مواقف لبنانية ترفض «الحل الأمني» للأزمة المعيشية

«المستقبل» ينتقد «مخطط أقبية المخابرات»... وميقاتي يحذر من «استغلال حاجات الناس»

شبان يركضون هرباً من قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت عليهم في طرابلس أمس (أ.ب)
شبان يركضون هرباً من قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت عليهم في طرابلس أمس (أ.ب)
TT

مواقف لبنانية ترفض «الحل الأمني» للأزمة المعيشية

شبان يركضون هرباً من قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت عليهم في طرابلس أمس (أ.ب)
شبان يركضون هرباً من قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت عليهم في طرابلس أمس (أ.ب)

ّكان الوضع الأمني في شمال لبنان محور اللقاءات السياسية والأمنية التي عُقِدت، أمس، في موازاة مواقف مستنكرة، وأخرى ترى أن تحركات طرابلس هي نتيجة الأزمة المعيشية الخانقة التي وصل إليها اللبنانيون.
وعلّق المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان السابق، يان كوبيتش، على المستجدات في طرابلس، وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «تزايد مستوى العنف، بخاصة أثناء الاحتجاجات في طرابلس، مع سقوط عدد من الجرحى، الذين أُصيب بعضهم بجروح خطيرة؛ سواء بين المتظاهرين أو القوى الأمنية، هو رسالة أخرى للطبقة السياسية». ودعا السياسيين «إلى تشكيل حكومة فعالة بدون المزيد من التأخير»، معتبراً أنه «لم يعد باستطاعة الناس تحمل هذا السقوط الحر إلى الهاوية».
وكان هناك موقف لافت وعالي اللهجة من قبل «تيار المستقبل»، مؤكداً في بيان له أن الحل الأمني للأزمة المعيشية ليس حلاً، وأبناء طرابلس وسكانها لن يجاروا مخططاً دنيئاً يطل برأسه من أقبية المخابرات سيئة الذكر، متهماً أطرافاً في أجهزة أمنية بغض النظر عما يحصل.
وقال البيان: «بين الأيادي المشبوهة التي تعمل على إغراق طرابلس بالفوضى وبين الصرخة المحقة التي تعكس واقع المعاناة المعيشية في الأحياء الشعبية، تتصدر عاصمة الشمال المشهد السياسي والأمني والحياتي، وسط معلومات تؤكد وجود أمر مريب يعود بالذاكرة إلى مراحل الفلتان الأمني والاشتباكات المسلحة التي كانت تحصل غب الطلب».
وأضاف: «إذا كان كثير من المواقف قد أكد في الساعات الماضية على وجود جهات حزبية وسياسية وفعاليات محلية، اشتغلت على تسلق أوجاع المواطنين، وقامت بتمويل مجموعات، بعضها استقدم من خارج طرابلس والشمال، فإن أداء أطراف في أجهزة أمنية؛ سواء في غض النظر عن ممارسات مخلّة بالأمن والقانون، أو في التخلُّف عن دعم القوى الأمنية في الوقت المناسب، هي وجه من وجوه التقصير الذي يثير الشكوك ويطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الأهداف المبيتة لعمليات التخريب التي استهدفت الأملاك الخاصة والعامة في المدينة».
وفيما أكد أن المسؤولية تقتضي مقاربة وضع طرابلس بخطة واضحة ترفع عن كاهل الناس أعباء المعيشة في هذه الظروف الصعبة، سائلاً عن سبب التأخر في توزيع المساعدات التي أُقرت خلال فترة الإقفال العام، وأضاف: «هل هو متعمَّد؟ ولماذا لم يتم توزيع المساعدات قبل انفجار الغضب الشعبي؟»، وشدد على أن «الحل الأمني للأزمة المعيشية ليس حلاً، والذين يراهنون على استدراج طرابلس إلى ساحات الفوضى والفلتان يعلمون جيداً أن الأكثرية الساحقة من أبناء طرابلس وسكانها، لن يجاروا هذا المخطط الدنيء الذي يطل برأسه من أقبية المخابرات سيئة الذكر وأزلامها المعروفين».
وأسف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لمقتل الشاب عمر طيبا، ولسقوط عدد كبير من الجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين خلال الأحداث التي شهدتها طرابلس، سائلاً الله أن «يحمي طرابلس ولبنان من كل من يريد استغلال حاجات الناس لتنفيذ مخطط سياسي وأمني».
ولفت إلى أن «ما تشهده طرابلس من احتجاجات هو ترجمة لغضب كبير على إهمال الدولة وسياساتها الخاطئة، وما يستفز الناس أكثر هو اللامبالاة التي تتعاطى بها السلطة مع أوجاع اللبنانيين، لكن في النهاية، المحتجون أهلنا وأبناؤنا والقوى الأمنية والعسكرية هم أشقاؤنا، وبالتالي لا يجوز أن يتحول هذا الغضب المشروع إلى مواجهات بين المواطنين وعناصر القوى الأمنية الذين يتقاسمون المعاناة، لذلك على الجميع أن يتنبه إلى الجهات التي تحاول حرف الاحتجاجات عن مسارها المطلبي لتحقيق مكاسب على حساب الفقراء».
ورأى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن «ما جرى هو حال غضب حقيقي جراء انهيار الثقة وكل الانهيارات الاقتصادية والمعيشية والمصرفية والطبية، فاللبناني خسر ما يقارب 80 في المائة من قيمة دخله، وأصبح يتعذر على اللبنانيين القادرين أن يصلوا إلى أموالهم، وبالتالي ازداد عدد الفقراء في لبنان»، وأضاف في المقابل: «إن ما حدث من أعمال عنف وتكسير هو دليل على أن هناك مَن يندس دائماً بين صفوف المتظاهرين، ويؤدي إلى استعمال العنف، وهو أمر لا يخدم مصلحة اللبنانيين ولا يوفر رغيف خبز إضافياً».
كذلك كتب رئيس «حزب الكتائب»، النائب المستقيل سامي الجميّل، على «تويتر»، قائلاً: «أهل طرابلس وعناصر قوى الأمن كما كل لبنان هم ضحية الاستهتار وفقدان الضمير والفراغ في المؤسسات ومحاولات إرساء دولة بوليسية، بدلاً من دولة قانون سيّدة منفتحة مزدهرة وقادرة على تأمين حياة كريمة للبنانيين، في ظل حجر صحي لا مفر منه لمواجهة الوباء».
وأصدر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع موقفاً حول ما حصل في طرابلس، قائلاً في بيان له: «مواطن ينتحر يأساً، ومواطن آخر يسقط في طرابلس ضحية أعمال العنف التي اندلعت على هامش التحركات الشعبية في طرابلس وفي مناطق أخرى، رغم قرار الإقفال وخوف الناس من (كورونا). ثلاثة أشهر ونصف على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة ولا بصيص أمل في الأفق لتشكيل أي حكومة، لأنه طالما الأكثرية النيابية الحالية، والتي قوامها (حزب الله) و(التيار الوطني الحر) حاكمة ومتحكمة، فلا أمل يُرجى في أي شيء، والحاضر المباشر، كما الماضي القريب والماضي الأبعد قليلاً، خير دليل على ذلك».
في المقابل، ربط مستشار رئيس الجمهورية النائب السابق أمل أبو زيد أحداث طرابلس بعملية تشكيل الحكومة، وقال، عبر حسابه على «تويتر»: «الاحتجاجات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة وفوقها قرار الإقفال العام وجائحة (كورونا)، تكون مفهومة عندما يكون منطلقها مطلبياً بحتاً. لكن هذه التحركات تصبح غير مفهومة ومستغربة في توزيعها الجغرافي، ما يؤشر إلى رغبة في استغلال الشارع لتوجيه رسائل سياسية ضاغطة في غير مكانها في الملف الحكومي». وأضاف: «إن ما يرافق هذه التحركات من أعمال شغب ومن دخان أسود ومن تعد على الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والممتلكات العامة والخاصة، يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما إذ كان هناك منتفعون من هذه الاحتجاجات لمصالح سياسية ضيقة من جهة، وإن كانت هناك رغبة دفينة لدى البعض الآخر في زعزعة الاستقرار الأمني ونشر الفوضى التي لا تقود إلا إلى المجهول».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.