عزيزة الطائي: الأدب الخليجي أصبح أكثر وعياً بالواقع وتفاعلاً مع القضايا الإنسانية

الناقدة العمانية تقول إن هناك كاتبات لم يكملن مسيرتهن بسبب الأعراف الاجتماعية

عزيزة الطائي
عزيزة الطائي
TT

عزيزة الطائي: الأدب الخليجي أصبح أكثر وعياً بالواقع وتفاعلاً مع القضايا الإنسانية

عزيزة الطائي
عزيزة الطائي

ترى الناقدة العمانية عزيزة الطائي، في هذا الحوار، أن وظيفة المثقف ليست الاعتراض والضدية بقدر ما هي تهدف إلى تشخيص الخلل في المنظومة الاجتماعية والثقافية، كما تحدثت عن القيود التي تعاني منها المرأة العربية، بخاصة الكاتبات، اللواتي لم يستطع كثير منهن مواصلة مسيرة الكتابة بسبب قيود الزواج والأعراف الاجتماعية.
هنا نص الحوار معها بمناسبة صدور كتابها «السرد في قصيدة النثر العمانية»:

> تؤكدين في كتابك الجديد أن قصيدة النثر استطاعت تحطيم الثوابت المستقرة... كيف ذلك؟
- بكل ثقة واطمئنان أقول ذلك من خلال تتبعي وقراءتي ودرسي لمجموعة من النصوص لعدد من الشعراء في هذه البقعة من الوطن العربي الكبير، فقد لاحظتُ من خلال تتبعي أن قصائد النثر في عُمان منذ بدايتها، حتى الآن، تشكل بحد ذاتها منظومة تستحق الدرس، إضافة إلى ما تميز به خطابها من أنساق ثقافية يلتقي في كثير منه مع السياق الثقافي الذي تشكلت فيه قصيدة النثر العربية. وقد اهتديت وأنا أحلل مضامينها إلى ضروبٍ من دواوين لشعراء تجسد قصائدهم هذا التفاعل بين الشعري والسردي في آن، وتبين لي قدرة الشاعر العُماني، وجرأته على الخوض في غمار التجريب والتحديث. فجاءت القصيدة مشحونة برؤى الحياة، وخلخلة القيم المتوارثة مع نسيج السياق الثقافي العربي. هكذا سعى شاعر قصيدة النثر في عمان واجتهد، فتجددت نصوصه مع عاصفة تغير بُنى القصيدة وإعادة بناء خصائصها الفنية، وإنتاج «ثيماتها الموضوعاتية» التي تتسق مع الحياة العصرية، بل إنها جاءت لتدمير هذه القوالب التقليدية بشكل يتماهى مع رغبة الشاعر في تدمير كل ما من شأنه أن يقف دون حياة الإنسان بلغة تستوعب الجروح المعاصرة والضياع الوجودي والفراغ المفضي إلى حدود العدمية لتتجلى المعاناة الإنسانية، كمنجز يخوض معاركه من أجل ترسيخ خطاب شعري لا يؤمن بالتجنيس المنغلق والأحادي الرؤية، بل على العكس بكتابة شعرية حداثية هجينة تستمد معطيات شاعريتها من القصة، والمسرحية في تداخل إيجابي يعصف ببنية الخطاب الشعري التقليدي.
> من خلال متابعتك للمشهد الإبداعي الخليجي، هل هناك اختراق لـ«المعوقات» التي تحد من حرية الإبداع بالنسبة للمرأة، والتي يسميها البعض «ثوابت المجتمع»؟
- بلا شك هناك العديد من المعوقات التي لا تزال الكاتبة تعاني منها، كما أن هذه الثوابت الاجتماعية أثرت في تشكلها، ليس على مستوى الحضور الإبداعي للمرأة الخليجية بشكل عام، بل على المضامين والموضوعات التي كتبت فيها من جهة، وانكفاء كاتبات كثيرات عن إخراج أعمالهن الإبداعية من جهة أخرى لأسباب عديدة أقلها رغبة الأهل وضغوط الزوج. والدليل على ذلك أن الكثير من التجارب النسائية توقفت عند أول إصدار لها إما بسبب الثورة على منجزها الذي أخرجته لأنه اخترق نسيج المجتمع، أو ارتباط الكاتبة في عمر مبكر، ما ساعد على توقف إبداعها. ومن جانب آخر نجد المبدعة صارت تنحت ذاتها شعراً وسرداً أكثر من التفاتها لقضايا اجتماعية أخرى، مما قادها إلى إهمال قضايا سياسية أبرز، واقتصادية أهم، لا يزال المجتمع الخليجي يعاني منها، إثر التحولات التي اخترقت نسيجه على مستويات عدة. عموماً الأمر بحاجة إلى تشخيص لواقع حال الكاتبة بشكل عام بالتعزيز من حضورها، وبالدعم والتشجيع وتوعية المجتمع بأهمية تمكين إبداع المرأة على كافة الأصعدة.
> إلى أي حد حملت روايتك «أصابع مريم» هذا الرفض للأفكار التقليدية التي تكبل المرأة العربية، وتفرض الوصاية عليها؟
- من الصعب الحديث عن رؤية الكاتب لمنجز إبداعي كتبه، ولكن سأضع نقاطاً موجزة لفتح قوس لبعض القضايا المثارة في متن الرواية. فرغم اكتظاظ «أصابع مريم» بصوت الأنثى الشرقية بصورة عامة. فالخطاب السردي الذي اتكأت عليه هو خطاب يحمل لقارئها سيلاً متدفقاً من أصوات النساء اللاتي يمثلن صورة ليست ببعيدة عن واقع المرأة العربية بشكل عام حتى لو انطلقت من البيئة العمانية، لذلك نجد اللغة مشحونة بالألم والوجع، الجرأة والعنف، السخرية والتهكم؛ وكأن الرواية جاءت للتعبير عن إشكالية العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع عربي ينتصر للرجل ويدين المرأة؛ بل تتجسد فكرتها حول صراع المرأة وتمردها على تقاليد المجتمع وأعرافه.
ويتجلى الصراع بين التمرد والاستسلام على مستويات عدة، منها التباين الثقافي بين الأب والأم في الأسرة الواحدة وصراع المجتمع وغليانه بكمية هائلة وخفية من التفاوت الطائفي والإثني والطبقي، فضلاً عن استسلام المرأة وخضوعها وخوفها من التمرد والطلاق. فالحكاية تصب في مجرى هموم الأنثى وتأزمها، وهناك محطات أخرى، يطرح من خلالها علاقات مأزومة حيناً ومبهجة حيناً آخر بين الذكر والأنثى، لكنها عندما تصطدم بما يدور في المجتمع تتشظى.
> تبدو الكثير من أفكارك المنبثة في نصوصك الإبداعية، وكأنها تحمل روح الرفض والتمرد دائماً، فهل تؤمنين بمقولة سارتر «وظيفة المثقف أن يعترض»؟
- أؤمن تماماً بأن المثقف جزء لا يتجزأ من المنظومة الاجتماعية بأكملها، وعليه أن يعري المجتمع ويخلخله بكل ما يحمله سلباً وإيجاباً. وأؤمن أن وظيفة الكاتب ليست الضدية والمخالفة بقدر ما هي تصحيح المسار الاجتماعي، واختراق الظل، والمهمش، والمعظم، الصالح والطالح، المرغوب وغير المرغوب. وتأتي الإجابة على أهمية هذا السؤال متمثلة في وعي الكاتب، وقدرته على انتقاء الجنس الأدبي الذي يلائم فكرته. والإشكالية ليست مخالفة الرأي العام أو مسايرته، التمرد عليه أو الخضوع له؛ بل قدرة المبدع على اقتناص الموضوع الذي يشغل المجتمع وكينونة ناسه، ذلك الموضوع الذي يكتبه بفكره وإحساسه، ويستطيع التأثير من خلاله على أكثر شريحة في المجتمع وفئاته. هذا لا يتأتى إلا بوعي الكاتب وثقافته وموضوعيته وفهمه وقراءته للمحيط والمعيش من حوله. نحن نستل الموضوعات من المآسي والجروح والإحباطات والانكسارات، والمسألة تكمن في القضايا المجتمعية الكبرى كيف نستطيع اختراقها وتصحيحها، وخلخلة ثوابتها... لذلك مقولة سارتر، وإن اتفقت معها، لا أجعلها مثالاً لأي عمل أنوي كتابته، فثيمة العمل وواقع الحدث هما اللذان يفرضان نفسيهما على تجلي الفكر. نحن نصنع الرؤية التي نريد الحديث عنها، ونرسم الرسالة التي نريد توجيهها بالمخيال الذي نمتلكه، وبالحس الإنساني الذي نعيشه.
> إلى أي حد يملك المثقف الخليجي هامشاً للتعبير عن آراء قد تخالف التيار العام؟
- هذا سؤال في غاية الأهمية. علينا النظر إلى واقع المثقف ومعاناته في مجتمعاتنا العربية بموضوعية وتوازن، كون المثقف والمبدع الخليجي، بل المبدع العربي، محاصراً من السلطة والمجتمع معاً. ولكن هناك كثيرين كرسوا أقلامهم لتكون حرة أبية، لا تهادن جبروت السلطة، ولا تلين أمام ثوابت المجتمع، فنوعوا في كتاباتهم، وسبروا قضايا خلخلوا فيها كل القيود والسلاسل والثوابت بل المسكوت عنه، فبرز لنا أدب متنوع من جدران السجون، وقعر الهامش، وأصبح التفاعل مع القضايا العربية على مستويات عدة، وبرزت أعمال تناولت هموم العرب والقضايا الإنسانية والتحولات السياسية والاقتصادية التي اخترقت النسيج العربي العام.
> برأيك هل ثمة خصوصية ما تميز الشعر العماني عن نظيره في دول الخليج العربي؟
- أيضاً سؤال مهم جداً، كون الشعر العماني له جذور قديمة ممتدة في التاريخ، وخاض كل تحولات الشعر العربي وقضاياه في أزمنة متفاوتة. فقد عُرِف نظم الشاعر العماني منذ العصر الجاهلي كون عمان امتدت جغرافياً تفاعل من خلالها مع قضايا الأمة العربية منذ وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وتواصل مع رموز الشعر العربي كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وإبراهيم ناجي، وحمل قضاياه إنسانية أينما حل وارتحل لذلك تميز برصيد مهم من القصائد، واكبت وتزامنت مع التحولات التي طرأت مع تطور القصيدة العربية فكتب مبكراً شعر التفعيلة كعبد الله الطائي، وبدأ كتابة قصيدة النثر تزامناً مع القصيدة العربية كسماء عيسى وسيف الرحبي.
وهناك تجارب أدبية، شعراً أو سرداً، تمكنت من الاشتغال على نفسها، واستطاعت مناطحة التجارب الكبرى. وفي المقابل هناك تجارب لا تزال بحاجة إلى الدعم والتشجيع وهي كثيرة.
وللأسف الشديد كانت هناك نظرة دونية للمبدع والكاتب والنقد الخليجي؛ ولكن أرى أنها بدأت تتراجع نوعاً ما في الآونة الأخيرة وتخف وطأتها لعدة أسباب، منها ربما قنوات التواصل والاطلاع على منجز الكاتب، والتعرف عليه ما قد يشكل سبباً في دفع الناقد العربي أن يلتفت لبعض التجارب الجادة التي استطاعت أن تكتب بمراس وتحمل قضايا محلية وقومية وإنسانية جادة.
> في هذا السياق، كيف ترين إنكار البعض لعمق التجربة الإبداعية الخاصة بأدباء الخليج، بزعم أن المبدع الخليجي لا يمتلك أسباباً حقيقية للمعاناة بسبب حياة الرفاهية والدعة التي قد يعيشها؟
- هذه الفكرة انطلقت من دول المركز، ظناً منها أن الرفاهية لا تخلق إبداعاً؛ ربما نتفق معهم إلى حد ما كون المجتمع الخليجي تأخر قليلاً عن أشقائه بسبب ظروف الحياة المجتمعية التي عانى منها تعليمياً وثقافياً وسياسياً؛ ولكن مع ارتياد العلم وحضور الثقافة نجد أن الأدباء في الخليج تنوع نتاجهم وتطور فكرهم بما يتلاءم وواقع المجتمع العربي والعالمي الجديد، وأصبح هناك العديد من المثقفين والمفكرين الذين أسهموا بحراك المشهد الثقافي العربي، وأصبحت هناك مؤسسات ومراكز معنية بالثقافة وتنميتها. ولو تساءلنا بشفافية: ألا يوجد في هذه الدول التي غرقت بالنفط معاناة؟ ألا يوجد بها مهمشون على قارعة الطريق؟ ألا يعاني الإنسان فيها من أزمات وغبن وظلم؟ ثم ألم تتعلم شعوبها وتستطيع أن تدرك ما يحدث حولها وفي رحم أحشائها؟! وهل هناك شعب يخلو من معاناة؟
لعل هذه الأسئلة كلها كفيلة بالإجابة عندما نشهد إصدارات خليجية استطاعت قراءة الواقع بوعي وإدراك، كما أنها استطاعت التفاعل مع قضاياه العربية والإنسانية، وقدمت لنا نصوصاً شعرية ونثرية جديرة بالالتفات والنظر والدرس.
> على ضوء ما سبق، هل اختلف المشهد الأدبي العربي الذي كان يقوم في السابق على مراكز مثل القاهرة وبيروت وبغداد، فيما بقية العواصم هي الأطراف، كيف ترين ذلك حالياً؟
- لا شك أصبحت هناك نظرة أخرى لطبيعة حضور وتفاعلات المشهد الثقافي والأدبي على مستوى الوطن العربي. رغم أن هيمنة الحواضر لا تزال تأسرنا كشعوب خليجية وتعد مرجعية كبيرة لنا، مع حضور مركز آخر تمثل في المغرب العربي. لقد أصبح المشهد الخليجي يستقي من مركزية المشرق ممثلاً في المراكز الأدبية الأولى كمصر والشام والعراق، فضلاً عن المغرب بحداثته ورؤاه الفرنسية. وأصبحنا نثق بالباحث والناقد والمفكر العربي من المشرق أو المغرب أكثر من ثقتنا بالباحث والناقد والمفكر الخليجي، ونفرح فرحاً عظيماً إن درس أحدهم منتجاً لنا أو جاملنا في إصدار خرج للنور. وأرى أن هذه آفة كبيرة ستودي بالمبدع الخليجي إلى مأزق عدم الثقة بنفسه وبعمله وبحراك المشهد الثقافي الذي هو منه وإليه. لذلك تتفشى بيننا أمراض ثقافية بحاجة إلى نفض الغبار عنها بهدف إعادة الاعتبار إلى أنفسنا، كي يسير المشهد الثقافي بثبات ورسوخ علميين، والبعد عن «الشللية» التي تقود إلى التجريح أو الإحباط، والتحصن بالموضوعية والعلمية، ليبقى المشهد الثقافي العربي نقياً ملهماً راسخاً له حضوره ورؤيته محلياً وعربياً وعالمياً.



رحلة في عالم تمكين الذات

رحلة في عالم تمكين الذات
TT

رحلة في عالم تمكين الذات

رحلة في عالم تمكين الذات

أصدرت «منشورات رامينا» في لندن كتاب «أنا أوّلاً... أنا الآن: استراتيجيات لتمكين الذات وبناء مستقبل مشرق»، للمؤلف والمدرب في التنمية الذاتية بهجت بيجاكجي، الذي يقدم فيه دليلاً شاملاً لتحقيق التوازن الشخصي والنمو الذاتي. ترجِم الكتاب إلى العربية عبد الله ميزر، وجاء ليكون «مرجعاً عملياً وعلمياً للراغبين في تحسين حياتهم وتطوير قدراتهم الذاتية بطرق تتماشى مع الحياة المعاصرة وتحدياتها».

يقع الكتاب في 11 فصلاً، يتناول كل منها جانباً من جوانب التمكين الشخصي. تبدأ الفصول بتوضيح أهمية التفكير الإيجابي، ثم تنتقل إلى مواضيع أكثر عمقاً مثل التسويف والمماطلة، وضبط النفس، والانضباط الشخصي، والتحدي الذي يُبرز كيفية التحكم في الرغبات والاندفاع. كما يؤكّد أهمية استثمار الوقت وتطوير العلاقات الاجتماعية الإيجابية التي تُثري تجارب الحياة.

يقدم الكتاب أدوات واستراتيجيات يعتقد المؤلف أنها فعالة لمواجهة التحديات اليومية، سواء كانت مهنية أو عاطفية، ويتحدث عن أهمية التخلي عن الأفكار السلبية وتطوير عقلية إيجابية تساعد على تحقيق الأهداف. بالإضافة إلى ذلك، يعرض خطوات عملية لتحسين مهارات التواصل وبناء علاقات ناجحة، سواء في بيئة العمل أو في الحياة الشخصية.

يبدأ الكتاب بطرح فكرة التفكير الإيجابي أساساً لتحسين جودة الحياة، حيث يقدم بيجاكجي في الفصول الأولى أساليب مدروسة لتغيير الأنماط السلبية والتفكير بتفاؤل، مشيراً إلى أن هذا النوع من التفكير يمكن أن يكون دافعاً رئيسياً للنجاح. ويسهب المؤلف في تقديم تقنيات الوضوح العقلي التي تساعد القارئ على فهم ذاته وتحديد أولوياته بشكل أوضح.

في فصل «الدافع»، يتناول بيجاكجي مسألة إيجاد الدافع الداخلي للتغيير، وكيف أن تحفيز الذات يشكل جزءاً أساسياً من الرحلة نحو تحقيق الأهداف. يقدم الكتاب استراتيجيات عملية تساعد القارئ على اكتشاف دوافعه الحقيقية، وتعزيز ثقته بنفسه ليصبح قادراً على تحقيق التحولات التي يرغب فيها.

أما في الفصل الرابع، الذي يحمل عنوان «سرّ السعادة بسيط»، فيستعرض المؤلف مفهوم السعادة من منظور شخصي ونفسي، معتبراً أن السعادة لا تأتي من الخارج، بل هي نتاج سلسلة من القرارات التي يتخذها الشخص يومياً. يعتمد بيجاكجي في هذا الفصل على مجموعة من الأمثلة والمواقف التي توضح كيف يمكن للتغيرات البسيطة في السلوك والتفكير أن تخلق تحولاً كبيراً في حياة الفرد.

يخصص الكتاب فصلاً للحديث عن العلاجات المجتمعية، مؤكداً دور العلاقات الإنسانية في دعم الأفراد. ويوضح بيجاكجي أن التفاعل مع المجتمع والأصدقاء يمكن أن يكون مصدر قوة للشخص، وأن التشارك في التجارب يساعد على تعزيز المرونة النفسية، وتخطي التحديات بسهولة أكبر. ويشدد على أهمية الدعم الاجتماعي ووجود دوائر آمنة للمناقشة والتواصل، حيث يعزز ذلك من فرص الاستقرار النفسي ويعطي حياة الإنسان معنى أعمق.

في الفصل السادس، يسلط بيجاكجي الضوء على ظاهرة التسويف والمماطلة، مشيراً إلى الأسباب النفسية وراء هذه العادة، وآثارها السلبية على النجاح الشخصي والمهني. يتناول هذا الفصل بعضاً من الأساليب الفعّالة التي تساعد القارئ على التغلب على المماطلة، مثل تقنية تقسيم المهام ووضع جداول زمنية واضحة. يعرض المؤلف أمثلة واقعية ونصائح تطبيقية، بما فيها تحديات صغيرة تساعد على كسر حلقة التسويف تدريجياً وتدفع الشخص نحو الإنجاز الفعلي.

ينتهي الكتاب بفصل عن أهمية الوقت المخصص للذات، حيث يرى بيجاكجي أن قضاء الوقت في التفكير والتأمل هو جزء أساسي من بناء شخصية متوازنة. يشير المؤلف إلى أن تخصيص وقت للذات يساعد على تحقيق السلام الداخلي، ويمكن من خلاله بناء الثقة بالنفس وتعزيز الرضا الشخصي. ويؤكد أن هذا الوقت يعد محطة للعودة إلى الذات وتحديد الاتجاهات المستقبلية بشكل أفضل.

ويقول الناشر إن هذا الكتاب يعد خطوة عملية لأولئك الساعين نحو تحسين ذواتهم والتعامل مع الحياة بمزيد من الإيجابية والتوازن، ومرجعاً للراغبين في تحقيق إنجازات شخصية ومهنية، مقدّماً أدوات فعّالة يمكن تطبيقها في الحياة اليومية.

والمؤلف بهجت بيجاكجي بريطاني - تركي، وهو كاتب ومدرب في مجال التطوير الذاتي. بدأ حياته المهنية في مجال القانون في تركيا ولندن، حيث عمل محامياً ومستشار أعمال لفترة طويلة. وقد ساعدته هذه التجربة على فهم التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد، مما قاده إلى تطوير اهتمامه في مجال التنمية الذاتية.

في عام 2018، قرر بيجاكجي تحويل مساره بالكامل نحو التدريب على النمو الشخصي وتمكين الذات، حيث أسس موقعاً إلكترونياً يعرض من خلاله محتوى تثقيفياً متنوعاً يشمل مدونات ومقالات تحفيزية، بالإضافة إلى بودكاست يُلقي من خلاله الضوء على أفكار ملهمة حول تحسين جودة الحياة وتحقيق الأهداف. يجمع بيجاكجي في كتاباته وأعماله بين مبادئ التحفيز النفسي وتقنيات عملية يمكن تطبيقها في الحياة اليومية.

يؤكد بيجاكجي أهمية إدراك الإنسان قيمته الذاتية وقدراته الكامنة، ويحرص على تشجيع القراء على تبني فكر إيجابي يعزز من تقديرهم لذواتهم وقدراتهم. كما يقدم بيجاكجي تدريبات حول إدارة المشاعر، وتنمية الوعي الذاتي، واستخدام الاستراتيجيات التحفيزية لمواجهة تحديات الحياة بنجاح.

أما عبد الله ميزر، فهو مترجم وكاتب سوريّ مقيم في الإمارات العربية المتّحدة. له كثير من الترجمات في الفنون والثقافة والسينما والسياسة بين اللغتين العربية والإنجليزية.