إدارة بايدن للحفاظ على «قوة الفضاء»

إجماع في «الكونغرس» على أهمية حماية المصالح الأميركية الفضائية

استعراض لشعار قوة الفضاء في البيت الأبيض في 15 مايو 2020 (أ.ب)
استعراض لشعار قوة الفضاء في البيت الأبيض في 15 مايو 2020 (أ.ب)
TT

إدارة بايدن للحفاظ على «قوة الفضاء»

استعراض لشعار قوة الفضاء في البيت الأبيض في 15 مايو 2020 (أ.ب)
استعراض لشعار قوة الفضاء في البيت الأبيض في 15 مايو 2020 (أ.ب)

في الوقت الذي يسارع فيه الرئيس جو بايدن نحو إبطال مبادرات سلفه في البيت الأبيض، يبدو من المرجح أن يبقي «قوة الفضاء» التي تفاخر بها دونالد ترمب كأحد أهم إنجازاته، حتى لو دفعتها الإدارة الجديدة نحو مرتبة متدنّية على قائمة أولويات الدفاع، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
ويتطلّب إلغاء تلك القوة إقرار الكونغرس لقانون خاص، في وقت يتفق فيه الحزبان داخل الكونغرس على أن زيادة اعتماد البلاد على الفضاء نقطة ضعف مثيرة للقلق، ومن الأفضل أن يتم التعامل معها، من جانب فرع في الجيش الأميركي مختص. وترتبط هذه القوة الجديدة بتزايد القلق الأميركي من الصين، التي تطور قدراتها لتهديد الأقمار الصناعية الأميركية في الفضاء، الذي أصبح في نظر البعض التحدي الأبرز المتعلق بالأمن القومي. وتتهم واشنطن روسيا أيضاً بالسعي وراء تحدي الهيمنة الأميركية في مجال الفضاء. وصرح الجنرال جون هايتن، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، أمام مجموعة «ناشونال سيكيوريتي سبيس أسوسيشين» (اتحاد الفضاء الخاص بالأمن القومي) خلال الأسبوع الماضي: «إنهم يعملون على بناء قدرات وإمكانيات لاستخدامها ضدنا. يجب أن نكون قادرين على الرد على ذلك»، في إشارة إلى روسيا والصين. ويقول هايتن، بصفته ضابطاً في مجال الفضاء، إنه كثيراً ما يتم سؤاله عن وضع «قوة الفضاء الأميركية» في ظل حكم إدارة بايدن.
وفي الوقت الذي لم يتحدث فيه عن أي توقعات في هذا الشأن، أوضح أنه يؤمن بضرورة بقاء واستمرار هذه القوة.
ولم يعلّق بايدن علناً على نياته فيما يخص «قوة الفضاء»، كما لم يقدم لويد أوستن، وزير دفاعه، أي التزام، لكنه أكد الأهمية الاستراتيجية لمجال الفضاء. كذلك لم يرد البيت الأبيض على طلب التعليق على رأي بايدن. ورغم نظر البعض إلى هذه القوة باعتبارها مشروعاً يجسد طموحات ترمب، فإن مسؤولين في المجال العسكري يؤكدون على الحاجة لتعزيز الدفاع عن المصالح الأميركية في الفضاء، خاصة الأقمار الصناعية المستخدمة لأغراض الملاحة المدنية والعسكرية، وللأغراض الاستخباراتية، والاتصالات. في الوقت الذي تُعد فيه هذه القوة أصغر من أي فرع آخر من فروع الجيش، تتمتع قوة الفضاء بالسمات الشكلية المعيارية لأي خدمة أخرى، ويشمل ذلك العلم الرسمي، وشعاراً، وختماً، وعقيدةً، ومبادئ.
كذلك، أطلقت القوة إعلانات تجارية لجذب مجندين. وبعد جدل طويل، تم الاتفاق خلال الشهر الماضي على أن يتم إطلاق اسم «حراس» على أفراد تلك القوة، رغم أنهم ليس لديهم زي رسمي بعد. وتعتزم القوة توسيع نطاق صفوفها بحيث يزيد عدد أفرادها من 2400 فرد نشط عامل، إلى 6400 فرد نشط عامل بحلول نهاية العام الحالي.
وتقول كيتلين جونسون، الخبيرة في سياسات الفضاء بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن دعم الحزبين في الكونغرس لـ«قوة الفضاء» يجعل إبقاء بايدن عليها أمراً مرجحاً. وتضيف قائلة: «أعتقد أن هذا أمر جيد، فلم يُتَح لهذه القوة سوى عام للعمل حتى الآن». ويضيف تيد هاريسون زميلها في المركز قائلاً: «تقترب احتمالات حلّ، وإلغاء هذه القوة من الصفر».
الجدير الذكر أنه قد تم تدشين «قوة الفضاء» في ديسمبر (كانون الأول) 2019، لتكون أول سلاح عسكري جديد منذ تأسيس القوات الجوية ككيان مستقل عام 1947. ولدى قائدها الجنرال جون «جاي» ريموند، مقعد على الطاولة مع الرؤساء الآخرين في هيئة الأركان المشتركة، رغم عمل «قوة الفضاء» كجزء من سلاح القوات الجوية، مثلما هو حال قوات مشاة البحرية، التي تُعدّ سلاحاً منفصلاً، ولكنها تعمل في الوقت نفسه تحت إشراف وقيادة القوات البحرية.
على الجانب الآخر، يتجاوز الدفع باتجاه المزيد من التركيز على مجال الفضاء نطاق «قوة الفضاء»، حيث تم إعادة تأسيس قيادة الفضاء الأميركية في إطار توجه ذي صلة في أغسطس (آب) 2019. ولا تعد القيادة سلاحاً عسكرياً، بل قيادة مركزية لعمليات عسكرية متنوعة تتعلق بالفضاء. وقد قامت القيادة الاستراتيجية الأميركية بحلّ قيادة الفضاء عام 2005. وهي خطوة أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) استهدفت توفير الموارد لتعزيز الدفاعات المحلية.
كذلك، أعاد ترمب إنشاء «مجلس الفضاء الوطني»، الذي يتولى تنسيق السياسات فيما يتعلق بالأمور المدنية والتجارية، وتلك الخاصة بالفضاء من جهة الأمن القومي؛ حيث كان خاملاً منذ إدارة الرئيس بيل كلينتون. وبدأ الدفع باتجاه إنشاء سلاح فضاء عسكري قبل وصول ترمب إلى البيت الأبيض، لكن دعمه الدؤوب طغى على ما تبقى من معارضة داخل البنتاغون، حيث كان يعتقد بعض المسؤولين، خاصة في القوات الجوية، أن إنشاء قوة منفصلة أمر غير مبرَّر ومحض تكرار. ويقول الجنرال تشارلز براون، الذي أصبح رئيس القوات الجوية بعد إنشاء «قوة الفضاء»، إن الوقت قد حان للتوقف عن الجدال، والتركيز عوضاً عن ذلك على الاستفادة القصوى من «قوة الفضاء».
لم يتحدث بايدن كثيراً عن الدور العسكري في الفضاء، لكنه جلب معه إلى المكتب البيضاوي رمزاً لاهتمامه باستكشاف الفضاء، وهو صخرة من القمر جلبتها معها مركبة الفضاء «أبولو 17» منذ نحو نصف قرن. لم يقدم أوستن، وزير الدفاع الجديد، التزام بمسألة الإبقاء على «قوة الفضاء». وحين سألته لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، قبيل جلسة الإقرار الخاصة به، عما إذا كان يعتقد أن إنشاء قوة جديدة «أمر مبرر» أم لا، قال أوستن إنه تم إنشاء «قوة الفضاء» بعد سنوات من الدراسة من جانب الكونغرس، وغيره من الهيئات والمجموعات والمؤسسات. كذلك، لم يشر إلى أنه سوف يوصي بإلغاء وحلّ تلك القوة، بل قال إنه سيدرس الأمر، مشيراً إلى أن الفضاء من المجالات الضرورية المهمة.
وكتب أوستن: «بالنظر إلى المستقبل، لا يزال مشروع الفضاء الخاص بوزارة الدفاع غير متكامل كثيراً مع الأسلحة والقوات الأرضية الأخرى، وهناك العديد من التحديات الأخرى التي تحتاج إلى معالجة، كما هو الحال عند تأسيس سلاح عسكري جديد تماماً». كذلك حثّت مؤسسة «سيكيور وورلد فاونديشين» (مؤسسة عالم آمن) غير الحزبية، التي تدعم الاستخدام السلمي والمستدام للفضاء الخارجي، بايدن على الاستمرار في تنفيذ القرارات السياسية الخاصة بالفضاء التي اتخذتها إدارة ترمب، بما فيها «قوة الفضاء».
وأوضحت المؤسسة في تقريرها خلال الشهر الماضي: «إن اتساق جهود الفضاء القومية الرئيسية سوف يساعد في تقدم الولايات المتحدة الأميركية، ويؤكد استقرارها وثباتها أمام الشركاء الدوليين من خلال تفادي التقلب المستمر، وغياب التوجه الاستراتيجي الذي حدث في الماضي مع تبدّل الرؤساء».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».