وجهت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رسالتين حازمتين إلى كل من الصين وروسيا، رافضة محاولات الأولى «ترهيب» تايوان غداة تحليق طائرات حربية صينية قرب الجزيرة التي تتمتع بحكومة منتخبة ديمقراطياً وتحظى بدعم من الولايات المتحدة، التي أرسلت بصورة متزامنة حاملة الطائرات «يو أس أس ثيودور روزفلت» ومجموعتها الضاربة إلى بحر الصين الجنوبي، فيما انتقدت بشدة أيضاً «قمع» السلطات الروسية لتظاهرات شهدتها البلاد احتجاجاً على اعتقال زعيم المعارضة ألكسي نافالني.
وجاء الموقف الأميركي الأول كرد فعل على إرسال الصين السبت ثماني قاذفات قادرة على حمل أسلحة نووية وأربع طائرات مقاتلة إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي جنوب غربي تايوان، ثم إرسال 16 طائرة عسكرية أخرى من طرازات مختلفة الأحد إلى المنطقة ذاتها، وفقاً لما أعلنته وزارة الدفاع التايوانية، التي أضافت أنها استدعت مقاتلاتها وبثت تحذيرات عبر الإذاعة ونشرت أنظمة صواريخ دفاع جوي «لمراقبة النشاط» الصيني.
وفُسرت هذه المناورات العسكرية الصينية باعتبارها جزءاً من نمط قديم تتبعه بكين من أجل الضغط على الرئيسة تساي إنغ - وين، وانتزاع إقرار بأن تايوان جزء من أراضي الصين، ولكنها أيضاً محاولة لاختبار تصميم الإدارة الأميركية الجديدة وعزيمة الرئيس بايدن حيال قضايا المنطقة.
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، بأن الولايات المتحدة «تلاحظ بقلق نمط المحاولات المتواصلة من الصين لترهيب جيرانها، بما في ذلك تايوان». وحضّ بكين على «وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ضد تايوان» والاستعاضة عن ذلك بـ«الانخراط في حوار هادف مع ممثليها المنتخبين ديمقراطياً». وقال: «سنقف مع الأصدقاء والحلفاء لتعزيز ازدهارنا المشترك وأمننا وقيمنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ»، مشدداً على أن ذلك «يشمل تعميق علاقاتنا مع تايوان الديمقراطية». وأضاف أن بلاده ستواصل «دعم الحل السلمي للقضايا عبر المضيق، بما يتفق مع رغبات الشعب في تايوان ومصالحه»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «تحافظ على التزاماتها طويلة الأمد» مع تايوان. وتعهد «مواصلة مساعدة تايوان في الاحتفاظ بقدرة كافية للدفاع عن النفس»، موضحاً أن «التزامنا تجاه تايوان حازم للغاية ويساهم في الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان وداخل المنطقة».
وهذا الدليل الأول على أن الإدارة الجديدة ستواصل ضغوطها على الصين في الكثير من القضايا الخلافية، علماً بأن إشارة أخرى ظهرت عبر توجيه دعوة إلى السفير التايواني في واشنطن بي - كيم هسياو، لحضور حفل تنصيب بايدن. وانفصلت تايوان عن الصين وسط حرب أهلية عام 1949. وتكرر الصين أنها عازمة على إخضاع الجزيرة لسيطرتها بالقوة إذا لزم الأمر. وحولت الولايات المتحدة اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في عام 1979، ولكن يتوجب عليها قانوناً أن تضمن قدرة تايوان في الدفاع عن نفسها.
حاملة طائرات
وبالتزامن مع هذه التطورات، دخلت حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت إلى بحر الصين الجنوبي برفقة المجموعة الضاربة المرافقة لها في سياق «عمليات روتينية» بهدف «ضمان حرية البحار».
ورأى المسؤول السابق عن ملف الصين لدى وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» درو طومسون أن المسؤولين العسكريين الصينيين ربما لم يخططوا بالضرورة لإجراء مناورات مع الأخذ في الاعتبار وجود إدارة أميركية جديدة، فإن التوقيت يمكن أن يكون ذا قيمة لبكين. وقال إن المناورات «مناسبة عسكرياً» ولكنها أيضاً «إشارة سياسية مفيدة للغاية ليس فقط إلى تايوان ولكن بالطبع إلى إدارة بايدن».
وكان المرشح لوزير الخارجية أنتوني بلينكن أفاد بأنه يتفق مع بعض وجهات نظر إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب حيال الصين، ولكن ليس بالضرورة تكتيكاتها.
دعم أميركي لنافالني
في غضون ذلك، اعتقلت السلطات الروسية أكثر من ثلاثة آلاف شخص شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لزعيم المعارضة، وبينهم يوليا زوجة نافالني الذي يعد أبرز منتقد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واعتقل فور عودته إلى روسيا من ألمانيا، حيث كان يتعافى منذ أشهر من عملية تسمم.
وأفادت الناطقة باسم السفارة الأميركية لدى موسكو ريبيكا روس في تغريدة على «تويتر» بأن «السلطات الروسية تعتقل المتظاهرين السلميين والصحافيين»، مضيفة: «يبدو أن هذه حملة منسقة لقمع حرية التعبير والتجمع السلمي».
بدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان إن «الولايات المتحدة تندد بشدة باستخدام التكتيكات القاسية ضد المحتجين السلميين والصحافيين في روسيا». وطالب السلطات الروسية بـ«إطلاق المعتقلين لممارسة حقوقهم، وبينهم أليكسي نافالني، والتحقيق بصدقية في تسممه».
وكان بلينكن أكد أن روسيا «تحتل مكانة عالية جداً» في جدول أعمال إدارة بايدن. وتعهد دعم نافالني لأنه «صوت لملايين وملايين الروس ويجب سماع أصواتهم».
إدارة بايدن تنتقد «ترهيب» بكين لتايوان و«قمع» موسكو لمؤيدي نافالني
رسالتان حازمتان في مستهل عهده لكل من الصين وروسيا
إدارة بايدن تنتقد «ترهيب» بكين لتايوان و«قمع» موسكو لمؤيدي نافالني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة