عودة الاشتباكات إلى طرابلس بين ميليشيات تابعة لـ«الوفاق»

إعادة فتح مدخل مصراتة بعد 5 أيام من الإغلاق

السراج خلال لقائه قادة غرفة «تحرير سرت والجفرة» أول من أمس (قوات الوفاق)
السراج خلال لقائه قادة غرفة «تحرير سرت والجفرة» أول من أمس (قوات الوفاق)
TT

عودة الاشتباكات إلى طرابلس بين ميليشيات تابعة لـ«الوفاق»

السراج خلال لقائه قادة غرفة «تحرير سرت والجفرة» أول من أمس (قوات الوفاق)
السراج خلال لقائه قادة غرفة «تحرير سرت والجفرة» أول من أمس (قوات الوفاق)

اندلعت في الساعة الأولى من صباح أمس اشتباكات بين ميلشيات مسلحة تابعة لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس.
وقال شهود عيان أمس إن اشتباكات بأسلحة ثقيلة ومتوسطة اندلعت قرب قاعة الشعب، كما سمع دوي إطلاق نار قرب حي الأندلس وسط المدينة.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة أو أجهزتها الأمنية، لكن مصادر قالت لوسائل إعلام محلية إن الاشتباكات نتيجة صراع بين «أجهزة أمنية» تابعة للحكومة على أحقية التمركز، من بينها قوة «الأمن العام» بقيادة عماد الطرابلسي، وقوة «الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة.
من جهة أخرى، وعقب اجتماع عقدته مع السراج، أعادت قوات تابعة للحكومة فتح بوابتي «الكراريم والدافنية»، المدخلين الشرقي والغربي لمدينة مصراتة، وأزالت السواتر الترابية من الطريق، بعد إغلاق دام خمسة أيام.
وبحسب مصادر ليبية فقد تعهد السراج بصرف كل المستحقات للقوة، وحل معاناة الجرحى خلال أسبوع واحد، خلال الاجتماع الذي عقده مساء أول من أمس بقيادات عسكرية، وممثلين عن مجالس الأعيان ورجال الأعمال وبلدية مصراتة.
ولم يكشف السراج عن تفاصيل الاجتماع، فيما تجاهله مكتبه الإعلامي. لكن غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لقوات الحكومة المعترف بها دوليا، قالت في المقابل إن السراج ناقش خلال ما وصفته بـ«اجتماع هام» بالعاصمة طرابلس، مع آمرها العميد إبراهيم بيت المال، وأعضاء المجلس البلدي مصراتة، وأعيان وحكماء المدينة، متطلبات منتسبي الغرفة، والوقوف على احتياجاتهم الضرورية، من مكافآت مالية ودعم لوجيستي متكامل؛ مشيرة إلى أن السراج «وعد بتلبية كل هذه المطالبات».
في غضون ذلك، حثت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على توحيد السلطات الانتخابية البلدية في ليبيا، وشددت في بيان لها مساء أول من أمس «على أهمية إجراء الانتخابات البلدية، مع توحيد الهيئات الانتخابية المسؤولة عن إجراء انتخابات المجالس البلدية في ليبيا»، في ظل ما وصفته باستمرار التقدم، الذي تشهده العملية السياسية من خلال «ملتقى الحوار السياسي»، لتأمين الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات المقبلة.
كما دعت البعثة «جميع الأطراف المعنية والمؤسسات والجهات الفاعلة، المشاركة في الانتخابات البلدية، بما في ذلك مجلس النواب، لدعم وتسهيل التعاون بين الكيانين الانتخابيين في طرابلس وبنغازي، كخطوة أساسية نحو توحيد المؤسسات الليبية».
واستؤنفت مطلع الشهر الماضي الدورة الثانية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا، حيث يتوقع استكمال انتخاب البلديات، البالغ إجمالي عددها أكثر من 100 بلدية، خلال العام الجاري، علما بأن الانقسام السياسي، الذي تعانى منه البلاد، أسفر عن تشكيل لجنة عليا مركزية للانتخابات موازية في المنطقة الشرقية، لكن اللجنة الرئيسية التي يوجد مقرها في طرابلس لا تعترف بها.
في شأن آخر، أعلنت الجزائر في ختام زيارة وزير خارجيتها صبري بوقادوم إلى العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، إعادة فتح سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس خلال أيام، وذلك بعد سبع سنوات من الإغلاق، وإجلاء طاقمها إثر تهديدات أمنية. وقال بيان لوزارة الخارجية إن بوقادوم تفقد مقر السفارة، تحسبا لاستئناف نشاطها الدبلوماسي في الأيام المقبلة.
في سياق مختلف، أشاد سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه أنطونيو، خلال اجتماعه أمس في طرابلس مع مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط، الموالية لحكومة «الوفاق»، بما وصفه «الموقف الوطني» الذي اتخذه الأخير، وحرصه على أن تبقى إيرادات النفط في حسابات المؤسسة إلى أن يتم التوصل لتسوية شاملة وواضحة، مؤكداً سير العملية السياسية بشكل جيد، واستمرار الاتحاد الأوروبي في دعمه للمؤسسة، كونها العمود الفقري للاقتصاد في ليبيا.
وأكد صنع الله على أن المؤسسة الوطنية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة قطاع النفط بالدولة الليبية، وهو المصدر الوحيد للدخل في البلاد، مبرزاً أنه قد تم الاحتفاظ بالأموال في حسابات المؤسسة لدى المصرف الليبي الخارجي، «بهدف ضمان استخدامها في بناء ليبيا، وخدمة لشعبها، وعدم ذهابها إلى اللصوص».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.