لافروف يدعو السوريين في «منتدى موسكو» للاتحاد في «وجه الإرهاب»

وفد النظام يتجاهل «جنيف 2» ويطالب بحوار في دمشق.. ومشاورات جديدة اليوم

لافروف يدعو السوريين في «منتدى موسكو» للاتحاد في «وجه الإرهاب»
TT

لافروف يدعو السوريين في «منتدى موسكو» للاتحاد في «وجه الإرهاب»

لافروف يدعو السوريين في «منتدى موسكو» للاتحاد في «وجه الإرهاب»

لم تخرج المباحثات التي جمعت أمس، في اليوم الثالث لـ«منتدى موسكو»، بين وفدي النظام السوري والمعارضة، بنتائج يمكن البناء عليها، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قائلا «من الوهم الاعتقاد أنه من الممكن حل جميع المشاكل في بضعة أيام».
وحث لافروف أعضاء من المعارضة السورية وممثلين عن حكومة دمشق أمس على توحيد الصفوف لمجابهة خطر «الإرهاب».
وبدأت في موسكو محادثات بين عناصر من المعارضة السورية - لا تضم الائتلاف الوطني المعارض - وممثلين عن الحكومة في محاولة لإنعاش جهود السلام المجمدة في الصراع الذي بدأ قبل أربع سنوات. لكن ليس من المتوقع أن تحقق المحادثات انفراجة.
وقال لافروف للجانبين أثناء المحادثات «نعتقد أن فهم رجال السياسة وممثلين بارزين للمجتمع المدني لضرورة توحيد الصفوف لمحاربة هذا الخطر المشترك (الإرهاب) يجب أن يكون مفتاح بعث وحدة الشعب السوري».
وبينما يشدّد وفد المعارضة على الانطلاق في المباحثات من مؤتمر جنيف، لا يزال النظام عبر وفده إلى موسكو برئاسة مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري، يصرّ على وضع نفسه في خانة الطرف المحايد أو الضحية، متجاهلا ما نصت عليه دعوة موسكو لجهة جعل مؤتمر جنيف المرجعية، وفق قول عضو هيئة التنسيق الوطنية ماجد حبو، الذي يشارك في المؤتمر الذي ستستمر جلساته اليوم الخميس على أن يصدر بعدها بيان نهائي.
وأعرب لافروف، في مستهل حديثه، عن ارتياحه لأن ممثلي سوريا كشفوا عن ثقتهم في روسيا عندما وافقوا على عقد الاجتماع في العاصمة موسكو. وبينما أكد أن بلاده لا تقبل غير الحل السياسي للأزمة السورية، أشار لافروف إلى أنه «لا أحد غير السوريين قادر على إخراج سوريا من أزمتها»، مؤكدا ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي الدولة السورية وتوحيد الجهود من أجل التوصل إلى التسوية السياسية المنشودة. وأضاف الوزير الروسي أن «إدراك ضرورة التوحد في مواجهة الخطر المشترك هو أساس الحل». وأعرب لافروف عن أمله في يتوقف كل المشاركين في «منتدى موسكو» عن المواجهة والتحول إلى الحوار والتوجه نحو تقرير القضايا الملحة، وهو ما يتطلب المزيد من الجهود والاستعداد لتقديم التنازلات المتبادلة من أجل التوصل إلى الحلول الوسط والتسوية السياسية التي لا يمكن لأحد غير السوريين تحقيقها.
ووصف حبو نتائج الاجتماعات الأولى بأنها «أقل من المطلوب»، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المسافة لا تزال بعيدة بيننا وبين النظام، لا سيما أن الجعفري، في كلمته التي ألقاها أمام المجتمعين، لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى مؤتمر جنيف، داعيا إلى حوار سوري - سوري في دمشق، ومتجاهلا كذلك أزمة الشعب السوري، ومعتبرا أن كل ما يحصل هو نتيجة تدخل وإرهاب خارجي».
وكانت الشخصيات المعارضة التي عقدت اجتماعات تمهيدية مفتوحة في اليومين الماضيين قد توصلت إلى ورقة موحدة ترتكز على الملف الإنساني، لطرحها في لقاءاتها مع وفد النظام. وهذا ما أشار إليه حبو، لافتا إلى أنه تم البحث في الإطار العام للمواضيع، مشيرا إلى أن «وفد النظام كان يصر على إظهار نفسه كطرف محايد وغير مسؤول عما يحصل، محاولا إدخالنا بالموضوع السياسي، لكن اتفقنا على استكمال البحث غدا (اليوم) لا سيما في ما يتعلق بموضوع المعتقلين والإغاثة».
وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حسبما نقلت عنه وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية، من تدخل أجنبي في النزاع السوري المستمر منذ نحو أربع سنوات والذي أدى حتى الآن حسب التقديرات الدولية إلى مقتل أكثر من 200 ألف شخص. وأكد لافروف أن السوريين فقط هم القادرون على إيجاد طريق للخروج من أزمتهم. وتعتبر روسيا أحد أكبر حلفاء الحكومة السورية.
وتعتبر «محادثات موسكو» هي الأولى بين ممثلين عن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي التي تعرف بـ«معارضة الداخل» والأكراد ومسؤولين عن النظام، منذ فشل محادثات «جنيف 2» في فبراير (شباط) 2014. ورأى أحد المعارضين المشاركين في المحادثات أن الطموحات من هذا المؤتمر متواضعة نظرا لغياب الائتلاف الوطني الذي يتخذ مقرا له في إسطنبول وتعتبره المجموعة الدولية أبرز قوة معارضة سورية. وكان الائتلاف الذي تلقى عددا من أعضائه دعوة للمؤتمر قد رفض المشاركة، معتبرا أن المحادثات يجب أن تجري برعاية الأمم المتحدة وفي دولة «محايدة» وليس روسيا التي تدعم نظام دمشق.
وأضاف المعارض «لقد حضرنا مع لائحة من عشر نقاط. ولتجنب ارتكاب الخطأ نفسه الذي ارتكب في (جنيف 2)، لن نطرح في بادئ الأمر مسألة تشكيل حكومة انتقالية». وتابع «بين أولويات المعارضة التي ستطرح في موسكو: وقف القصف والإفراج عن السجناء السياسيين لا سيما النساء والأطفال، ووضع آليات لنقل المساعدة الإنسانية». وأكد المعارض الذي رفض الكشف عن اسمه أن «هذه المحادثات الأولى ليست سوى بداية عملية طويلة» للسلام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.