اتفاق على إعلان الحكومة السودانية الخميس المقبل

النيابة العامة تلغي حصانة «جهاز الأمن»

اتفاق على إعلان الحكومة السودانية الخميس المقبل
TT

اتفاق على إعلان الحكومة السودانية الخميس المقبل

اتفاق على إعلان الحكومة السودانية الخميس المقبل

اتفق مجلس شركاء الفترة الانتقالية في السودان على تشكيل الحكومة الجديدة في الرابع من فبراير (شباط) المقبل، واستكمال مجلس السيادة الانتقالي بإضافة ثلاثة من قادة الحركات المسلحة، الموقعة على اتفاق سلام جوبا، للمجلس.
وعلمت (الشرق الأوسط) أن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، أمهل كل المكونات السياسية 48 ساعة للدفع بقوائم المرشحين للوزارة الجديدة.
وكان رئيس الوزراء قد دعا الأسبوع الحالي «قوى التغيير» و«الجبهة الثورية»، بالتعجيل برفع قوائم الترشيحات لشغل الحقائب الوزارية في التشكيل الحكومي، مبديا مخاوف من حدوث فراغ سياسي في البلاد، بسبب تأخر تشكيل الحكومة.
وذكر تعميم صادر عن مجلس السيادة، أن اجتماع مجلس الشركاء، الذي عقد أمس، برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، توصل لاتفاق على فترة زمنية لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية، المجالس الثلاثة (السيادة والوزراء والتشريعي).
وحدد الاجتماع الرابع من فبراير المقبل موعدا لإعلان التشكيل الوزاري الجديد، واستكمال مجلس السيادة الانتقالي، بتعيين ثلاثة أعضاء قادة أطراف السلام، وهم رئيس الحركة الشعبية مالك عقار، ورئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع حدد 31 من يناير (كانون الثاني) الحالي لطرح برنامج الحكومة الجديدة، والخامس عشر من فبراير المقبل لتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي والمفوضيات.
ويضم مجلس الشركاء، الذي تم تكوينه في ديسمبر (كانون الأول) 2020، 29 عضواً من قوى التغيير والجبهة الثورية، بجانب ممثلين للعسكريين في مجلس السيادة. وأثار تشكيل المجلس خلافات حادة بين مجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير من جهة، والمكون العسكري في مجلس السيادة، بسبب الصلاحيات والاختصاصات، التي تتغول على صلاحيات مجلس الوزراء. وسيعقد المجلس اجتماعا (الأحد) المقبل لمواصلة المناقشات حول الموضوعات المتبقية.
من جهة ثانية، علمت (الشرق الأوسط) من مصادر متطابقة أن المجلس المركزي لـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، أعلى هيئة سياسية في التحالف، أجاز أمس قوائم المرشحين للوزارة الجديدة. وأفادت المصادر ذاتها أنها ستدفع في غضون الساعات المقبلة بأسماء المرشحين لرئيس الوزراء، حيث تم التوافق على تقديم قائمة موحدة من كل شركاء الفترة الانتقالية. وتسببت الخلافات الحادة داخل أطراف عملية السلام في اختيار مرشحيها في الحكومة، وفي تأخير تسليم القوائم لرئيس الوزراء للاختيار بين المرشحين.
ويقود فريق وساطة من جنوب السودان مشاورات مارثونية مع الفصائل المسلحة، الموقعة على اتفاق سلام جوبا، لحثها على التوافق على مرشحيها في الحكومة الجديدة.
ونصت اتفاقية السلام على تمثيل قوى السلام بنسبة 25 في المائة من مقاعد الحكومة الانتقالية، و3 أعضاء في مجلس السيادة، و75 عضوا في المجلس التشريعي. وانتهت المشاورات المكثفة بين الأطراف، والتي استغرقت بضعة أشهر، على الاتفاق على تشكيل حكومة من 26 وزارة، من بينها 7 وزارات للجبهة الثورية المنقسمة لتحالفين.
من جهة ثانية كشفت النيابة العامة السودانية عن قرار بإلغاء «الحصانات»، التي كانت ممنوحة لضباط وأفراد جهاز الأمن الوطني، وإيداع مشروع قانون جديد لتنظيم رفع الحصانات على منضدة وزارة العدل، في وقت يزداد فيه السخط الشعبي، الذي وصل حد اتهام السلطات بالتواطؤ معه، خاصة قضية عدم تسريع تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت، الصادر بحق عدد من عناصر الجهاز.
وقال النائب العام تاج السر الحبر، خلال افتتاح نيابة جديدة لمكافحة الفساد بالخرطوم، إنه قدم مشروع قانون لتنظيم الحصانات لوزارة العدل للإجازة، مبرزاً أن القانون «قيد الدراسة»، ومؤكداً إلغاء النص في القانون، الذي يعطي جهاز الأمن حصانات وصلاحيات واسعة.
وأعطى قانون الأمن الوطني لعام 2010 حصانات، وصلاحيات واسعة لضباط وأفراد جهاز الأمن الوطني، منع بموجبها اعتبار أي تصرف يصدر عن أي عضو في الجهاز أثناء تأديته لمهامه «جريمة»، وعدم إجباره على الإدلاء بأي معلومات، كما أنه لا يجوز اتخاذ أي إجراءات جنائية أو مدنية ضده، وأن تكون محاكمة أي فرد من الجهاز سرية، إلا بموافقة المدير العام للجهاز.
وأوضح الحبر أن موضوع تفسير الحصانات «ما زال محل أخذ وردّ» بين الجهات التشريعية والمختصة، وقال بهذا الخصوص: «هناك خلاف بين الشرطة والنيابة في تفسير نصوص الحصانة». داعياً الأجهزة المختلفة للتعاون مع النيابة بشأن رفع الحصانات.
وبموجب هذا القانون، فإن الجهاز «سيئ السمعة» ارتكب كثيراً من الفظائع في عهد نظام الإسلاميين المعزول، تضمنت التوقيف التحفظي للمعارضين لفترات طويلة، والتعذيب الممنهج، والحرمان من العمل، والقتل خارج القانون، وكان من يرتكب هذه الجرائم من أفراد الجهاز، سواء بالأوامر أو لحسابهم الشخصي، لا يقدمون للمحاكمات، وكان يترك الأمر للمدير العام الذي يملك صلاحيات واسعة.
ويعرض التلفزيون الرسمي السوداني هذه الأيام تحقيقاً مسلسلاً بعنوان «بيوت الأشباح»، يستضيف فيه عدداً من ضحايا التعذيب من المعارضين لنظام الإسلاميين، والذين أخضعوا لتعذيب قاسٍ وعنيف من قبل الجهاز، لقي بعضهم مصرعه تحت التعذيب.
و«بيوت الأشباح» هي معتقلات غير رسمية وغير معروفة، وعبارة عن منازل عادية بين الأحياء، يتم اقتياد المعارضين السياسيين إليها، وممارسة أقصى درجات التعذيب عليهم من قبل الجهاز وأفراده. وقد لقي عدد من المعارضين حتفهم أثناء التعذيب في تلك البيوت سيئة السمعة، وأصيب آخرون بعاهات مستديمة، وزعم بعضهم أنهم تعرضوا لانتهاك الكرامة والاغتصاب.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2019، أصدرت محكمة سودانية حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت على 29 من عناصر جهاز الأمن، بعد أن إدانتهم بقتل المعلم والناشط السياسي المعارض أحمد الخير عوض الكريم أثناء اعتقاله في أحد المقار التابعة لجهاز الأمن في يناير (كانون الثاني) 2018. إثر تعرضه لتعذيب وحشي وانتهاكات جسيمة للكرامة الإنسانية، بعد توقيفه لمشاركته في الثورة الشعبية التي أسقطت نظام عمر البشير.
وبانتصار الثورة التي أسقطت حكم الرئيس المعزول، طالبت جهات كثيرة بحل جهاز الأمن الوطني، وإنشاء جهاز بديل. بيد أن العسكريين الذين تسلموا السلطة وأعضاء المجلس العسكري الانتقالي، الذي خلف البشير، لم يسهلوا حل الجهاز على الحكومة المدنية.
وأصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، في أغسطس (آب) 2019، مرسوما دستورياً عدّل بموجبه قانون الأمن الوطني، فتم بموجبه تعديل اسم الجهاز من «جهاز الأمن والمخابرات الوطني» ليصبح «جهاز المخابرات العامة»، وجمد المادة 50 من القانون، التي تعطي الجهاز سلطة القبض والتفتيش، وحصر مهامه في جمع المعلومات وتحليلها، وتقديمها للجهات المعنية في الدولة.
لكن النشطاء السياسيين لا يعتبرون هذا التعديل كافياً، ويطالبون بحل الجهاز وتأسيس جهاز جديد بديلاً عنه، وتصفيته من العناصر الموالية للنظام المعزول، ليتماشى مع روح الثورة التي أسقطت النظام الإسلاموي، بل يذهب البعض إلى أن الجهاز ما زال موجوداً بشكله القديم.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».