الرئيس التونسي يرفض منح الثقة للتعديل الحكومي

رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يرفض منح الثقة للتعديل الحكومي

رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)

أشار الرئيس التونسي أمس إلى أنه سيرفض تعديلا وزاريا مرتقبا، في تصعيد للخلاف مع رئيس الوزراء، بينما يقوض المأزق السياسي جهود التصدي لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.وقال الرئيس قيس سعيد إن التعديل الوزاري سيكون غير دستوري من الناحية الإجرائية، مُدينا عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد المحتملين. وأضاف أنه قد يكون عند بعض أعضاء مجلس الوزراء الجدد تضارب في المصالح، دون أن يدلي بتفاصيل. كما أعلنت ثاني كتلة برلمانية في تونس اعتراضها على التعديل الوزاري الموسع لحكومة هشام المشيشي، الذي سيعرض اليوم للتصويت من أجل نيل الثقة.
وأعلنت الكتلة، التي تضم 38 نائباً، أن نوابها لن يمنحوا أصواتهم للوزراء الجدد. وقال النائب عن الكتلة زهير المغزاوي لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «نحن نعترض على المسار الحكومي برمته، وهذه الحكومة لا تملك المشروعية وليس لها برنامج».
وأضاف المغزاوي موضحاً: «ما يحصل هو أن رئيس الحكومة يريد الحفاظ على منصبه في مقابل الابتزاز الذي تمارسه الأحزاب الداعمة له. كنا نفضل لو حدث تقييم لأداء الحكومة في جلسة أمام البرلمان قبل إعلان التعديل».
وأجرى المشيشي، الذي يقود حكومة تكنوقراط منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، تعديلاً شمل 11 حقيبة وزارية، من بينها ثلاثة تعيينات لسد الشغور بعد إقالات سابقة، شملت وزراء الداخلية والثقافة والبيئة.
وتدعم الحكومة أحزاب حركة النهضة الإسلامية، و«قلب تونس»، وكتلة الإصلاح الديمقراطي، وتمثل هذه الأحزاب مائة نائب في البرلمان.
وليس هناك ما يفرض في الدستور على رئيس الحكومة عرض التعديل الحكومي على التصويت، ولكن الخطوة من شأنها أن تعزز الدعم السياسي للمشيشي. ومن أجل نيل ثقة البرلمان يحتاج التعديل للأغلبية المطلقة بـ109 أصوات على الأقل.
في غضون ذلك، تواصل قيادات الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال) الضغط من أجل معرفة مصير المبادرة السياسية، التي قدمتها إلى الرئيس قيس سعيد، بحجة أن الفرصة مناسبة حالياً لفتح أبواب الحوار الوطني بين مختلف مكونات المجتمع التونسي، في ظل تواصل الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتنمية والتشغيل، والقضاء على التفاوت الجهوي، والاهتمام بشبان الأحياء الشعبية الفقيرة.
واستنكر سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، «التباطؤ غير المبرر لإطلاق الحوار الوطني»، معتبراً أن التأخير «يؤدي إلى ضياع فرصة ذهبية لإنقاذ البلاد التي دخلت مرحلة الوقت القاتل». على حد تعبيره.
ويرى مراقبون أن تأخير انطلاق هذه المبادرة قد أفقدها كثيراً من بريقها، وجعل الحوار مهدداً قبل انطلاقه، فيما تجد عدة أحزاب المناخ مناسباً لتعطيل هذا الحوار، الذي فقد كثيراً من إهميته، بعد إعلان رئيس الحكومة تعديله الوزاري، الذي يعادل نحو40 في المائة من إجمالي أعضاء الحكومة.
وتساءل أكثر من محلل سياسي عن جدوى إطلاق «حوار وطني» في ظل حديث عن إقصاء عدد من الأحزاب السياسية، وتلكؤ الحزام البرلماني الداعم لحكومة المشيشي في دعم مبادرة اتحاد الشغل. كما تساءلوا عن مدى قدرة هذا الحوار الوطني على إخراج تونس من أزمتها الاجتماعية والاقتصادية الحادة.
ونفى غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، وجود علاقة بين التعديل الحكومي ومجريات الحوار الوطني المرتقب، وأكد أن الحوار الوطني يأتي لرسم استراتيجية اقتصادية واجتماعية للمرحلة المقبلة، ولم يستبعد أن تفضي جلسات «الحوار» إلى إمكانية تغيير حكومي جزئي أو كلي.
وتجدر الإشارة إلى أنه جرى استبعاد «الحزب الدستوري الحر» و«ائتلاف الكرامة» من المشاركة في جلسات الحوار. كما بقيت مشاركة رئيس حزب «قلب تونس»، المتهم بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، رهينة بموقف الرئيس سعيد، الذي صرح في أكثر من مناسبة رفضه مشاركة من سماهم «الفاسدين» في جلسات الحوار.
على صعيد غير متصل، قال حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس السابق الباجي قائد السبسي، إن ما صرحت به سعيدة قراش، المتحدثة السابقة باسم رئاسة الجمهورية في برنامج إذاعي «أكاذيب مغرضة وخطيرة، وشهادات باطلة وموجهة لتصفية حساباتها مع بعض الأطراف من عائلة قائد السبسي، وغيرهم من أطراف أخرى».
ونفى نجل الرئيس السابق أن تكون قراش موجودة خلال الأيام الأخيرة من حياة الرئيس الراحل أو من المقربين منه، وقال إنه كان تحت مراقبة أطباء المستشفى العسكري، وفي اتصالات مباشرة ويومية مع عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع السابق، مؤكداً أنه لم يكن للعائلة أي دور رسمي في القرارات، التي كان يتخذها الرئيس الراحل.
وكانت المتحدثة السابقة باسم رئاسة الجمهورية قد أكدت أن نجل الرئيس الراحل «تعامل مع الحزب كحزب والده، وأنه ملكيته وورثته الخاصة، وهو لم يكن صاحب فكر ومشروع سياسي، بل كان صاحب استثمار»، على حد قولها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.