«المسارح المتنقلة» مبادرة مصرية لسد «الفجوة الثقافية»

تركز على المناطق النائية والأكثر احتياجاً في ستة أقاليم

«المسارح المتنقلة» مبادرة مصرية لسد «الفجوة الثقافية»
TT

«المسارح المتنقلة» مبادرة مصرية لسد «الفجوة الثقافية»

«المسارح المتنقلة» مبادرة مصرية لسد «الفجوة الثقافية»

في محاولة منها لسد «الفجوة الثقافية والفنية» بين العاصمة والمدن الكبرى من جهة، وبين المناطق النائية والأكثر احتياجاً من جهة أخرى، أطلقت وزارة الثقافة المصرية مبادرة «المسارح المتنقلة» لتجوب معظم مناطق مصر لنشر الفنون والثقافة والإبداع.
وأعلنت وزارة الثقافة في بيان صحافي أول من أمس، تسلم الوزارة 6 مسارح متنقلة وضمها لمنظومة العمل بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وتوزيعها بواقع مسرح لكل إقليم من الأقاليم الثقافية الرئيسية الستة، وهي إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد، وسط وجنوب الصعيد، وغرب الدلتا، وشرق الدلتا، والقناة وسيناء، من أجل تطبيق استراتيجية تتضمن وضع قواعد بيانات تحتوي على تصنيف عمري وثقافي وفني للنابغين والمبدعين في الأقاليم خصوصاً في القرى والنجوع لضمان وصول المكون والمنتج الثقافي لكل شرائح المجتمع.
ويبلغ عدد المراكز الثقافية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة في جميع أنحاء البلاد نحو 623 مركزاً (144 قصراً، و254 بيتاً، و255 مكتبة).
ويقول الدكتور أحمد عواض، رئيس هيئة قصور الثقافة لـ«الشرق الأوسط»: «تم الانتهاء من خطة إعادة تشغيل القصور المغلقة بنسبة 80 في المائة، ما يساهم في سرعة الوصول إلى المناطق المحرومة»، ويوضح عواض أنّ الهيئة تحاول تكثيف وجودها حالياً في معظم المحافظات عبر مبادرات عدة من بينها «ابدأ حلمك» التي أُطلقت في البداية بمحافظات الشرقية والفيوم وأسيوط كمرحلة أولى، ويُستعدّ لتدشينها في 5 محافظات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وعن كيفية تشغيل المسارح المتنقلة التي صُممت وصُنّعت بالكامل في مصر يشير عواض إلى أنّ «فريقاً من الهيئة دُرّب على تشغيلها»، وثمّن عواض التجربة الجديدة، قائلاً: «سوف تساهم في اكتشاف المبدعين، بجانب نشر الثقافة والفنون في الأماكن التي لا يوجد بها بيوت ثقافة عبر عروض مسرحية وغنائية مميزة للغاية».
ويتكون كل مسرح متنقل من سيارة نقل، بالإضافة إلى مقطورة متحركة الأولى مجهزة لخدمات الكهرباء والمياه وتشمل لوحات تحكم وتوزيع وحماية للقدرة الكهربائية، بالإضافة لغرفتين للخدمات، أما الثانية (المقطورة) فتحمل مسرحاً، بمساحة 37.5 متر مربع، قابلاً للفك والتركيب يُجهّز لإقامة العروض في مدة تتراوح بين 3 و4 ساعات، بالإضافة إلى ضمها أحدث معدات الصوت والضوء والميكسر، كما تتضمن غرفة كنترول مكيفة، وأربع خيام مجهزة تمثل غرف استبدال الملابس للفنانين، وفق عواض، الذي أشار إلى أنّ «إقليم القناة وسيناء الثقافي أول منطقة وصل إليها المسرح المتنقل الخاص بها وجارٍ إعداد برنامج جولتها في جميع القرى والنجوع التابعة للإقليم خصوصاً الأماكن التي لا يوجد بها بيوت ثقافة أو مكتبات».
وتواصل وزارة الثقافة المصرية تنفيذ خطة تحقيق العدالة الثقافية التي بدأتها في السنوات الأخيرة، عبر تدشين مهرجانات سينمائية وموسيقية جديدة في الأقاليم والمحافظات البعيدة عن العاصمة المصرية التي تتركز فيها معظم الأنشطة، وكان أحدثها مهرجان دندرة للموسيقى والغناء بمحافظة قنا (جنوب مصر)، الذي حقق نجاحاً لافتاً في دورته الأولى العام الماضي، بعد اجتذابه نحو 40 ألف مشاهد خلال مدة المهرجان الذي شارك فيه مطربون بارزون وفرق شهيرة من بينهم «فرقة بلاك تيما، والفنان مدحت صالح بمصاحبة عازف البيانو عمرو سليم، وفرقة وسط البلد، وعلي الحجار، وعازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز، ودينا الوديدي، وهشام عباس، وفرقة مسار إجباري، والمطربة مي فاروق».
ورغم جائحة كورونا، فإنّ الوزارة أشرفت على تنظيم أكثر من 14 مهرجانا فنيا وملتقى أدبيا العام الماضي، على غرار المهرجان القومي للمسرح، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، ومهرجان سماع الدولي لـلإنشاد والموسيقى الروحية، ومهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي. كما أنتجت الهيئة العامة لقصور الثقافة 258 عرضاً مسرحياً لفرق النوادي والتجارب النوعية ولقاء المخرجين، وورشة «ابدأ حلمك» في المحافظات بواقع 774 ليلة عرض، وفق تقرير وزارة الثقافة لحصاد عام 2020.
وبجانب المبادرات الفنية الحكومية التي تهدف إلى سد الفجوة الثقافية وتحقيق العدالة الفنية بين سكان العاصمة والأقاليم النائية، تنشط بعض المؤسسات الأهلية الأخرى في بعض أقاليم مصر على غرار مهرجان «مساحات» الجوال للفنون التراثية، الذي يعطي أهالي المحافظات الإقليمية فرصة التعبير عن تراثهم وفنونهم الشعبية وشخصية مدينتهم عبر ورش تدريب متنوعة، ورواية حكاياتهم، من أجل الحد من احتكار العاصمة للأنشطة الثقافية والفنية، وتطوير مهارات الفنانين المستقلين، حسب طاهرة طارق، مؤسسة المهرجان.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
TT

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر (جنوب مصر) بحضارتها العريقة وطبيعتها المُشمسة، استعداداً للبدء في تنفيذ أعمالهم من وحي روح المدينة القديمة.

الملتقى الذي يقام تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية وينظمه صندوق التنمية الثقافية، يواصل أعماله حتى السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويقول الفنان المصري ياسر جعيصة، القوميسير العام للملتقى، إن «دورة هذا العام يشارك فيها 25 فناناً من مصر ومختلف دول العالم، منهم فنانون من سوريا، والأردن، والسودان، وقطر، واليمن، والولايات المتحدة، والهند، وبلغاريا، وروسيا، وألبانيا، وبولندا، والسنغال».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم تحديد ثيمة معينة ليعمل عليها الفنانون المشاركون في الملتقى؛ إذ نهدف إلى أن يلتقط كل فنان روح مدينة الأقصر بأسلوبه الفني الخاص وأسلوبه في التفاعل معها بشكل حُر، دون تقيّد بثيمة أو زاوية مُحددة، سواء كان التفاعل بطبيعتها، أو بوجهها الأثري، أو الخروج بانفعال فني ذاتي، وهذا يمنح للأعمال فرصة الخروج بصورة أكثر تنوعاً كنتاج للملتقى».

ويتابع: «بالإضافة إلى ذلك، فهناك اهتمام هذا العام بخلق حوار مع مجتمع مدينة الأقصر، عبر تنظيم أكثر من فعالية وورش عمل بين الفنانين والأطفال والأهالي لخلق حالة أكبر من التفاعل الفني».

عدد من الفنانين المشاركين في ملتقى الأقصر للتصوير (قوميسير الملتقى)

ومع اليوم الأول لانطلاق الملتقى بدأ الفنانون في الاندماج مع المدينة من خلال ورش عمل متخصصة، منها ورشة للفنان الهندي هارش أجراول الذي نظم ورشة عمل باستخدام خامة «الأكواريل» المعروف بتميزه في التعامل معها فنياً، وهي ورشة استقبلت عدداً من طلاب كلية الفنون الجميلة من قسم التصوير بالأقصر الذين سيحضرون على مدار أيام الملتقى للتفاعل مع الفنانين بشكل مباشر والاستفادة من خبراتهم الفنية، وفق القوميسير.

ويعتبر الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ثمة تغييرات تم استحداثها في برنامج الملتقى للخروج بنسخة مميزة لدورة هذا العام»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «توفير أفضل الظروف للفنانين من خامات، وإطالة مدة الجولات الفنية الخارجية داخل المدينة، والرسم في المواقع المفتوحة والأثرية... كان من أبرز الأفكار والموضوعات التي يسعى لتفعيلها قوميسير الملتقى ياسر جعيصة خلال تلك الدورة، في محاولة أن تخرج أعمال الملتقى أكثر انسجاماً وتعبيراً عن روح مدينة الأقصر».

ومن المنتظر أن تُعرض أعمال الملتقى في اليوم الختامي بمحافظة الأقصر، على أن يتم تنظيم عرض خاص آخر لها بالقاهرة مطلع العام المقبل.

ويرى الفنان طارق الكومي، نقيب الفنانين التشكيليين بمصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ملتقى الأقصر مناسبة لتبادل الخبرات بين الجنسيات والأجيال المختلفة، وكذلك مناسبة لتقديم حدث تشكيلي مميز للمجتمع الأقصري وزوار المدينة، واستلهام الفنانين لعالم فني مُغاير يستفيد من عناصر مدينة الأقصر وتاريخها العريق»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».

وتعد مدينة الأقصر من أبرز الوجهات السياحية العالمية التي تضم مواقع أثرية وثقافية بارزة منها: معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، ومقابر وادي الملوك، ووادي الملكات.