تراجع حاد في كهرباء العراق بسبب «الإرهاب» و«الغاز الإيراني»

تراجع حاد في كهرباء العراق بسبب «الإرهاب» و«الغاز الإيراني»
TT

تراجع حاد في كهرباء العراق بسبب «الإرهاب» و«الغاز الإيراني»

تراجع حاد في كهرباء العراق بسبب «الإرهاب» و«الغاز الإيراني»

بعد تراجع معدلات تجهيز الطاقة الكهربائية في عموم المحافظات العراقية، لتبلغ في بعض الأحيان نحو ساعتي تجهيز فقط مقابل 6 ساعات إطفاء، عاد المواطنون العراقيون إلى صب جام غضبهم على السلطات الحكومية ووزارة الكهرباء على وجه التحديد، ما دفع الأخيرة إلى تقديم الذرائع والحديث عن المشاكل التي تقف عائقا بوجه عمليات الإنتاج والتوزيع، ما أدى خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية إلى تدهور غير مسبوق صار مدعاة لانتقاد وغضب المواطنين، خاصة مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة وحاجتهم إلى وسائل التدفئة المختلفة التي تعتمد على الطاقة الكهربائية.
وبعد أن تسببت طهران في خروج أكثر من ثلث إنتاج الطاقة بعد قرارها نهاية العام الماضي، إيقاف إمدادات الغاز الذي تعمل به بعض محطات الإنتاج العراقية، جاء تصاعد الهجمات الإرهابية مؤخرا على الخطوط الناقلة للطاقة لتزيد من تعقيد معضلة الكهرباء المعقدة أصلا منذ سنوات طويلة، وتضع الحكومة والمسؤولين عن هذا الملف في حرج لا يحسدون عليه.
وفي هذا السياق، يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى العبادي إن «سبعة خطوط نقل فائق للطاقة في محافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين والأنبار، تعرضت لهجمات بعبوات ناسفة ومتفجرات خلال الأسبوع الأخير، ما تسبب بخسارة كبيرة في إنتاج الطاقة». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجمات الأخيرة على أبراج الكهرباء عزلت المنطقة الشمالية عن الوسطى، وتسببت بضرر بالغ على ساعات التجهيز لمحافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى وتسببت في فقدان وتراجع أحمال المنظومة بواقع 500 - 600 ميغاواط».
ولفت إلى أن «الجماعات الإرهابية اتبعت هذا المرة أساليب نوعية في هجماتها، حيث عمدت إلى تفجير الخطوط الناقلة والمحطات التحويلية، وتسببت إحدى الهجمات في قضاء خانقين بخسائر بمئات الملايين من الدولارات في مجال الطاقة».
ورغم الجهود المتواصلة لملاكات وزارة الكهرباء وتمكنها من نصب برج طوارئ وإعادة الخطوط الناقلة بين ديالى وكركوك، فإن استمرار الهجمات يربك عمل المنظومة الكهربائية ويؤثر سلبا على ساعات التجهيز، بحسب المتحدث الرسمي.
وعن التدابير التي تتخذها وزارة الكهرباء والسلطات العراقية لحماية الخطوط الناقلة وإيقاف الهجمات الإرهابية المتكررة، يقول العبادي إن «الوزارة قامت بإبلاغ الجهات الرقابية والتنفيذية ولجان الطاقة والقطعات العسكرية الماسكة للأرض بشأن الهجمات، وطالبت الجهات الأمنية باستخدام طيران مسير لحماية مسار الأبراج والخطوط ونصب كاميرات حرارية على طول تلك المسارات لحماية تلك الأبراج والخطوط من الاستهداف».
وإلى جانب إسهام الهجمات الإرهابية في تراجع إنتاج الطاقة، ما زال القرار الإيراني بإيقاف توريد الغاز للعراق يلقي بظلاله القاتمة على معدلات إنتاج الطاقة وتراجعها. ويؤكد العبادي أن «إيران لم تعاود تصدير الغاز للعراق رغم تعهدات سابقة لوزير طاقتها. محطات إنتاج الطاقة تفتقر إلى نحو 43 مليون متر مكعب في اليوم الواحد نتيجة الممانعة الإيرانية، وذلك يفقدنا أكثر من 600 ميغاواط يوميا». ويضيف أن «انحسار إطلاقات الغاز الإيراني أثر بالمجمل على عموم المنظومة، لا سيما على محطات بغداد والفرات الأوسط، لكن بشكل أقل على المحافظات الجنوبية باعتبار وجود حقول غاز منتجة فيها، لذلك فإن اعتماد الجنوب على بعض الحقول الغازية أسهم بسد جزء كبير من النقص الحاصل في الغاز الإيراني».
وكان وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان زار بغداد، نهاية الشهر الماضي وتعهد بإطلاق الغاز إلى العراق، لكنه لم يفعل وما زال موضوع تسديد الديون الإيرانية المستحقة على العراق يمثل عائقا أمام قضية تجهيز الغاز.
وفي حين تلقي معظم الجهات الرسمية باللائمة على الجماعات الإرهابية وتحملها مسؤولية الهجمات ضد أبراج الطاقة، لا تقلل جهات قريبة من الحكومة العراقية من أهمية الدوافع السياسية التي تقف وراء تدهور المنظومة الكهربائية، ولا تستبعد قيام أطراف سياسية مناهضة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بوضع العصي في عجلة إنتاج الطاقة لإحراجها أمام مواطنيها وبالتالي تسهيل عملية الإطاحة بها قبل موعد الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».