تفاقم صراع قيادات «الوفاق» الليبي قبيل اختيار سلطة تنفيذية جديدة

أسر في وقفة احتجاجية بطرابلس للمطالبة بالكشف عن المسؤولين عن مقابر ترهونة (رويترز)
أسر في وقفة احتجاجية بطرابلس للمطالبة بالكشف عن المسؤولين عن مقابر ترهونة (رويترز)
TT

تفاقم صراع قيادات «الوفاق» الليبي قبيل اختيار سلطة تنفيذية جديدة

أسر في وقفة احتجاجية بطرابلس للمطالبة بالكشف عن المسؤولين عن مقابر ترهونة (رويترز)
أسر في وقفة احتجاجية بطرابلس للمطالبة بالكشف عن المسؤولين عن مقابر ترهونة (رويترز)

مع استمرار الهدوء العسكري في ليبيا، والتقدم السياسي نحو انتخابات وطنية، من المقرر إجراؤها في 24 من ديسمبر (كانون الأول) القادم، ومع قرب اختيار سلطة تنفيذية جديدة مؤقتة لحين الانتخابات، ما زال كثير من الليبيين يتوجسون من بعض ما يدور في أروقة حكومة الوفاق، ومما يدور في الغرب الليبي عموماً. ويظهر ذلك فيما يبدو أنه «صراع قائم ومتفاقم بين شخصيات سياسية كانت متحالفة أيام الحرب على طرابلس»، أبرزها ما يجري في العلن والخفاء بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، ووزير داخليته فتحي باشاغا، منذ إحالة السراج باشاغا للتحقيق على خلفية رفض الأخير طريقة تعامل كتائب مسلحة مع مظاهرات خرجت وسط طرابلس نهاية أغسطس (آب) الماضي.
يقول المحلل السياسي والأستاذ بجامعة طرابلس، فرج دردور، لوكالة الأنباء الألمانية: «منذ ذلك اليوم أدرك السراج أنه في خطر... فعندما استدعي باشاغا للتحقيق أحضر معه رتلاً من نحو 500 آلية، في تحدٍ صارخ بجاهزية تلك القوة للتدخل في حال عزله، وبالتالي تمت التسوية وأعيد إلى منصبه».
وفي 20 من ديسمبر الماضي، أصدر السراج قراراً بتحويل تبعية جهاز الردع، أحد أقوى الأجهزة الأمنية في طرابلس، من وزارة الداخلية ليكون تابعا بشكل مباشر له. كما أصدر في 18 من يناير (كانون الثاني) الحالي قراراً آخر باستحداث جهاز أمني هو «جهاز دعم الاستقرار»، منحه صلاحيات واسعة، وكلف عبد الغني الككلي، أحد قادة الكتائب في طرابلس، برئاسته، مع ثلاثة نواب له، كلهم من المنطقة الغربية، ومن غير الموالين لباشاغا.
بهذا الخصوص يقول الحقوقي والمحلل السياسي أحمد الرّوياتي، إن إنشاء جهاز دعم الاستقرار «مناورة من السراج لتقويض العمل السياسي، الذي تقوده البعثة الأممية، وهناك تسريبات بأن السراج يحاول تثبيت السلطة الموجودة حالياً لتقود المرحلة التمهيدية حتى موعد الانتخابات، وبالتالي فهو يحاول أن يخلق نفوذاً لنفسه على المستوى السياسي والعسكري، ويضغط بها في اتجاه عمل البعثة لكي يكون الخيار المحتمل والأرجح لديها للاستمرار في السلطة».
لكن دردور يخالف هذا الرأي، ويوافق السراج في قراره، ويرى أنه «ردة فعلٍ ناتجة عن مخاوف من عدم انضباط وزير الداخلية وتنسيقه مع الخارج، مما دفع السراج لمحاولة خلق قوة أخرى موازية تتبعه مباشرة، وعززها بإنشاء جهاز دعم الاستقرار، من أجل خلق نوع من التوازن». ويقول بهذا الخصوص إن دخول باشاغا من باب حزب العدالة والبناء، الذي يقود عملية سياسية دون فوز في انتخابات، «يعتبر نوعا من اللعب خلف الكواليس، وهذا لا يدفع إلى الاستقرار الذي نأمله، بل سيخلق صراعا وأزمة، ولا يمكن القبول بذلك في أي عملية سياسية». مبرزا أن «السراج أيضاً مساهم بشكل، أو بآخر، في عدم إحداث استقرار لأنه لا يريد تسليم السلطة. لديه مستشارون ينصحونه دائماً بالانفراد، وإصدار بعض القوانين والقرارات التي لا تخدم المصلحة العامة، وتدفع باستمرار وجوده في السلطة».
ويكمل دردور قائلا إن «حكومة السراج أيضاً فيها الكثير من الفساد، هذا على الأقل ما يقال، وبالتالي فإن بقاء كل الصيغ السابقة فيه إجحاف للوطن
والمواطن، ويجب على الأقل إجراء تعديل في هيكلية المجلس الرئاسي وصلاحياته، ولكن ليس تغييراً كاملاً، لأن اختيار السلطة التنفيذية حالياً لا يسير في سياق ديمقراطي طبيعي، بل في إطار محاصصات وجهوية... وهذا قد يدفع مناطق قد تكون غير محسوبة إلى التدخل، والمطالبة بحقها في المشاركة في هذه المقاسمات، والحل هو التنافس الشريف في الانتخابات القادمة، وإلى ذلك، لا ضير من القيام ببعض التعديل في السلطة التنفيذية فقط».
ويضيف الروياتي: «أعتقد أن مشكلة السراج مع البقاء في السلطة تكمن في مستشاريه. وأنا أجزم أنه كان صادقاً في تقديم استقالته بسبب ضغوطات كان يتعرض لها، لكن المجموعة المحيطة به هي من أعادته إلى محاولة إحياء نفسه سياسيا من جديد، لأن هناك مصالح اقتصادية كبيرة لهذه الأطراف، وليس من السهولة أن تسمح بخروج السراج، وأن يتم إقصاؤها أو فضح الفساد الحقيقي، الذي نشأ من اللوبي المحيط بالسراج، وبالتالي فإن الاستقالة كانت حقيقية في وقتها. لكنها أصبحت اليوم غير حقيقية، ولا أعتقد أن السراج لا يزال متمسكاً بها».
لكن الروياتي يستبعد أن يقود هذا الصراع إلى نشوب حرب أخرى، ويعلل ذلك بالقول: «وفق ما نشاهده من توافقات متتالية، لا أعتقد أن المشروع السياسي والتوافق الوطني على كافة المسارات سيفشل، ولكن حتى لو افترضنا أن هذه المسارات ستتوقف أو تفشل، ففي تقديري لن تكون هناك أي حرب، بل حالة من الضبابية والفوضوية والاحتدام السياسي».
وختم الروياتي قائلا: «في النهاية لن يتجرأ أي طرف على إشعال الحرب من جديد، لأن الدول المتداخلة في الملف الليبي، والداعمة للأطراف المتصارعة
وأبرزها روسيا وتركيا، لا تريد هذه الحرب، فقد حققت من المنجزات ما يحول دون المقامرة بعمل عسكري، قد يدفع لتدخل أميركي يمكن أن يقلب الطاولة».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.