الأحزاب اللبنانية تحاول ترميم علاقتها مع القواعد الشعبية بالمساعدات

وفرت تبعات الإغلاق العام فرصة للأحزاب اللبنانية لترميم شعبيتها (إ.ب.أ)
وفرت تبعات الإغلاق العام فرصة للأحزاب اللبنانية لترميم شعبيتها (إ.ب.أ)
TT

الأحزاب اللبنانية تحاول ترميم علاقتها مع القواعد الشعبية بالمساعدات

وفرت تبعات الإغلاق العام فرصة للأحزاب اللبنانية لترميم شعبيتها (إ.ب.أ)
وفرت تبعات الإغلاق العام فرصة للأحزاب اللبنانية لترميم شعبيتها (إ.ب.أ)

أدخل فشل الحكومة اللبنانية في التعاطي مع ملف «كورونا» الأزمة الصحيّة في البازار السياسي والحزبي، تماماً كما هو الحال مع الأزمة الاقتصادية التي استغلتها الأحزاب لتقديم نفسها بديلاً عن الدولة المهترئة القدرات، وذلك في محاولة لـ«ترميم علاقتها مع القواعد الشعبية».
فمع بداية الأزمة الاقتصادية العام الماضي، خرجت قيادات حزبيّة مثل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، لتطمئن جماهيرها بأنّها لن تدعها تجوع. وتسابقت الأحزاب، كلٌ في الإطار الجغرافي الذي يتمتع فيه بنفوذ سياسي، على تقديم الحصص الغذائية والمازوت إلى الأسر الأكثر حاجة، فيما عمدت أحزاب أخرى إلى دعوة المغتربين إلى دعم أبناء مناطقهم أو أحزابهم أو حتى طوائفهم.
وعمد بعض الأحزاب حتى إلى تصوير عمليات توزيع المساعدات، الأمر الذي عرضها للانتقادات بأنها تقوم بدعاية سياسية على حساب أوجاع الناس. وحاولت أحزاب وقوى سياسية حتى الاستفادة من المساعدات النقدية التي وزّعتها الحكومة اللبنانية في أبريل (نيسان) الماضي على الأسر والأشخاص الأكثر حاجة الذين تعطلت أعمالهم وأشغالهم جراء الإجراءات والتدابير الخاصة بحالة التعبئة العامة الصحية التي فرضتها الجائحة، إذ تبيّن بعد تدقيق الجيش اللبناني باللوائح المستفيدة، وجود أسماء منتفعة غير مستحقة وأسماء موتى وضعتها جهات سياسية وحزبية.
ما تقوم به الأحزاب من تقديم مساعدات هو «محاولة ترميم علاقتها مع القواعد الشعبية حتى تتمكّن لاحقاً من خوض معارك سياسية يصطف خلالها الجمهور معها»، حسبما يرى الناشط السياسي والمحاضر الجامعي مارك ضو، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن هذه الأحزاب تستفيد من الأزمات عبر تقديم نفسها للرأي العام المحلي والعالمي على أنها لا يوجد غيرها قوى جاهزة لتتعاطى مع الأزمة ما يعني أن أي حل يجب أن يمر عبرها.
ويشدّد ضو، وهو عضو مؤسس في حزب «تقدّم»، على أنّ تعطيل دور الدولة والمؤسسات وتحويل الأطراف السياسية والأحزاب إلى مقدمي خدمات هو نهج متعمّد، إذ «تعمل القوى السياسية على إيجاد الفراغ في السلطة وتشلّ عمل المؤسسات لتعود وتقدّم نفسها كحل في ظلّ الفراغ الذي تسببت به».
ولم يخرج التعاطي مع ملف «كورونا» صحياً عن هذا النهج، فبعدما فقدت الدولة القدرة على السيطرة على الوباء دخلت الأحزاب على الخط، إذ قام عدد منها بوضع مجموعة من الأطباء أو الممرضين المنتمين إلى الحزب بتصرف المصابين في مناطق نفوذه، أو عمل على تقديم شقق كمراكز للحجر أو حتى المساعدة في الحصول على أدوية أو أجهزة طبية مفقودة.
وصحيح أن بعض هذه المبادرات جاء عن طريق دعم الأحزاب للبلديات، إلا أن هذا الأمر لا يبعد أبداً عنها الشبهة السياسية «فهذه الأحزاب نفسها التي تشكل السلطة عمدت إلى تعطيل عمل البلديات»، حسب ما يشير ضو، شارحاً أن معظم البلديات الصغيرة في لبنان تعاني من مشاكل مادية فمداخيلها بالليرة اللبنانية التي فقدت 80 في المائة من قيمتها، وأجهزتها الإدارية غير كفوءة في الكثير من الأحيان لأن التوظيفات فيها تخضع للتنفيعات السياسية والحزبية، ما يعني أن دورها معطل. أمّا البلديات الكبيرة التي يمكن أن يكون لها دور فهي وحسب القوانين المرعية يجب أن تعود بالكثير من الأمور إلى القائمقام والمحافظ، ما يفتح المجال أمام التدخل السياسي.
ولم ينجُ حتى لقاح «كورونا» من الدخول في السوق السياسية، إذ تم ومنذ أكثر من أسبوع تسريب معلومات عن جهود يقوم بها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري تهدف إلى الحصول على مليون جرعة من اللقاح الصيني. وقبل يومين، أعلن النائب فؤاد مخزومي حصول مؤسسته على موافقة مبدئية من وزارة الصحة لاستيراد لقاح «كورونا» الذي سيقدمه مجاناً للراغبين من المواطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».