الرئيس التونسي يرفض منح الثقة للتعديل الحكومي

رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
TT
20

الرئيس التونسي يرفض منح الثقة للتعديل الحكومي

رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة هشام المشيشي (أ.ف.ب)

أشار الرئيس التونسي أمس إلى أنه سيرفض تعديلا وزاريا مرتقبا، في تصعيد للخلاف مع رئيس الوزراء، بينما يقوض المأزق السياسي جهود التصدي لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.وقال الرئيس قيس سعيد إن التعديل الوزاري سيكون غير دستوري من الناحية الإجرائية، مُدينا عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد المحتملين. وأضاف أنه قد يكون عند بعض أعضاء مجلس الوزراء الجدد تضارب في المصالح، دون أن يدلي بتفاصيل. كما أعلنت ثاني كتلة برلمانية في تونس اعتراضها على التعديل الوزاري الموسع لحكومة هشام المشيشي، الذي سيعرض اليوم للتصويت من أجل نيل الثقة.
وأعلنت الكتلة، التي تضم 38 نائباً، أن نوابها لن يمنحوا أصواتهم للوزراء الجدد. وقال النائب عن الكتلة زهير المغزاوي لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «نحن نعترض على المسار الحكومي برمته، وهذه الحكومة لا تملك المشروعية وليس لها برنامج».
وأضاف المغزاوي موضحاً: «ما يحصل هو أن رئيس الحكومة يريد الحفاظ على منصبه في مقابل الابتزاز الذي تمارسه الأحزاب الداعمة له. كنا نفضل لو حدث تقييم لأداء الحكومة في جلسة أمام البرلمان قبل إعلان التعديل».
وأجرى المشيشي، الذي يقود حكومة تكنوقراط منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، تعديلاً شمل 11 حقيبة وزارية، من بينها ثلاثة تعيينات لسد الشغور بعد إقالات سابقة، شملت وزراء الداخلية والثقافة والبيئة.
وتدعم الحكومة أحزاب حركة النهضة الإسلامية، و«قلب تونس»، وكتلة الإصلاح الديمقراطي، وتمثل هذه الأحزاب مائة نائب في البرلمان.
وليس هناك ما يفرض في الدستور على رئيس الحكومة عرض التعديل الحكومي على التصويت، ولكن الخطوة من شأنها أن تعزز الدعم السياسي للمشيشي. ومن أجل نيل ثقة البرلمان يحتاج التعديل للأغلبية المطلقة بـ109 أصوات على الأقل.
في غضون ذلك، تواصل قيادات الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال) الضغط من أجل معرفة مصير المبادرة السياسية، التي قدمتها إلى الرئيس قيس سعيد، بحجة أن الفرصة مناسبة حالياً لفتح أبواب الحوار الوطني بين مختلف مكونات المجتمع التونسي، في ظل تواصل الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتنمية والتشغيل، والقضاء على التفاوت الجهوي، والاهتمام بشبان الأحياء الشعبية الفقيرة.
واستنكر سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، «التباطؤ غير المبرر لإطلاق الحوار الوطني»، معتبراً أن التأخير «يؤدي إلى ضياع فرصة ذهبية لإنقاذ البلاد التي دخلت مرحلة الوقت القاتل». على حد تعبيره.
ويرى مراقبون أن تأخير انطلاق هذه المبادرة قد أفقدها كثيراً من بريقها، وجعل الحوار مهدداً قبل انطلاقه، فيما تجد عدة أحزاب المناخ مناسباً لتعطيل هذا الحوار، الذي فقد كثيراً من إهميته، بعد إعلان رئيس الحكومة تعديله الوزاري، الذي يعادل نحو40 في المائة من إجمالي أعضاء الحكومة.
وتساءل أكثر من محلل سياسي عن جدوى إطلاق «حوار وطني» في ظل حديث عن إقصاء عدد من الأحزاب السياسية، وتلكؤ الحزام البرلماني الداعم لحكومة المشيشي في دعم مبادرة اتحاد الشغل. كما تساءلوا عن مدى قدرة هذا الحوار الوطني على إخراج تونس من أزمتها الاجتماعية والاقتصادية الحادة.
ونفى غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، وجود علاقة بين التعديل الحكومي ومجريات الحوار الوطني المرتقب، وأكد أن الحوار الوطني يأتي لرسم استراتيجية اقتصادية واجتماعية للمرحلة المقبلة، ولم يستبعد أن تفضي جلسات «الحوار» إلى إمكانية تغيير حكومي جزئي أو كلي.
وتجدر الإشارة إلى أنه جرى استبعاد «الحزب الدستوري الحر» و«ائتلاف الكرامة» من المشاركة في جلسات الحوار. كما بقيت مشاركة رئيس حزب «قلب تونس»، المتهم بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، رهينة بموقف الرئيس سعيد، الذي صرح في أكثر من مناسبة رفضه مشاركة من سماهم «الفاسدين» في جلسات الحوار.
على صعيد غير متصل، قال حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس السابق الباجي قائد السبسي، إن ما صرحت به سعيدة قراش، المتحدثة السابقة باسم رئاسة الجمهورية في برنامج إذاعي «أكاذيب مغرضة وخطيرة، وشهادات باطلة وموجهة لتصفية حساباتها مع بعض الأطراف من عائلة قائد السبسي، وغيرهم من أطراف أخرى».
ونفى نجل الرئيس السابق أن تكون قراش موجودة خلال الأيام الأخيرة من حياة الرئيس الراحل أو من المقربين منه، وقال إنه كان تحت مراقبة أطباء المستشفى العسكري، وفي اتصالات مباشرة ويومية مع عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع السابق، مؤكداً أنه لم يكن للعائلة أي دور رسمي في القرارات، التي كان يتخذها الرئيس الراحل.
وكانت المتحدثة السابقة باسم رئاسة الجمهورية قد أكدت أن نجل الرئيس الراحل «تعامل مع الحزب كحزب والده، وأنه ملكيته وورثته الخاصة، وهو لم يكن صاحب فكر ومشروع سياسي، بل كان صاحب استثمار»، على حد قولها.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.