قضية تايوان تفاقم التوتر بين الصين والولايات المتحدة

بكين أرسلت «تحذيراً» لواشنطن... ومرشحة بايدن لوزارة التجارة تتعهد بـ«الحزم»

البحرية التايوانية تستعد لتدريب عسكري أمس (إ.ب.أ)
البحرية التايوانية تستعد لتدريب عسكري أمس (إ.ب.أ)
TT

قضية تايوان تفاقم التوتر بين الصين والولايات المتحدة

البحرية التايوانية تستعد لتدريب عسكري أمس (إ.ب.أ)
البحرية التايوانية تستعد لتدريب عسكري أمس (إ.ب.أ)

تفاقم التوتر بين بكين وواشنطن، أمس، على خلفية تحليق طائرات صينية فوق تايوان.
وأكدت بكين أن التوغل الأخير لطائراتها العسكرية يشكّل «تحذيراً جدياً» للولايات المتحدة و«الاستقلاليين» التايوانيين في الجزيرة التي لا تزال تشكّل ملفاً حساساً بين الصين وإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن. وتوغلت نحو 10 طائرات مقاتلة وقاذفات وهو عدد مرتفع بشكل غير مسبوق، السبت والأحد، في منطقة الدفاع الجوي التايوانية على بعد نحو 200 إلى 250 كيلومتراً عن السواحل التايوانية، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأكدت الولايات المتحدة أن دعمها لتايوان سيبقى «صلباً كالصخر»، وحضّت بكين على «وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية» على الجزيرة.
وقال جو فنغليان، الناطق باسم مكتب الشؤون التايوانية الحكومي الصيني، أمس، إن «تلك التدريبات العسكرية في مضيق تايوان تهدف إلى الدفاع بحزم عن سيادتنا». وأضاف: «هذا تحذير جاد للقوى الخارجية لكي توقف تدخلاتها وللقوى الاستقلالية التايوانية لتكف عن استفزازاتها».
ويبلغ عدد سكان تايوان 23 مليون نسمة، ويدير الجزيرة منذ العام 1945 نظام لجأ إليها بعد انتصار الشيوعيين في الصين القارية العام 1949 بعد حرب أهلية.
وتعتبر الصين أو «جمهورية الصين الشعبية» تايوان جزءاً من أراضيها، وتهدد باللجوء إلى القوة في حال أعلنت الجزيرة استقلالها رسمياً. وقرّرت واشنطن في 1979 الاعتراف بالنظام الشيوعي ممثلاً شرعياً وحيداً للصين، وليس تايبيه.
لكن الولايات المتحدة تقيم مع تايوان علاقة ملتبسة، إذ تبقى حليفتها الأقوى وتواصل تزويدها السلاح. وخلافاً لما جرت عليه الأمور سابقاً، كثفت إدارة دونالد ترمب الاتصالات الرسمية مع الجزيرة خلال السنوات الأربع الماضية. ويمكن لهذا التوجه أن يتواصل في عهد بايدن، إذ دُعيت ممثلة تايوان في الولايات المتحدة إلى حضور تنصيب الرئيس الجديد فيما يعد سابقة منذ 1979. وحذّر الناطق باسم بكين في المقابل من «أننا لا يمكن أن نعد بالتخلي عن اللجوء إلى القوة ونحتفظ بحق اتخاذ كل الإجراءات الضرورية ضد تايوان».
وتشهد العلاقات بين بكين وتايبيه توتراً منذ وصول الرئيسة التايوانية تساي إينغ - وين إلى السلطة في 2016. وإعادة انتخابها في 2020. علماً بأن حزبها ينشط تقليدياً من أجل الاستقلال الرسمي للجزيرة.
ورغم هذه الخلافات، يبقى اقتصادا بكين وتايبيه مرتبطين ولمواطنيهما حق التحرك بحرية بين أراضيهما من خلال إذن مرور.
ولا تقتصر مجالات التوتر بين العملاقين الاقتصاديين على العلاقات مع تايوان، وإنما تتجاوزها إلى التبادلات التجارية والمنافسة الاقتصادية المحتدمة. وتعهدت جينا ريموندو، المرشحة لمنصب وزير التجارة خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أول من أمس، بأن تكون حازمة مع الصين بسبب ممارساتها التجارية «المنافية لقواعد المنافسة».
وقالت ريموند للمشرعين: «إذا تمت الموافقة على تعييني، فإنني أخطط لأن أكون صارمة جداً لمساعدة الأميركيين على التنافس في مواجهة الممارسات غير العادلة للصين». وأضافت ريموندو، وهي أول امرأة تتولى منصب حاكم ولاية رود آيلاند، أن الصين «تصرفت بشكل واضح بطرق منافية لقواعد المنافسة، وأغرقت أميركا بالصلب والألومنيوم الرخيص، ما يضر بالعمال الأميركيين وبقدرة شركاتنا على المنافسة». وأكدت أنها تؤيد موقف بايدن الذي يقول إن الولايات المتحدة ستتشاور مع حلفائها لإقامة تجارة عادلة مع بكين.
في المقابل، لم تعد المرشحة لمنصب وزير التجارة بإبقاء مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي وشركات صينية أخرى على اللائحة السوداء للولايات المتحدة بسبب اتهامات بأنها تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي. لكنها تعهدت باستخدام صلاحيات وزارة التجارة «لحماية الأميركيين وشبكتنا من التدخل الصيني»، موضحة أن هذا يعني «هواوي» و«زد تي إي» وأي شركة أخرى.
وفي عهد إدارة دونالد ترمب، شنّت وزارة التجارة الأميركية حملة على شركات التكنولوجيا الصينية التي تشتبه في أنها تقوم بتجسس صناعي أو تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر. ووسّع وزير التجارة السابق ويلبر روس لائحة الشركات التي لا يمكنها التجارة مع الشركات الأميركية من دون ترخيص مسبق، لتشمل مجموعات عملاقة مثل «هواوي» و«زد تي إي».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أي قبل أسابيع قليلة من انتهاء ولايته، أضافت إدارة ترمب شركة «سميك» الصينية لشرائح الكومبيوتر إلى اللائحة السوداء، ما حدّ من حصول الشركة على تقنيات أميركية متطورة بسبب ارتباطها المفترض مع الجيش الصيني.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».