إدارة بايدن تنتقد «ترهيب» بكين لتايوان و«قمع» موسكو لمؤيدي نافالني

رسالتان حازمتان في مستهل عهده لكل من الصين وروسيا

بايدن لدى توقيعه أوامر تنفيذية الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
بايدن لدى توقيعه أوامر تنفيذية الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

إدارة بايدن تنتقد «ترهيب» بكين لتايوان و«قمع» موسكو لمؤيدي نافالني

بايدن لدى توقيعه أوامر تنفيذية الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
بايدن لدى توقيعه أوامر تنفيذية الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

وجهت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رسالتين حازمتين إلى كل من الصين وروسيا، رافضة محاولات الأولى «ترهيب» تايوان غداة تحليق طائرات حربية صينية قرب الجزيرة التي تتمتع بحكومة منتخبة ديمقراطياً وتحظى بدعم من الولايات المتحدة، التي أرسلت بصورة متزامنة حاملة الطائرات «يو أس أس ثيودور روزفلت» ومجموعتها الضاربة إلى بحر الصين الجنوبي، فيما انتقدت بشدة أيضاً «قمع» السلطات الروسية لتظاهرات شهدتها البلاد احتجاجاً على اعتقال زعيم المعارضة ألكسي نافالني.
وجاء الموقف الأميركي الأول كرد فعل على إرسال الصين السبت ثماني قاذفات قادرة على حمل أسلحة نووية وأربع طائرات مقاتلة إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي جنوب غربي تايوان، ثم إرسال 16 طائرة عسكرية أخرى من طرازات مختلفة الأحد إلى المنطقة ذاتها، وفقاً لما أعلنته وزارة الدفاع التايوانية، التي أضافت أنها استدعت مقاتلاتها وبثت تحذيرات عبر الإذاعة ونشرت أنظمة صواريخ دفاع جوي «لمراقبة النشاط» الصيني.
وفُسرت هذه المناورات العسكرية الصينية باعتبارها جزءاً من نمط قديم تتبعه بكين من أجل الضغط على الرئيسة تساي إنغ - وين، وانتزاع إقرار بأن تايوان جزء من أراضي الصين، ولكنها أيضاً محاولة لاختبار تصميم الإدارة الأميركية الجديدة وعزيمة الرئيس بايدن حيال قضايا المنطقة.
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، بأن الولايات المتحدة «تلاحظ بقلق نمط المحاولات المتواصلة من الصين لترهيب جيرانها، بما في ذلك تايوان». وحضّ بكين على «وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ضد تايوان» والاستعاضة عن ذلك بـ«الانخراط في حوار هادف مع ممثليها المنتخبين ديمقراطياً». وقال: «سنقف مع الأصدقاء والحلفاء لتعزيز ازدهارنا المشترك وأمننا وقيمنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ»، مشدداً على أن ذلك «يشمل تعميق علاقاتنا مع تايوان الديمقراطية». وأضاف أن بلاده ستواصل «دعم الحل السلمي للقضايا عبر المضيق، بما يتفق مع رغبات الشعب في تايوان ومصالحه»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «تحافظ على التزاماتها طويلة الأمد» مع تايوان. وتعهد «مواصلة مساعدة تايوان في الاحتفاظ بقدرة كافية للدفاع عن النفس»، موضحاً أن «التزامنا تجاه تايوان حازم للغاية ويساهم في الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان وداخل المنطقة».
وهذا الدليل الأول على أن الإدارة الجديدة ستواصل ضغوطها على الصين في الكثير من القضايا الخلافية، علماً بأن إشارة أخرى ظهرت عبر توجيه دعوة إلى السفير التايواني في واشنطن بي - كيم هسياو، لحضور حفل تنصيب بايدن. وانفصلت تايوان عن الصين وسط حرب أهلية عام 1949. وتكرر الصين أنها عازمة على إخضاع الجزيرة لسيطرتها بالقوة إذا لزم الأمر. وحولت الولايات المتحدة اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في عام 1979، ولكن يتوجب عليها قانوناً أن تضمن قدرة تايوان في الدفاع عن نفسها.
حاملة طائرات
وبالتزامن مع هذه التطورات، دخلت حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت إلى بحر الصين الجنوبي برفقة المجموعة الضاربة المرافقة لها في سياق «عمليات روتينية» بهدف «ضمان حرية البحار».
ورأى المسؤول السابق عن ملف الصين لدى وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» درو طومسون أن المسؤولين العسكريين الصينيين ربما لم يخططوا بالضرورة لإجراء مناورات مع الأخذ في الاعتبار وجود إدارة أميركية جديدة، فإن التوقيت يمكن أن يكون ذا قيمة لبكين. وقال إن المناورات «مناسبة عسكرياً» ولكنها أيضاً «إشارة سياسية مفيدة للغاية ليس فقط إلى تايوان ولكن بالطبع إلى إدارة بايدن».
وكان المرشح لوزير الخارجية أنتوني بلينكن أفاد بأنه يتفق مع بعض وجهات نظر إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب حيال الصين، ولكن ليس بالضرورة تكتيكاتها.
دعم أميركي لنافالني
في غضون ذلك، اعتقلت السلطات الروسية أكثر من ثلاثة آلاف شخص شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لزعيم المعارضة، وبينهم يوليا زوجة نافالني الذي يعد أبرز منتقد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واعتقل فور عودته إلى روسيا من ألمانيا، حيث كان يتعافى منذ أشهر من عملية تسمم.
وأفادت الناطقة باسم السفارة الأميركية لدى موسكو ريبيكا روس في تغريدة على «تويتر» بأن «السلطات الروسية تعتقل المتظاهرين السلميين والصحافيين»، مضيفة: «يبدو أن هذه حملة منسقة لقمع حرية التعبير والتجمع السلمي».
بدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان إن «الولايات المتحدة تندد بشدة باستخدام التكتيكات القاسية ضد المحتجين السلميين والصحافيين في روسيا». وطالب السلطات الروسية بـ«إطلاق المعتقلين لممارسة حقوقهم، وبينهم أليكسي نافالني، والتحقيق بصدقية في تسممه».
وكان بلينكن أكد أن روسيا «تحتل مكانة عالية جداً» في جدول أعمال إدارة بايدن. وتعهد دعم نافالني لأنه «صوت لملايين وملايين الروس ويجب سماع أصواتهم».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».