جولات افتراضية في «متروبوليتان» بمتناول اللبنانيين

ينظمها «متحف بيروت للفنون الحديثة» ضمن برنامجه التثقيفي

لوحة «شمشوم» للإيطالي غويرتشينو فقدت لسنوات من متحف «متروبوليتان»
لوحة «شمشوم» للإيطالي غويرتشينو فقدت لسنوات من متحف «متروبوليتان»
TT

جولات افتراضية في «متروبوليتان» بمتناول اللبنانيين

لوحة «شمشوم» للإيطالي غويرتشينو فقدت لسنوات من متحف «متروبوليتان»
لوحة «شمشوم» للإيطالي غويرتشينو فقدت لسنوات من متحف «متروبوليتان»

يعدّ متحف «متروبوليتان» في مدينة نيويورك أحد أشهر المعالم الفنية في العالم، وأضخمها في أميركا. يستقطب سنوياً نحو 7 ملايين زائر، ويحتل المرتبة الرابعة بين المتاحف الأكثر زيارة في العالم. يحتوي على أكثر من مليوني قطعة فنية موزعة على نحو 17 قسماً. ترصد لوحاته ومنحوتاته فنوناً مختلفة تشمل أوروبا وأميركا والشرق الأدنى العريق والفن المصري والإغريقي وغيرها، إضافة إلى جناح خاص بالفن الإسلامي.
وبمبادرة تعتبر الأولى من نوعها في لبنان ينظم متحف بيروت للفنون الحديثة جولات افتراضية فيه. استهلت الزيارة الأولى منها في 16 يناير (كانون الثاني) الجاري لقسم الفنون الحديثة. فيما جرت وقائع الزيارة الثانية في 23 من الشهر نفسه تحت عنوان «أجمل محتويات متروبوليتان». أما في الجولة الافتراضية الثالثة التي ستجري في 30 من الحالي، فستدور في أروقة قسم فنون الشرق الأدنى في متروبوليتان.
هذه المبادرة التي ينظمها «متحف بيروت للفنون» وتقف وراءها كلود عودة من أعضاء مجلسه تهدف إلى تشجيع هواة الفن في لبنان.
وتقول ميشيل حداد إحدى المسؤولات في المتحف: «لقد رغبنا في تنظيم هذه الزيارات لنحثّ اللبنانيين من مختلف الشرائح الاجتماعية والقطاعات على الاهتمام بالفنون. وإجراؤها افتراضيا يفتح باباً واسعاً للمشاركة فيها من قبل سكان بيروت، وكذلك أهالي مناطق نائية أخرى. معها سيطلع ابن المدينة كما ابن صيدا وصور وعكار والهرمل وغيرها على فنون رائعة وعريقة يتضمنها المتحف النيويوركي».
وعن الزيارات السابقة تقدم حداد شرحاً مختصراً عنها في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أننا قمنا بهذه الزيارات افتراضياً، ولكن طريقة دخولنا إلى المتحف ووقوفنا في اللوبي الأساسي ومن ثم مرورنا في أقسام المتحف كان قريباً من الواقع. فلقد دأبت كلود عودة وهي تعمل في متروبوليتان كدليلة سياحية متطوعة، أن تمدّنا بهذا الشعور ليخيل إلينا وكأننا موجودون فعلاً داخل المتحف. حتى إن طريقتها في الشرح والتوقف أمام لوحات ومنحوتات معينة مسهبة في الشرح عنها زوّدنا والمشاركين معنا في هذه الزيارة الافتراضية بمعلومات نكتشفها ونستعلم عنها لأول مرة».
ولمن يهمّه المشاركة في هذه الجولات الافتراضية عليه أن يسجّل اسمه عبر الصفحات الإلكترونية الخاصة بالمتحف من «فيسبوك» و«إنستغرام» و«لينكد إن» تحت عنوان «Bema.museum».
الزيارة الأولى التي جرت في جناح الفن الأوروبي والأميركي الحديث، أطلعت الزوار على أعمال لأشهر فناني القرن العشرين مثل ماتيس وبيكاسو وكاندنسكي ومودلياني وفرناندو ليجير وجورج براك وخوان ميرو وآخرين. إضافة إلى أعمال أشهر فناني أميركا مثل جورجيا أوكيف ووليم ديكوني وجاكسون بولوك وآندي وارهول وغيرهم.
أما في الزيارة الرقمية الثانية التي قدّمت فيها كلود عودة «أجمل محتويات متروبوليتان» فقد أتيح للزوار الافتراضيين في مختلف المناطق اللبنانية مشاهدة 10 لوحات ومنحوتات فريدة من نوعها. وتعلق ميشيل حداد في سياق حديثها: «بعض هذه القطع الفنية تعود إلى بلاد الصين والهند فيما أخرى وضمن خريطة محددة المعالم اتبعناها في الجولة، تعرفنا إلى لوحات أخرى من إيطاليا وآسيا. حتى إن كلود عودة خصصتنا بتحليلات وشروحات خاصة بلوحات جدارية إغريقية ورومانية».
وتضمنت هذه الزيارة الاطلاع على لوحة «شمشوم» للرسام الإيطالي غويرتشينو. وكانت قد فقدت من متحف متروبوليتان لسنوات وأعيدت إليه بعد العثور عليها في بيروت.
ومتحف بيروت للفنون الحديثة (BEMA)، منظم هذا النشاط، لا يزال في طور الإنشاء. ومن المتوقع أن ينجز بناؤه في عام 2026، ويقع على طريق الشام الدولية قرب متحف بيروت.
ويكمن هدفه الأساسي في بناء مجتمع مدني ملتزم ومشارك من خلال البرامج الثقافية والتعليمية التي تشمل مجتمعات متنوعة. كما يسعى إلى الجمع بين الروايات المختلفة التي تعزز المحادثات والحوارات، بالشراكة مع المنظمات الثقافية والشركاء في جميع أنحاء لبنان والمنطقة.
ومن النشاطات الأخرى التي ينوي «متحف بيروت للفنون الحديثة» تنظيمها توسيع عدد الجولات الافتراضية في متحف متروبوليتان لتشمل قريباً قسم الفن الإسلامي. وكذلك التخطيط للتعاون مع فنانين محليين رائدين في فن الخط العربي وفي مجالات فنية أخرى. فيجري استضافتهم «أونلاين» ليشرحوا أهم محطات تاريخهم الفني وأسس وقواعد يتبعونها في محترفاتهم وأعمالهم. وكان المتحف قد نظم قبل فترة ورشة عمل تناولت كيفية ترميم القطع الفنية الممزقة. وتشرح ميشيل حداد: «أدركنا بعيد انفجار بيروت مدى حجم اللوحات والقطع الفنية التي تأذت من جراء الانفجار. ففكرنا في استقدام أساتذة أجانب متخصصين في فن الترميم (restauration after desastre) ولكن الوباء حال دون مجيئهم إلى لبنان. فاكتفينا بإقامة صفوف رقمية لمدة ثلاثة أسابيع قدمتها الخبيرة العالمية في فن ترميم اللوحات الممزقة وهي الألمانية بيترا ديموث».
ويتعاون متحف بيروت للفنون الحديثة مع وزارتي الثقافة والتربية من خلال إحياء ورش عمل لطلاب المدارس وكذلك في ترميم نحو 3000 قطعة فنية تعود لحقبات تاريخية قديمة تملكها الوزارة الأولى.
وفي الزيارة الافتراضية الثالثة المنتظرة في 30 الجاري سيكون اللبنانيون، هواة هذه الفنون على موعد مع إحدى أشهر غاليريات المتحف الخاصة بفنون الشرق الأدنى. وتتابع ميشيل حداد: «سنشاهد خلالها قطعاً فنية ومنحوتات تعود إلى حقبة الإمبراطورية الحثية. كما سنطلع على أخرى من الحقبة البابلية وتمثل منحوتات عن أسد بابل. فهو كان يرمز في تلك الحقبة إلى عشتار إلهة الحب والحرب والجمال والتضحية في الحروب. كما سنتعرف على قطعة فنية رائعة بعنوان «المبخرة» مصنوعة من البرونز وتعود إلى منطقة جنوب غربي شبه الجزيرة العربية».
وتختم حداد: «ستضم الجولة الثالثة قطعاً فنية منوعة بينها ما يعود إلى آلاف السنين، ما قبل المسيح. ومع بعض هذه المنحوتات نتعرف إلى طقوس انتشرت في تاريخ تلك الثقافات واستخدم في صناعتها الفضة والذهب وأدوات مسمارية ومدموغة بأختام أسطوانية».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».