين من الركود في أوروبا

كان أرزاني (رقم 17) أحد العناصر الأساسية للمنتخب الأسترالي في مونديال روسيا 2018 (غيتي)
كان أرزاني (رقم 17) أحد العناصر الأساسية للمنتخب الأسترالي في مونديال روسيا 2018 (غيتي)
TT

دانيال أرزاني... موهبة «عاطلة» تبحث عن عمل

كان أرزاني (رقم 17) أحد العناصر الأساسية للمنتخب الأسترالي في مونديال روسيا 2018 (غيتي)
كان أرزاني (رقم 17) أحد العناصر الأساسية للمنتخب الأسترالي في مونديال روسيا 2018 (غيتي)

عشية مباراة الديربي التي فاز فيها ملبورن سيتي على ويسترن يونايتد بهدفين مقابل هدف وحيد، وُجه إلى المدير الفني لملبورن سيتي، باتريك كيسنوربو، سؤال كان يتوقع طرحه بكل تأكيد وهو: هل يرغب في عودة دانيال أرزاني إلى تشكيلة الفريق مرة أخرى؟ ورد كيسنوربو قائلاً: «إذا كان هذا الخيار متاحاً، فربما نتحدث عنه. لم أتحدث إلى دانيال، وهو صاحب القرار في نهاية المطاف. إنني أركز الآن على ما نقوم به هنا في الوقت الحالي. وأتمنى فقط لدانيال كل التوفيق فيما سيقوم به خلال مسيرته الكروية».
ومن المؤكد أن غالبية الأندية في الدوري الأسترالي الممتاز تتمنى التعاقد مع أرزاني، الذي يتميز بصغر سنه ويمتلك قدرات فنية وبدنية هائلة. لكن السؤال المهم حقاً هو: هل يرغب أرزاني نفسه في العودة إلى أستراليا؟ من الواضح، حتى الآن على الأقل، أن أرزاني لا يلعب مع نادي أوتريخت الهولندي وغير مرغوب به هناك (يلعب على سبيل الإعارة من مانشستر سيتي)، لكن رغم ذلك فإنه لا يفضل العودة إلى أستراليا ولا يزال يحلم بالتألق في الملاعب الأوروبية.
ومع ذلك، فإن العودة إلى الوطن، مهما كانت لفترة قصيرة، يمكن أن تساهم في إحياء المسيرة الكروية للاعب الذي لا يشارك في المباريات منذ عامين كاملين. والأهم بالنسبة لأرزاني أن العودة لأستراليا ستساعده على العودة للمشاركة في المباريات واستعادة مستواه قبل أشهر من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية، على أمل المشاركة مع منتخب بلاده تحت 23 عاماً، وقبل عامين من نهائيات كأس العالم المقبلة. وبعد ستة أشهر من الانتقال إلى الدوري الهولندي الممتاز، لم يشارك أرزاني سوى في أربع مباريات في الدوري لمدة 58 دقيقة مجتمعة. وخلال الأسبوع الماضي، قال المدير الفني المعين حديثاً لنادي أوتريخت، رينيه هوك، لوسائل الإعلام الهولندية: «من الواضح أنه لم يكن على مستوى توقعاتنا»، ملمحاً إلى أن اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً قد يرحل عن النادي قريباً.
وفي حالة حدوث ذلك، فإن القرار التالي الذي سيتخذه أرزاني وناديه الأصلي مانشستر سيتي سيكون حاسماً في مسيرته الكروية. وخلال موسم 2017 - 2018 الذي تألق فيه أرزاني بشكل لافت في الدوري الأسترالي الممتاز وهو لا يزال في التاسعة عشرة من عمره، أشاد به المدير الفني لنادي ملبورن سيتي، وارين جويس، ووصفه بأنه «يمتلك القدرات التي تمكنه من الفوز بالمباريات وخلق الفرص». لكنه أشار في الوقت نفسه إلى «الكثير من العادات السيئة» التي تتطلب العمل من أجل التخلص منها. ولم يكن ذلك إهانة لأرزاني، بل مجرد اعتراف بحاجته إلى التطور والتحسن.
وقضى أرزاني موسماً آخر مع ملبورن سيتي قبل أن يرحل عن الفريق. وكان أرزاني أحد العناصر الأساسية للمنتخب الأسترالي في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، ولعب مباراتين في دور المجموعات بالمونديال. وبعد نهاية البطولة، انتقل إلى نادي مانشستر سيتي الذي أعاره بدوره إلى سيلتيك. وحاول المدير الفني للنادي الأسكوتلندي آنذاك، بريندان رودجرز، تخفيف الضجة المثارة حول اللاعب وأدلى ببعض التصريحات التي تبدو منطقية تماماً اليوم، حيث قال: «دانيال لم يلعب لمدة 90 دقيقة كاملة، سواء هنا أو في أستراليا. هذا لاعب شاب تألق في وطنه ويمتلك موهبة كبيرة، لكنه لا يزال حديث العهد في حياته كلاعب محترف، ولم ينضم إلينا إلا منذ ثلاثة أسابيع».
وأضاف: «إنه بحاجة إلى بعض الوقت من أجل التكيف مع العيش في بلد جديد واللعب لنادٍ جديد، ولعب كرة القدم بشكل مختلف. الأمر يتطلب فقط بعض الوقت، فهو لاعب شاب وموهوب، والمهم بالنسبة لأي لاعب شاب وموهوب هو أن يتمكن من الانتقال من مرحلة الموهبة إلى مرحلة الاحتراف». وتابع: «ستكون مهمتنا هي مساعدته على تقديم مستويات تناسب حجم التوقعات المعقودة عليه، ففي أستراليا يأملون أن يصل كل لاعب شاب وموهوب إلى مكانة هاري كيويل. لقد كان هاري موهبة استثنائية، لكن دانيال ما زال صبياً صغيراً يمتلك موهبة جيدة. وعلى مدار السنوات القادمة، سنرى ما إذا كان بإمكانه الالتزام وتقديم مستويات تتناسب مع حجم الموهبة التي يمتلكها».
لكن أرزاني لم يتمكن حتى الآن من تقديم المستويات المتوقعة. ويرى كثيرون أنه يتعين على أرزاني أن يواصل القتال من أجل الحصول على فرصة في الملاعب الأوروبية، مطالبين إياه بألا يعود إلى أستراليا الآن. وحتى كويل نفسه قال ذلك مؤخراً، وأشار في الوقت نفسه إلى أن الأستراليين يفتقرون إلى «الجرأة» التي كان يتمتع بها اللاعبون الأستراليون في السابق، عندما كان يلعب بشكل أساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز وهو في التاسعة عشرة من عمره. وأعرب مساعد المدير الفني لمنتخب أستراليا، رينه ميولينستين، خلال الأسبوع الحالي عن أمله في أن ينتقل أرزاني إلى نادٍ آخر في هولندا على سبيل الإعارة.
وبالطبع ستكون هذه خطوة جيدة إذا كانت ستضمن للاعب المشاركة في المباريات. ولم يلعب أرزاني سوى 130 دقيقة فقط في مسابقات الدوري الممتاز مع الأندية التي لعب لها - لكنه لعب عدداً أكبر من الدقائق في دوري الدرجة الثانية بهولندا - منذ آخر مباراة له مع ملبورن سيتي في أبريل (نيسان) 2018. وبالتالي، من الواضح أن العودة إلى أستراليا لإحياء مسيرته الكروية والعودة إلى مستواه السابق لن تكون فشلاً أو خطوة إلى الوراء. وبدلاً من ذلك، ستكون هذه الخطوة بمثابة اعتراف بأن المشاركة في وقت أكبر من المباريات بالمقارنة بالوقت الذي حصل عليه مع فريق الرديف بنادي أوتريخت أو فريق مانشستر سيتي تحت 23 عاماً، ستكون أفضل بكثير من مجرد الوجود في نادٍ أوروبي من دون المشاركة في المباريات.
وستكون هذه الخطوة أيضاً بمثابة اعتراف بأن الظروف الخارجة عن سيطرة الفرد في بعض الأحيان هي التي تحدد النجاح أو الفشل. ومن بين هذه الظروف تعرضه لإصابة بقطع في الرباط الصليبي في أول مشاركة له مع الفريق الأول بنادي سيلتيك، أو تغيير غير متوقع للمدير الفني للفريق الذي يلعب له. وفي بعض الأحيان، يكون من المفيد أن يتخذ اللاعب خطوة للوراء حتى يستعيد مستواه ويكون قادراً على الانطلاق مرة أخرى. قد لا يكون ذلك مناسباً لنموذج العمل في «مجموعة سيتي لكرة القدم»، لكن يجب أن نعرف أن عمل الهيئات والمؤسسات ليس ثابتاً ويتغير بمرور الوقت.
وكان آرون موي، خريج آخر من مجموعة سيتي لكرة القدم، في نفس عمر أرزاني تقريباً عندما عاد من سانت ميرين للانتقال إلى ويسترن سيدني، قبل أن ينتقل إلى ملبورن سيتي، الذي أعده بشكل مناسب للنجاح في الخارج مع برايتون عبر بوابة هدرسفيلد تاون.
وعلاوة على ذلك، يجب أن يعرف أرزاني أن عودته إلى أستراليا لن تقلل فرص عودته لصفوف المنتخب الأسترالي، والدليل على ذلك أن هناك العديد من اللاعبين الذين انضموا لصفوف المنتخب الوطني وهم يلعبون لأندية محلية، مثل رايان غرانت الذي أصبح لاعباً أساسياً في صفوف منتخب أستراليا وهو يلعب مع نادي سيدني، كما عاد جيمس ترويسي وتومي جوريك إلى صفوف المنتخب الوطني من خلال ناديي ويسترن سيدني واندررز، وأديلايد يونايتد، على الترتيب. إن إعادة التقييم لا يعني الهزيمة، ومن المرجح أن يعود أرزاني إلى مكانته الطبيعية كلاعب كبير في حال قيامه ببعض الأشياء الصغيرة التي ستساعده على إحياء مسيرته الكروية مرة أخرى.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».