حكومة طرابلس تعترف بارتكاب «تجاوزات» في ترهونة

السراج على خط أزمة النفط... وتكهنات بمصالحة بين حفتر وصالح

ليبيون يرفعون صور بعض الضحايا الذين عثر على جثثهم في المقابر الجماعية لترهونة (أ.ف.ب)
ليبيون يرفعون صور بعض الضحايا الذين عثر على جثثهم في المقابر الجماعية لترهونة (أ.ف.ب)
TT

حكومة طرابلس تعترف بارتكاب «تجاوزات» في ترهونة

ليبيون يرفعون صور بعض الضحايا الذين عثر على جثثهم في المقابر الجماعية لترهونة (أ.ف.ب)
ليبيون يرفعون صور بعض الضحايا الذين عثر على جثثهم في المقابر الجماعية لترهونة (أ.ف.ب)

دخل فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية، التي اعترفت رسمياً بوقوع انتهاكات ضد بعض سكان مدينة ترهونة، على خط أزمة إغلاق حرس المنشآت النفطية لبعض حقول النفط، بينما تكهنت مصادر ليبية بمصالحة وشيكة بين عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وقالت وسائل إعلام محلية إن صالح سيجتمع مع حفتر، دون ذكر أي تفاصيل إضافية، فيما قال مصدر مقرب من صالح لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجتمع مع بلقسام أحد أبناء حفتر، تمهيدا للاجتماع الذي سيكرس مصالحة جديدة بينهما.
من جهة ثانية، وبينما التزم حفتر الصمت، أمر فائز السراج في رسالة رسمية، وجهها إلى وزير دفاعه صلاح النمروش، تم تسريبها أمس، بسرعة صرف مرتبات الحرس المتأخرة في ميناء الحريقة بمدينة طبرق، شمال شرقي ليبيا. وعقب ذلك، قالت شركة الواحة للنفط، أمس، إن حرس المنشآت النفطية في ليبيا أنهى حصاره، الذي استمر فترة وجيزة لميناء رأس لانوف وميناء السدرة، مما يسمح باستئناف الصادرات هناك. فيما قال مهندس نفط في رأس لانوف إن العمل المعتاد «استؤنف في الميناء» أمس.
وأغلق منتسبو الجهاز ميناء الحريقة النفطي، ومنعوا تصدير النفط احتجاجا على وقف رواتبهم، وأعلنوا إخفاق جهود الوساطة المحلية في التوصل إلى نتائج ملموسة، تضمن صرف المرتبات كاملة، وضمان استمراريتها. وبثّ هؤلاء مقطعا مسجلا جاء فيه أنهم قرروا منع تصدير النفط بسبب عدم استئناف صرف الرواتب والعلاوات منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكان ميناء الحريقة، الذي يصدر 120 ألف برميل يوميا، قد توقف عن العمل مطلع الشهر الجاري، بسبب احتجاج مماثل لعناصر حرس المنشآت النفطية، وسط تهديد بغلق باقي الموانئ.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، إرسال تعزيزات أمنية إلى مدينة ترهونة لدعم أجهزتها في حفظ الأمن، وفرض القانون داخلها، مشيرة إلى أن قوة من فرع إدارة إنفاذ القانون بطرابلس توجهت بتعليمات من وزير الداخلية، فتحي باش أغا، لمساندة مديرية الأمن بترهونة.
ومن جانبه، ندد صلاح النمروش، وزير الدفاع بالحكومة بوجود «تجاوزات»، وما وصفها بـ«حالات التشفّي والانتقام في ترهونة»، مشيرا إلى إصدار المدعي العام العسكري أمر اعتقال، شمل أكثر من 3 آلاف من عناصر اللواء التاسع، والمتورطين في جرائم المقابر الجماعية في المدينة. وقال النمروش إنه أمر القوات التابعة لوزارة الدفاع بالسيطرة على الموقف، ورصد أي محاولة لإثارة القلاقل في المدينة، وإحالة كل متعدٍ على الجهات المعنية.
وقال سكان محليون من وسط ترهونة إن ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق، ارتكبت على مدى اليومين الماضيين سلسلة من الجرائم في حق مواطني المدينة، بالإضافة إلى حرق وتدمير متنزه سياحي ومركز تجاري، وذلك بعد اندلاع أعمال انتقامية في المدينة على خلفية اكتشاف مزيد من المقابر الجماعية داخلها.
إلى ذلك، من المقرر أن تعقد اللجنة العسكرية المشتركة، المعروفة باسم «5+5»، اجتماعا في الرابع من الشهر المقبل قصد بحث الخطوات التنفيذية لفتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها.
وقال اللواء فرج الصوصاع، المدعي العام العسكري وعضو وفد الجيش الوطني، إن هناك «توافقا تاما داخل اللجنة على تمكين القوّة الأمنية المُشتركة، المُشكّلة بعد محادثات الغردقة من الانتشار على الطريق الساحلي». وأكد إصرار «الجيش الوطني» على اعتباره الجهة الوحيدة التي يحقّ لها الحضور المسلح داخل الأراضي الليبية، لافتا إلى استمرار عمل اللجنة بشأن معالجة عملية سحب السلاح، والاندماج والتسريح للميليشيات المسلحة، وفقا لرؤية الجيش بضرورة استيعابهم من خلال مؤسسات الدولة، بعيداً عن ساحات القتال والأجواء المشحونة، على حد تعبيره.
لكن قوات تابعة لحكومة الوفاق، ضمن ما يعرف باسم غرفة عمليات وحماية تأمين سرت والجفرة، واصلت في المقابل إغلاق المنافذ البرية لمدينة مصراتة، أمس، وقطع الطريق المؤدي إلى سرت.
في غضون ذلك، كشف مسؤول بالجيش الوطني، أمس، النقاب عن محاولة تركيا الخروج من ليبيا بمكسب. وقال في تصريحات تلفزيونية إن تيار الإخوان «يحاول عرقلة إخراج المرتزقة من ليبيا»، بعد أن أوضح أن خروجهم قد يتأخر لأيام لأسباب فنية.
على صعيد غير متصل، قالت السفارة الإيطالية لدى ليبيا إن اجتماعا عقد أمس في تونس، ضمن فعاليات الندوة الأولى بين رؤساء ومسؤولي البلديات الإيطاليين ونظرائهم الليبيين، وذلك في إطار برنامج التعاون «تنمية قدرات السلطات المركزية والمحلية الليبية لتحسين تقديم الخدمات».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».