ليبيا: ماراثون التنافس على «السلطة التنفيذية» يدخل معركة «تكسير عظم»

4 مجموعات ترسم المشهد... وصالح وباشاغا ومعيتيق في المقدمة

وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح الدين النمروش أحد المرشحين لمنصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح الدين النمروش أحد المرشحين لمنصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الشرق الأوسط)
TT

ليبيا: ماراثون التنافس على «السلطة التنفيذية» يدخل معركة «تكسير عظم»

وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح الدين النمروش أحد المرشحين لمنصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح الدين النمروش أحد المرشحين لمنصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الشرق الأوسط)

وسط أجواء غلبت عليها «الحرب المعنوية» و«التشكيك في النوايا»، أغلق أمس باب الترشح لمناصب المجلس الرئاسي بنائبيه ورئيس الحكومة، وفقاً للآلية المتفق عليها في ملتقى الحوار السياسي لاختيار السلطة التنفيذية المؤقتة، التي ستتولى إدارة شؤون البلاد، لحين إجراء انتخابات عامة في نهاية العام الجاري.
وبدا التنافس بين الأقاليم الثلاثة محموماً على تولي هذه المناصب، منذ إعلان بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن فتح باب الترشح في 21 من يناير (كانون الثاني) الجاري، وكشف الماراثون عن تقديم أسماء مغمورة في عالم السياسة كمرشحين، في حين دفعت قبائل ومناطق مختلفة في غرب وشرق ليبيا بعشرات الشخصيات لهذا السباق.
وفيما رصدت مجموعة «الأزمات الدولية» حول ليبيا أربع مجموعات تسعى لرسم المشهد السياسي، انفتح المشهد راهناً، بحسب سياسيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، على تخوفات من تنظيم الإخوان، وعلى التحالفات الجهوية لدعم شخصيات قادمة من الصفوف الخلفية باستخدام المال السياسي. بالإضافة إلى صراع المدن، الذي سيلهب المنافسة، ويحيلها إلى معركة لتكسير العظم».
وسبق للمشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي التوافق حول تقسيم السلطات، بحيث يكون رئيس المجلس الرئاسي من إقليم (برقة) بنغازي (شرق)، مع نائبين من طرابلس (غرباً)، وفزان (جنوباً)، على أن يكون رئيس الحكومة من طرابلس، مع نائبين من (برقة) و(فزان).
وأسفرت الساعات الأخيرة قبيل غلق باب التقدم بالأسماء، أمس، عن انسحاب المستشار عبد الجواد فرج العبيدي من الترشح لمنصب رئيس المجلس الرئاسي، مرجعاً ذلك لأسباب عدة، من بينها أن الوقت الممنوح للسلطة التنفيذية الجديدة «غير كاف لتنفيذ أي مشروع وطني».
ورأى العبيدي أن ما يجري «عبارة عن محاصصة بين الأقاليم الثلاثة، لا تخدم الوطن بقدر ما تخدم أشخاصا»، وأن مشروع بناء البلاد «لا يرغب فيه أحد، وإنما المطلوب تقاسم المصالح الشخصية، وهذا ما لا أسمح لنفسي به»، مستكملاً: «لقد وجدت أن مصير ليبيا الآن ليس بيد أولادها، وإنما بيد دول خارجية، تسرح مخابراتها وتمرح في البلاد».
وبانسحاب العبيدي تظل ست شخصيات مرشحة، أو تم الدفع بأسمائها لمنصب المجلس الرئاسي ونائبيه، وهم المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، الذي يلقى دعماً قبائلياً واسعاً، خاصةً من قبائل ورفلة؛ والسفير الليبي لدى الأردن محمد حسن البرغثي، وسفير ليبيا السابق في سويسرا الدكتور علي بوخيرالله البرعصي، وعضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الدكتور مصطفى دلاف البرعصي، وسفير ليبيا السابق لدى اليونان محمد يونس المنفي. بالإضافة إلى الشريف الوافي عضو (المؤتمر الوطني) السابق عن مدينة المرج، الذي أعلن ترشحه على منصب رئيس المجلس الرئاسي.
وبجانب ذلك، تداول سياسيون ومحامون ليبيون نبأ ترشح رئيس المجلس الأعلى للقضاء، رئيس المحكمة العليا المستشار محمد الحافي، على رئاسة المجلس الرئاسي، «دون أن يتقدم باستقالته من المجلس»، بحسب قولهم. ولذلك تساءل عديد السياسيين عن «مدى صحة هذا الإجراء، وتأثيره على استقلالية القضاء».
وسعت «الشرق الأوسط» للاتصال بالحافي، دون رد منه. لكن السياسي الليبي يوسف حسين دلل على رؤيته بأن بعض القضاة «تحولوا منذ مدة إلى جزء من معركة الاصطفاف السياسي»، وقال: «هل تأكد الآن من تحسسوا من نقدنا الخجول بأننا لم نكن دعاة انفصال، بل أصحاب تجربة رصدت وجود ازدواجية معايير، وتخبط أدى إلى دخولنا في متاهة».
وقبل أن تبدأ اللجان الثلاث المكلفة فرز القوائم، التي تتلقاها من المجمعات الانتخابية، حفل السباق بحالة من «نشاط المال السياسي»، والتربيطات المناطقية القائمة على أساس المصالح الشخصية، بحسب مسؤول سياسي بشرق البلاد لـ«الشرق الأوسط»، وهي الحالة التي وصفها الصحافي والإعلامي الليبي، بشير زعبية، بـ«الأمر المخزي»، نظراً «لما سمعه من مزادات التزكيات لمناصب السلطة»، وتحدث عن «سمسرة ووسطاء، ومال فاسد، وآخر مؤدلج، ومحاولات قتل معنوي للخصوم بسلاح الشائعات».
وتأسيساً على هذه الحالة، عاد الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق لدى ليبيا، إلى وصف الطبقة السياسية في ليبيا بـ«الفاسدة جداً»، وقال في حوار مع «مجموعة الأزمات الدولية» حول ليبيا، منتصف الأسبوع الجاري، إن البرلمان ومجلس الدولة، وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي «لا يريدون الانتخابات لأنها تعني نهايتهم».
ويفترض أن تعقد في مدينة جنيف بداية فبراير (شباط) المقبل، وحتى الخامس منه، عملية التصويت على الأسماء المرشحة، وفقاً للمعايير المتفق عليها بين البعثة الأممية ومنتدى الحوار السياسي. ومن أشهر المرشحين على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي عن إقليم (طرابلس) خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، والدكتور عبد الرحمان البلعزي، نقيب الأطباء، والقيادي بقوات «الوفاق» أسامة الجويلي. كما ترشح على المنصب ذاته، عن إقليم (فزان) رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان.
أما منصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذي يحق لإقليم (طرابلس) فقط، فقد ترشح له أحمد معيتيق النائب الأول لرئيس المجلس الرئاسي، وفتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، الذي أعلنت قنوات موالية لحزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان دعمه. كما ترشح للمنصب عبد الحميد الدبيبة ابن مدينة مصراتة ورجل الأعمال الثري، ومحمد عبد اللطيف المنتصر، رجل الأعمال الذي ينتمي أيضاً لذات المدينة، ووزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح الدين النمروش، المنتمي إلى مدينة الزاوية، والسياسي فضيل الأمين.
ورصدت مجموعة «الأزمات الدولية» حول ليبيا في تقريرها الأخير وجود أربع مجموعات، كل منها تريد توجها مغايراً للأخرى. الأولى تريد عقيلة صالح، رئيسًا للمجلس الرئاسي، وفتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» رئيساً للحكومة الجديدة؛ والثانية تريد الدفع بأحمد معيتيق لرئاسة الحكومة، وترى فيه «مرشحاً مناسباً» لكونه شخصية براغماتية، لا سيما بفضل قنوات اتصاله العديدة بمعسكر شرق ليبيا، وبالقائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر.
ووفقاً للمجموعة الثالثة هناك في غرب ليبيا من يرفض مغادرة السراج موقعه. أما المجموعة الرابعة فلا ترغب في تشكيل أي حكومة مؤقتة بداعي أنها ستطيل أمد الفترة الانتقالية، وستؤخر الانتخابات المقررة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.