أبدى الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، ثقته بـ«عزم» قادة «طالبان» على مواصلة القتال ضد القوات الأميركية في المنطقة، غير أن رئيس المكتب السياسي لحركة «طالبان» الأفغانية، الملا عبد الغني برادر، قال إن «استراتيجية» الولايات المتحدة «مواصلة الحرب وإراقة الدماء» في أفغانستان.
ويترأس الملا برادر وفداً من الحركة الأفغانية، وصل إلى طهران، أول من أمس، تلبية لدعوة رسمية من وزارة الخارجية الإيرانية؛ وهي أول زيارة رسمية من الحركة بعد استئناف مفاوضات السلام الأفغانية.
ونقلت «أسوشييتد برس» عن شمخاني قوله إن «الاستراتيجية الأميركية تدعم استمرار الحرب وإراقة الدماء بين مختلف الجماعات الأفغانية في المشهد السياسي»، ونقل التلفزيون الإيراني عن شمخاني قوله إن «أميركا تهدف من (استعراض السلام) أن تؤدي المفاوضات بين الأطراف الأفغانية إلى مأزق»، متهماً الولايات المتحدة بأنها تحاول إلقاء اللوم على الجماعات الأفغانية في انعدام الأمن والاستقرار بالبلاد.
واستأنف ممثلو «طالبان» والحكومة الأفغانية في وقت سابق من هذا الشهر محادثات السلام في قطر. وتهدف المحادثات المتقطعة إلى إنهاء عقود من الصراع. لكن تسود مشاعر من الإحباط والخوف بسبب الارتفاع الأخير في أعمال العنف، ويلقي كلا الجانبين باللوم على الآخر.
وقال شمخاني إن بلاده «لن تعترف بأي تيار يحاول الوصول إلى الحكم عبر الحروب»، وأضاف أن بلاده «تشدد على ضرورة مشاركة جميع القوميات في تقرير مصير أفغانستان عبر مسار سلمي». وقال إن «أمن أفغانستان، خصوصاً في المحافظات المجاورة لإيران، أمر لا يمكن التغاضي عنه». ودعا إلى تعاون بين الحكومة الأفغانية و«طالبان» لمواجهة تنظيم «داعش».
ونسب التلفزيون الإيراني إلى الملا برادر أنه اتهم الإدارة الأميركية السابقة بـ«التخلي عن التزاماتها»، وقال: «لا نثق بأميركا، ونحارب أي تيار عميل لأميركا».
وكتب شمخاني عبر «توتير» بعد نهاية المشاورات: «في لقاء اليوم، مع الوفد السياسي لـ(طالبان)، رأيت عزماً لدى قادة الجماعة على القتال ضد أميركا»، وأضاف: «من قضى 13 عاماً تحت تعذيبهم في غوانتانامو لم يترك القتال ضد أميركا في المنطقة».
ورأت صحيفة «مردم سالاري» الإصلاحية في تغريدة شمخاني دلالات «تتخطى المفاوضات السياسية، وتوحي بتأييد وترويج ضمني للجماعة».
كما أبدت الصحيفة استغرابها من تصريحات النائب المحافظ أحمد نادري، لصحيفة «طهران تايمز»، التابعة لوكالة «مهر» الحكومية، التي أبدى فيها شكوكاً حول دور الجماعة في مقتل دبلوماسيين إيرانيين بمزار شريف في سبتمبر (أيلول) 1998، والذي توجه إيران أصابع الاتهام لمقاتلي الجماعة بالوقوف وراءه.
وقالت صحيفة «مردم سالاري» الإصلاحية إن «تفاوض إيران مع جماعة (طالبان) الأفغانية رغم ماضيها، يظهر حقيقة أن التفاوض لا يعني الاستسلام أو قبول الطرف الآخر، لكن ما يقوله البعض هذه الأيام عن الجماعة يتجاوز المفاوضات السياسية، ونوعاً ما تأييد الجماعة التي ليس لديها موقع جيد في ذاكرة الشعب الإيراني».
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى تغريدة للنائب، قبل شهرين، قال فيها إن «(طالبان) من الحركات الأصيلة في المنطقة، وخلفيتها تعود لقومية الباشتون… التعاون معهم سيؤدي إلى تنمية الاستقرار في المجتمع الأفغاني ويمنع تغلغل مجموعات مثل (داعش). يجب ألا نقع في فخ إعادة التدوير الخاطئة لوسائل الإعلام الأميركية ضدهم».
ولم يصدر تعليق فوري من الولايات المتحدة، التي وقعت اتفاقية سلام مع «طالبان» في فبراير (شباط) الماضي وحققت هدفها هذا الشهر بخفض عدد القوات في أفغانستان إلى نحو 2500.
وتأتي زيارة الجماعة إلى طهران بعدما احتجت بشدة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقابلة خاصة مع قناة «طلوع» الأفغانية، أوضح فيها أن تعريف طهران للجماعة أنها «إرهابية»، وقال: «لا تزال لم تُرفع من قائمة الإرهاب، وفق القوانين الإيرانية، كما هي مدرجة على قائمة الأمم المتحدة»، وعدّها «واقعاً وجزءاً من الحل»، لكنها «ليست الحل النهائي» في أفغانستان.
وبرر ظريف علاقات طهران والجماعة بأنها تهدف إلى ضمان الحدود الإيرانية - الأفغانية البالغة 945 كيلومتراً، في ظل عدم السيطرة الكاملة للحكومة الأفغانية على مناطقها الحدودية، نافياً في الوقت نفسه أن يكون على علم بوجود قادة «طالبان» في مدينتي مشهد وزاهدان، شرق البلاد. ورفض أيضاً تقديم أي دعم لوجيستي عبر التدريب وإرسال الأسلحة.
ورداً على ظريف، قالت «طالبان»، على لسان المتحدث باسم الجماعة، ذبيح الله مجاهد، إنها «ليست مدرجة على قوائم الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية». محذرة من أن «التصريحات غير المسؤولة والبعيدة عن الواقع من قبل المسؤولين الإيرانيين، تضر بعلاقات البلدين الصديقين والجارين»، وأنها «تدخل في الشؤون الداخلية الأفغانية»، مطالبة المسؤولين الإيرانيين بالكف عن «إثارة مشاعر الأفغان».
وقالت الجماعة إنها «تحرص على علاقات إيجابية مع الجيران؛ بمن فيهم إيران»، و«ألا تكون مجبرة على الرد على تصريحات من هذا النوع».
وفي 2010 رفعت الأمم المتحدة العقوبات المفروضة على الجماعة وطالبت بإزالة قادتها من قوائم الإرهاب.
شمخاني يحرض «طالبان» على مواصلة قتال أميركا
شمخاني يحرض «طالبان» على مواصلة قتال أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة