أهالي طرابلس مع الاحتجاجات وأعمال الشغب تخيفهم

TT

أهالي طرابلس مع الاحتجاجات وأعمال الشغب تخيفهم

لا يختلف الطرابلسيون على أن الوضع المزري الذي تعيشه المدينة يستحق احتجاجات، بل التعبير عن كثير من الغضب. فالفقر محنة مزمنة، أضيف إليها الحجر وتوقف الأعمال، لتتحول المدينة إلى موئل لشتى أنواع المظالم.
لكن ردود الفعل انقسمت بين الأهالي بعد أعمال الشغب التي رافقت الاحتجاجات، وطالت السراي الحكومي، واستهدفت قوى الأمن بقنابل المولوتوف، وتضرر محال وسيارات ومؤسسات تجارية، ووقوع عشرات الجرحى بين قوى الأمن والمدنيين.
ولا تزال الاحتجاجات مستمرة، منذ مساء الاثنين الماضي، في ظل منع تجول، يحبس الناس في منازلهم، حيث يحظر عليهم المغادرة دون إذن رسمي مسبق. ويخشى أن تتسبب هذه الاحتجاجات التي لا يلتزم فيها الشبان بأي إجراءات وقاية في أن تزيد الوضع الصحي المأزوم تدهوراً.
ويرى عمر أبيض، وهو ناشط يشارك في المظاهرات: «الوضع وصل إلى حيث يصعب احتماله»، ورغم علمه بوجود مندسين، ورجال للأجهزة، ومشاركين من قبل السياسيين، فإن هذا بات يتكرر في كل المظاهرات، ولن يمنعه من المشاركة. وأبيض ممرض، ويعمل في أحد مستوصفات الرعاية الصحية، ويرفض القول إنها «ثورة جياع»، ويفضل أن يصفها بأنها «ثورة كرامة»: «أنا أنهيت دراستي، وأريد أن أتوظف بدون منّة من أحد.
وإذا كان من مندسين أطفال يتم استغلالهم في هذه الاحتجاجات، وهذا صحيح، فهذا لأن الدولة أهملت شعبها، وتركت هؤلاء بدون مدارس، ولم تؤمن لعائلاتهم ما يساعد على حمايتهم، والزج بهم في الشارع، على النحو الذي نراه الآن. فكيفما قلّبنا الأمور نعود ونجد أن المتسبب في هذه المأساة هو الجهة نفسها، ويجب أن تسمع صوتنا بدل أن تقمعنا».
وتقول هنادي، وهي مواطنة طرابلسية: «نحن نعيش في خوف مما يمكن أن تتطور إليه الأمور. نعم الفقر كبير، وبين المحتجين من أنزلهم العوز إلى الشارع. وهؤلاء محقون. لكن ما يخشى منه هو استغلال وجع المحتجين الحقيقيين، لأهداف أخرى، لا علاقة لهم بها، وهو ما يبدو أنه يحصل». وتضيف هنادي: «أتفهم الاحتجاجات، لكن ما حدث ليل الأربعاء من عنف كبير يدعو للتساؤل، هل مع الفقراء ما يشترون به الألعاب النارية والليزر بالكميات الكبيرة التي استخدمت. وهل مع الفقير ثمن قنبلة يدوية. ما يحدث مخيف بعد أن وقع 3 ضباط جرحى».
بين الغضب من السلطة والخوف من المجهول، تتأرجح مشاعر أهالي طرابلس، وقد وجدوا مدينتهم تتحول إلى ثكنة عسكرية، وهم أسرى منازلهم. ويقول عادل سنجقدار: «ما يخيفني بالفعل هو معرفتي أن كل هذه الاحتجاجات لن تؤدي إلى شيء، طالما أن القرار اللبناني بات مرهوناً بالخارج. أنا على يقين بأننا صرنا رهائن مشكلات أكبر من البلد، حتى حكامه. والمحزن أن الفقراء باتوا يتقاتلون فيما بينهم. فالضحايا هم إما من المحتجين المدنيين المساكين، أو من قوى الأمن الذين هم أيضاً مواطنون فقراء، وأولاد البلد. الوضع يدعو إلى البكاء، المشكلة كبيرة من جميع الجهات. ثمة الفقر، والمرض والانهيار. لا شيء يدعو إلى التفاؤل».
ويضيف سنجقدار: «الموضوع أكبر من أهل منطقة، أو مدينة، لكن الشعب الفقير هو الذي يدفع الثمن، من شبان وأهالي ومؤسسات. ومع التخريب ستزداد المدينة فقراً وستتعقد الأمور». أما عمر أبيض الذي لا يزال يتظاهر رغم البرد والمطر والطقس العاصف، فيقول: «لا أرى سبباً يدعوني للتوقف. ثمة عائلة بأكملها في طرابلس تتقاسم منقوشة بالزعتر على الفطور، هل هذا وضع يمكن السكوت عليه؟».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.