{القبة الحديدية} لحماية القواعد الأميركية من تهديدات إيران

{القبة الحديدية} لحماية القواعد الأميركية من تهديدات إيران
TT

{القبة الحديدية} لحماية القواعد الأميركية من تهديدات إيران

{القبة الحديدية} لحماية القواعد الأميركية من تهديدات إيران

وافقت إسرائيل على طلب بنشر عدد من منظومات «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ في القواعد العسكرية الأميركية في الخليج العربي وأوروبا والشرق الأقصى، لردع التهديدات الإيرانية ووكلائها، في وقت جرت أول مشاورات بين الإدارة الأميركية الجديدة، وتل أبيب حول الملف النووي الإيراني والأوضاع الإقليمية، قبل زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن مطلع الشهر المقبل.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس صحة التقارير عن مشاورات حول عدة قضايا إقليمية على رأسها الملف الإيراني، جرت السبت بين مستشار نتنياهو للأمن القومي، مئير بنشبات، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جك ساليفان، عبر الهاتف لأول مرة منذ تولي جو بايدن منصبه الأسبوع الماضي.
وفي وقت سابق السبت، أفادت القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي، بأن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، يوسي كوهين، سيعرض وجهة النظر الإسرائيلية بشأن رؤية بايدن للدبلوماسية مع إيران والعودة إلى الاتفاق النووي، في أول زيارة لمسؤول إسرائيلي يلتقي بايدن منذ تولي مهامه في البيت الأبيض.
ومن المفترض أن يقدم كوهين إلى بايدن وكبار مسؤولي الدفاع الأميركيين معلومات جديدة بشأن برنامج إيران النووي السري، كما يتوقع أن يطلب رجل من إدارة بايدن إرغام طهران على فرض قيود شديدة على برنامجها النووي فيما يستوجب تعديلات جذرية للاتفاق النووي، حسب ما أفادت قناة 12 للتلفزيون الإسرائيلية.
بدورها أشارت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إلى قائمة مطالب إسرائيلية من الإدارة الأميركية، في حال قررت الولايات المتحدة العودة إلى الاتفاق النووي، تدور حول دمج عدد من المكونات الأساسية في الصفقة لضمان الأمن القومي لإسرائيل، على أن تتضمن على الصعيد النووي، «تعهداً إيرانياً» بالوقف الفوري لتخصيب اليورانيوم والتوقف عن إنتاج أجهزة طرد مركزي متقدمة ومنح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق تفتيش كل المنشآت خلال عمليات التفتيش النووية. فيما يخص الدور الإقليمي أشارت إلى أن الطلب الإسرائيلي يقتصر على «وقف دعم إيران للجماعات الإرهابية مثل (حزب الله) الشيعي اللبناني»، فضلاً عن إرغامها على «سحب الوجود العسكري الإيراني في العراق وسوريا واليمن».
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، أن إسرائيل استجابت لطلب القوات المشتركة لجيوش الولايات المتحدة الأميركية، بنصب عدد من منظومات «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ في عدد من دول أوروبا والخليج العربية والشرق الأقصى.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين أنه من المتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة قريباً في نشر بطاريات القبة الحديدية، التي وصفتها بأنها «إحدى جواهر صناعة الأسلحة الإسرائيلية»، في القواعد العسكرية الأميركية في عدد من الدول، بينها دول في الشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأقصى. إلا أن الصحيفة ذكرت أن المسؤولين الإسرائيليين رفضوا الكشف عن الدول التي سيتم نشر هذه الأنظمة بها، كما نفوا أن يكون هذا جزءاً من اتفاقيات تطبيع العلاقات.
والقبة الحديدية، هي منظومة صواريخ مضادة للصواريخ، من صنع إسرائيلي، قادرة على اعتراض صواريخ على مسافة من 4 إلى 70 كيلومتراً. وهي من صنع شركة «رفائيل» لتطوير الأسلحة، بتمويل من الولايات المتحدة. وقد اشترى الجيش الأميركي هذه المنظومة، واتفقت «رفائيل» مع شركة «رايثاون» الأميركية، وهي واحدة من أكبر الشركات الأمنية في العالم، على إنتاجها المشترك، وتدشين خط إنتاجها خارج إسرائيل.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أجرت الولايات المتحدة تجارب لاعتراض صواريخ في ولاية نيومكسيكو لتحديد نوع الأنظمة التي يمكن نشرها لحماية مواقعها على الأرض من مختلف التهديدات الجوية، وفضلت أنظمة «القبة الحديدية» على ثلاثة خيارات أخرى، من بينها أنظمة من صنع شركتي «بوينغ» و«جنرال دايناميكس».
يذكر أن الولايات المتحدة بدأت في تسلم بطارية «القبة الحديدية» في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وتسلمت بطارية ثانية، قبل نحو ثلاثة أسابيع، في إطار اتفاق لشراء بطاريتين جرى التوقيع عليه في شهر أغسطس (آب) 2019. وفي حينه قالت واشنطن إنها اشترتها لغرض نشرها في دول أوروبية، لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات الباليستية والجوية. وأشارت إلى أنه سيتم اختبار المنظومة في إطار إعداد ردود محتملة على التهديدات من الجو. ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حينه بالصفقة. وقال إن «هذا إنجاز عظيم لإسرائيل» ودليل على تعزيز «التحالف القوي» بين تل أبيب وواشنطن.
وقالت «هآرتس» إن «وزارة الأمن والصناعات الأمنية في إسرائيل تطالب دائرة الإشراف على الصادرات الأمنية في وزارة الدفاع بتليين القيود على تصدير أسلحة إسرائيلية. والاعتقاد في الصناعات الأمنية هو أنه بالإمكان اليوم تصدير أسلحة متطورة إلى دول امتنعت إسرائيل في الماضي عن بيعها أسلحة كهذه».
وأفاد موقع «والا» الإسرائيلي أن قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكنزي، سيصل إلى إسرائيل الخميس، وهي أول زيارة منذ تولي بايدن، ونقل إسرائيل إلى مسؤولية القيادة. وبالإضافة إلى التوقيت، شددت مصادر سياسية للموقع على أهمية الزيارة في سياق التهديدات الإقليمية والمفاوضات المقبلة مع إيران.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.