«كاوست» تقدم مخططاً للنهوض بمستقبل طاقة الرياح في السعودية

نموذج يُحتذى في تطوير الطاقة البديلة في الشرق الأوسط

يُعتبر الحساب الموثوق لموارد طاقة الرياح  شرطاً أساسياً لتطوير هذا القطاع
يُعتبر الحساب الموثوق لموارد طاقة الرياح شرطاً أساسياً لتطوير هذا القطاع
TT

«كاوست» تقدم مخططاً للنهوض بمستقبل طاقة الرياح في السعودية

يُعتبر الحساب الموثوق لموارد طاقة الرياح  شرطاً أساسياً لتطوير هذا القطاع
يُعتبر الحساب الموثوق لموارد طاقة الرياح شرطاً أساسياً لتطوير هذا القطاع

منذ عصور بعيدة عمد الإنسان إلى استغلال طاقة الرياح، وذلك حينما استخدم المراكب الشراعية، ثم سخر تلك الطاقة باستخدام طواحين الهواء المجهزة بريشة (شفرة) على شكل شراع، مثل تلك الموجودة في هولندا. وفي عام 1887 بنى البروفسور جيمس بليث الأستاذ بكلية أندرسون في غلاسكو باسكوتلندا أول طاحونة هوائية في العالم استخدمت لإنتاج الكهرباء، توالت بعدها جهود العلماء حول العالم لتوفير طاقة نظيفة متجددة ووفيرة لا تنتج عنها انبعاثات ضارة.

طاقة الرياح
في المملكة العربية السعودية، تُوجت دراسة دامت خمس سنوات عن إمكانات طاقة الرياح في البلاد بوضع مخطط شامل للنهوض بالاستراتيجية الوطنية لطاقة الرياح، بعدما تم الجمع بين النمذجة الحاسوبية الشاملة عالية الوضوح، ومجموعة فريدة من البيانات المرصدة عن الرياح والطقس، وتحليل للقيود على استخدام الأراضي، والتكلفة والتقنيات لتوجيه التوسع في نشر توربينات الرياح على النحو الأمثل.
قاد البرنامج البروفسور مارك جنتون، الأستاذ المتميز في علوم الرياضيات التطبيقية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالتعاون الوثيق مع خبراء محاكاة الغلاف الجوي في جامعة نوتردام بالولايات المتحدة الأميركية. وحول موارد طاقة الرياح في السعودية، يوضح جنتون: «من خلال منهجيتنا الجديدة وعمليات المحاكاة الحاسوبية المخصصة، حددنا كمياً بدقة موارد طاقة الرياح في المملكة، وقدمنا خطة مفصلة للتنفيذ الفعال من حيث التكلفة؛ من أجل بلوغ هدف الحكومة المتمثل في تركيب معدات توليد طاقة الرياح بقدرة 16 غيغاواط بحلول عام 2030».
وأضاف: «يكشف عملنا أن السعودية تتبوأ مكانة تؤهلها كي تصبح نموذجاً يُحتذى به في تطوير طاقة الرياح في الشرق الأوسط والعالم أجمع».

منهجية ومحاكاة
ويُعتبر الحساب الموثوق لموارد طاقة الرياح شرطاً أساسياً لتطوير هذا القطاع، ورغم أنه تم تعيين إمكانات طاقة الرياح كمياً بإحكام في العديد من البلدان المتقدمة، فهذه الخطوة الحاسمة تظل عقبة كبيرة أمام الكثير من الاقتصادات الناشئة؛ بسبب الافتقار إلى بيانات رصد الرياح على نطاق واسع، ونماذج الغلاف الجوي المتطورة عالية الوضوح.
يقول جنتون: «لقد أمضينا خمس سنوات في البحث عن المنهجية الصحيحة وأكثر عمليات المحاكاة مناسَبَة، وإيجاد البيانات الأرضية الملائمة، وقد تواصلنا أيضاً مع باحثين متعاونين في جامعة نوتردام يتمتعون بالكثير من الخبرات في محاكاة الظواهر الجوية على نطاقات إقليمية باستخدام النماذج الحاسوبية، وبالاستعانة بعمليات المحاكاة التي أجروها ومساعدتهم في تطوير وسائل جديدة، أصبحنا قادرين على توصيف ظواهر الطقس التي تحدث في الغلاف الجوي بدقة على نطاقات مكانية تصل إلى آلاف الكيلومترات».
يوضح جنتون أن التحدي الرئيسي عادة أمام مثل هذه الدراسات هو كيفية التحقق من صحة عمليات المحاكاة الحاسوبية بالمقارنة مع بيانات القياسات، متابعاً: «لحسن الحظ تمكن الباحثون من الاستفادة من قياسات الرياح والغلاف الجوي بالغة التفصيل، المسجلة من خلال برنامج مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة».
ويقول جنتون في نهاية حديثه: «كانت مجموعة بيانات برنامج مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة عاملاً فارقاً في إثبات أن عمليات محاكاة نموذجنا تقدم نتائج دقيقة، والآن يمكن أن يستخدم صانعو السياسات النتائج التي توصلنا إليها من أجل التخطيط بكفاءة لتطوير البنية التحتية لطاقة الرياح، ويمكن للمجتمع العلمي أن يستخدم منهجيتنا القابلة للتعميم من أجل تحديد المواقع المُثلى والخيارات التقنية الأكثر مناسَبَة لحصاد طاقة الرياح في سياقات وبلدان أخرى».
جدير بالذكر فإن السعودية تولي أهمية خاصة للطاقة المتجددة، وذلك حسب رؤية المملكة 2030، التي تشير إلى ضرورة التحول نحو إنتاج الطاقة بالاعتماد على مصادر منخفضة الانبعاثات الكربونية وتنفيذ خطط طموحة تهدف إلى إنتاج 9500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية اعتماداً على المصادر المتجددة بحلول عام 2023. ويشير موقع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في السعودية إلى أن محطات طاقة الرياح القائمة بالفعل الآن في المملكة تبلغ إنتاجيتها 1375 ميغاواط، كما أن المحطات تحت الإعداد ستنتج أكثر من 2400 ميغاواط من الطاقة.



5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025
TT

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

2025

كان هذا العام مهماً جداً لقضايا المناخ، حيث تميز ببعض الانتصارات الكبرى.

سياسات المناخ تهدد حقوق الإنسان

وعلى سبيل المثال قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أبريل (نيسان) الماضي، بأن سياسات المناخ الضعيفة في سويسرا تهدد حقوق الإنسان لمواطنيها، ما مهد الطريق لدعاوى قضائية مماثلة فيما يقرب من 50 دولة أخرى.

وحديثاً، دعمت المحكمة العليا في مونتانا بالولايات المتحدة 16 ناشطاً من نشطاء المناخ الشباب في دعواهم القضائية ضد الدولة لانتهاك حقهم في بيئة نظيفة.

ولكن كانت هناك أيضاً بعض الخسائر الكبيرة، مثل جهود شركة «شل» الناجحة للتملص من قاعدة تلزمها بخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.

قضايا المناخ أمام المحاكم

ماذا سيجلب عام 2025؟ فيما يلي حفنة من القضايا المهمة التي قد تكون على جدول الأعمال:

القضية الأولى قد تشكل قواعد المناخ الدولية. إذ تنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تسمى أحياناً «محكمة العالم»، في قضية المناخ التي قد يكون لها أكبر تأثير محتمل. وفي قلب هذه القضية التاريخية سؤالان رئيسان: ما الواجبات التي تقع على عاتق الدول لمكافحة تغير المناخ؟ وما العواقب القانونية التي يجب أن تترتب على الدول إذا خانت هذه الواجبات بطريقة تضر بالمناخ؟

لن يكون رأي المحكمة بشأن هذه القضايا ملزماً قانوناً، ولكنه قد يشكل قواعد القانون الدولي ويمهد الطريق لمقاضاة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات لدورها في تفاقم أزمة المناخ.

رفعت القضية دولة فانواتو في المحيط الهادئ، وهي أكبر قضية للمحكمة على الإطلاق. وعلى مدى أسبوعين في نهاية عام 2024، استمعت اللجنة المكونة من 15 عضواً إلى شهادات مما يقرب من 100 دولة والعديد من الخبراء والجماعات المناصرة الذين يجادلون لصالح وضد القواعد الدولية الجديدة لمحاسبة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

الدول الفقيرة تقاضي الغنية

ويدعي عدد من الدول الفقيرة والجزر الصغيرة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومع ذلك فإن الدول النامية، التي تنتج انبعاثات منخفضة نسبياً، هي التي تخضع لأشد العواقب تطرفاً، وحتى وجودية. وتقول إن إطار تغير المناخ الحالي -أي اتفاق باريس- يعتمد على التزامات طوعية يصعب فرضها، وأن هناك حاجة إلى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة قانوناً لمعالجة التهديد المتزايد المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة.

وزعمت الدول الغنية، بما في ذلك الدول الملوثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأستراليا، العكس من ذلك، وأصرت على أن القواعد الحالية كافية. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في عام 2025. وقال الدكتور دلتا ميرنر، العالم الرائد في مركز العلوم لقضايا المناخ في اتحاد العلماء المعنيين: «إنها (المحكمة) لديها القدرة على إعادة تشكيل حوكمة المناخ الدولية من خلال تقديم إرشادات واضحة وموثوقة بشأن التزامات الدول بموجب القانون الحالي».

قضية لولايات أميركية مناهضة للبيئة

القضية الثانية تهدد الاستثمار البيئي والاجتماعي المتوازن والحوكمة. في قضية «ولاية تكساس ضد شركة (بلاك روك)»، أقامت دعوى قضائية على بعض أكبر مديري الأموال في العالم من قبل 11 ولاية يقودها الجمهوريون بتهمة التآمر لخفض إنتاج الفحم العالمي والترويج لـ«أجندة بيئية مسيسة».

تستهدف الدعوى القضائية، التي تم رفعها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شركات الاستثمار «بلاك روك»، و«ستيت ستريت كوربوريشن»، و«فانغارد غروب»، ويقودها المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، الذي قال إن الشركات «شكلت كارتلاً للتلاعب بسوق الفحم، وتقليل إمدادات الطاقة بشكل مصطنع، ورفع الأسعار»، كل ذلك في محاولة لتعزيز أهداف خفض انبعاثات الكربون.

في الواقع، تستهدف القضية ما يسمى استراتيجيات الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة. شاركت المجموعات الاستثمارية الثلاث في مبادرات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي والوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.

وقد وصف المحافظون مثل هذه الجهود بأنها «رأسمالية متيقّظة» وشنوا حرباً باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار، وهو سلاحهم المفضل. وتتولى محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة، التي تضم عدداً كبيراً من القضاة الذين عينهم الرئيس الجديد دونالد ترمب، النظر في القضية، ويُنظر إليها باعتبارها «قوة محافظة للغاية». وقد تؤثر النتيجة على كيفية إدارة الأموال ومستقبل الاستثمار المراعي للمناخ.

قضية ضد مرافق تجهيز الطاقة

القضية الثالثة قد تكلف مزودي الطاقة الكثير من المال. إذ تتولى بلدة كاربورو الصغيرة في ولاية كارولينا الشمالية دعوى قضائية ضد شركة «ديوك إنرجي»، حيث تقاضي الشركة بتهمة إخفاء المخاطر المناخية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري عن صناع السياسات والجمهور. وتقول الدعوى: «لقد أدت حملة الخداع التي شنتها (ديوك) إلى تأخير التحول الحاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري وبالتالي تفاقم أزمة المناخ بشكل ملموس».

إن قضية بلدة كاربورو ضد شركة «ديوك إنرجي» مثيرة للاهتمام لأنها تستهدف شركة مرافق بدلاً من شركة نفط، حيث يتزايد الضغط على شركات المرافق لتتولى زمام المبادرة في التحول في مجال الطاقة.

لا تهدف كاربورو إلى الحد من انبعاثات «ديوك» رغم أن هذا سيكون ممتازاً أيضاً، إذ ووفقاً لمؤشر التلوث المسبب للاحتباس الحراري Greenhouse 100 Polluters Index، تحتل «ديوك» المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الشركات المسببة للانبعاثات في أميركا.

ويؤدي «تحميل الشركة (المسؤولية) إلى الحصول على تعويض للمساعدة في دفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، مثل إصلاحات البنية التحتية وتحسيناتها لجعل المدينة أكثر قابلية للسكن ومرونة في مواجهة الطقس القاسي. لا أحد يعرف كم ستدفع شركة (ديوك)، لكن نحن نعلم أن المدينة قد تحصل على ما يصل إلى 60 مليون دولار كتعويضات في السنوات المقبلة»، كما قالت رئيسة بلدية كاربورو باربرا فوشي. وكانت الدعاوى القضائية التي تستند إلى مطالبات مماثلة تتزايد منذ عام 2017، لكن لم يتم تقديم أي منها للمحاكمة بعد.

مشاريع سكك حديدية تهدد البيئة

القضية الرابعة مهددة للبيئة، إذ قد تسهل الحصول على موافقة لإنشاء بنية تحتية كارثية من الناحية البيئية.

كانت المحكمة العليا تستمع إلى حجج حول ما إذا كان خط السكة الحديد المقترح بطول 88 ميلاً في ولاية يوتا الأميركية يمكن أن يمضي قدماً رغم تأثيراته البيئية المحتملة.

سينقل خط القطار هذا كميات كبيرة من النفط إلى ساحل الخليج، لكن بناءه كان معلقاً منذ أن قالت محكمة الاستئناف في الأساس إن الجهات التنظيمية لم تأخذ في الاعتبار التأثيرات المناخية والبيئية للمشروع في المنبع أو في المصب الناجمة عن زيادة حركة السكك الحديدية -جوانب مثل الانسكابات النفطية المحتملة، وخروج القطارات عن مسارها، وحرائق الغابات.

وبموجب قانون السياسة البيئية الوطنية (NEPA) القائم منذ فترة طويلة، يتعين على الوكالات الفيدرالية إجراء تقييمات بيئية لمشاريع البنية التحتية مثل هذه، ولكن قد تقرر المحكمة العليا أن التأثيرات البيئية المباشرة للمشروع نفسه فقط -في هذه الحالة، جوانب مثل استخدام الأراضي وجودة المياه- يجب أن تؤخذ في الاعتبار للموافقة على المشروع.

تهديد معايير الهواء النقي في كاليفورنيا

القضية الخامسة هي القرار الذي قد يضع معايير الهواء النظيف في كاليفورنيا في مرمى النيران. إذ ستدرس المحكمة العليا ما إذا كانت مجموعات الأعمال (شركات الوقود الأحفوري) يمكنها الطعن في برنامج الإعفاء الذي يسمح لكاليفورنيا بوضع قواعدها الخاصة بشأن انبعاثات المركبات.

وقد سمح الإعفاء، الذي منحته وكالة حماية البيئة، للولاية بوضع قواعد لعوادم السيارات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الحكومة الفيدرالية، ما أدى إلى تحسين جودة الهواء. كما تلتزم نحو اثنتي عشرة ولاية أخرى بمعايير كاليفورنيا، وكذلك تفعل حفنة من شركات تصنيع السيارات الكبرى، ما يجعل الإعفاء أداة قوية في كبح التلوث الضار ودفع شركات السيارات إلى التحول نحو المركبات الكهربائية.

وتزعم مجموعات صناعة الوقود الأحفوري أن القواعد تسببت في ضرر لها، ويجب إلغاء الإعفاء. ولكن في هذه الحالة بالذات ستقرر المحكمة العليا فقط ما إذا كانت هذه المجموعات تتمتع بالوضع القانوني لتحدي الإعفاء. وفي كلتا الحالتين، تعهد الرئيس المنتخب ترمب بالتخلص من هذا الإعفاء.

مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً