مصر: محكمة النقض تؤيد حبس 3 نشطاء شباب في حكم نهائي

{حركة 6 أبريل} تعهدت بمواصلة المظاهرات.. و«القومي لحقوق الإنسان» ينتظر «عفوا رئاسيا»

الناشط السياسي أحمد دومة، أدين في ديسمبر العام قبل الماضي بخرق قانون التظاهر، وعوقب بالسجن 3 سنوات، وغرامة 50 ألف جنيه (أ.ب)
الناشط السياسي أحمد دومة، أدين في ديسمبر العام قبل الماضي بخرق قانون التظاهر، وعوقب بالسجن 3 سنوات، وغرامة 50 ألف جنيه (أ.ب)
TT

مصر: محكمة النقض تؤيد حبس 3 نشطاء شباب في حكم نهائي

الناشط السياسي أحمد دومة، أدين في ديسمبر العام قبل الماضي بخرق قانون التظاهر، وعوقب بالسجن 3 سنوات، وغرامة 50 ألف جنيه (أ.ب)
الناشط السياسي أحمد دومة، أدين في ديسمبر العام قبل الماضي بخرق قانون التظاهر، وعوقب بالسجن 3 سنوات، وغرامة 50 ألف جنيه (أ.ب)

في تعقيد جديد للمشهد المضطرب في مصر، أيدت محكمة النقض، أعلى محكمة في البلاد، أمس (الثلاثاء)، حكما بالحبس ضد ثلاثة من رموز ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، لإدانتهم بخرق قانون التظاهر، صبيحة تلويح أحزاب سياسية بالانسحاب من الانتخابات البرلمانية إن لم يتم تعديل القانون والإفراج عمن أدين بموجبه. وتعهدت حركة «شباب 6 أبريل» التي ينتمي إليها اثنان من المحكومين، أمس، بمواصلة التظاهر حتى تحقيق «مطالب الثورة»، فيما ينتظر المجلس القومي لحقوق الإنسان أن يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عفوا رئاسيا عنهم.
وأدين أحمد ماهر ومحمد عادل، القياديان البارزان في حركة شباب 6 أبريل، والناشط السياسي أحمد دومة، في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، بخرق قانون التظاهر، وعوقبوا بالسجن ثلاث سنوات، وغرامة 50 ألف جنيه (نحو 7 آلاف دولار). وأيدت محكمة الاستئناف الحكم نفسه في أبريل (نيسان) الماضي.
وحكم النقض هو آخر درجات التقاضي في البلاد، مما يعني أن الحكم الذي صدر ضد دومة وماهر وعادل بات باتا ونهائيا، لكن لا يزال البعض يأمل في أن يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عفوا رئاسيا عن النشطاء الثلاثة. وبدت ردود الفعل الأولية غاضبة من الحكم الذي صدر بحق ثلاثة من أبرز رموز الثورة التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد أيام من حلول ذكراها الرابعة التي شهدت أعمال عنف واسعة قتل خلالها أكثر من 20 شخصا.
وأجج غضب قوى سياسية وشباب الثورة مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، القيادية في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، السبت الماضي، خلال تفريق قوات الأمن مسيرة بالورود في محيط ميدان التحرير بوسط القاهرة، وعلى الأرجح سيدفع حكم أمس العلاقة بين السلطات القائمة وشباب الثورة إلى منعطف جديد.
وقال حمدي قشطة، المتحدث الإعلامي لـ«حركة شباب 6 أبريل»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحركة تعتزم الاستمرار في المظاهرات التي انطلقت مع ذكرى الثورة. شباب الحركة خرجوا في بولاق (غرب القاهرة)، ووسط القاهرة». وأشار قشطة إلى أن التنسيق مع القوى السياسية قائم ومرحب به، مشددا على أن الحركة لا ترفض مد اليد لأي فصيل باستثناء المطالبين بعودة مرسي ودستور 2012.
من جانبه، قال القيادي البارز جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن هناك 600 اسم على مكتب الرئيس في انتظار صدور عفو رئاسي، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ماهر وعادل ودومة بين تلك الأسماء. ورفض إسحاق التكهن بشأن استجابة الرئيس السيسي من عدمها، لكنه أشار إلى ما وصفه بـ«حالة احتقان» بين صفوف شباب الثورة، و«الانقسام الشديد في صف ثورة 30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) قبل الماضي. وقبل ساعات من الحكم الذي صدر بحق ماهر وعادل ودومة، قالت أحزاب مصرية إنها تعتزم إعادة تقييم موقفها من المسار السياسي الحالي، بما في ذلك الموقف من خوض الانتخابات البرلمانية. وأشار قادة الأحزاب المنضوية تحت تحالف «التيار الديمقراطي» (التحالف الشعبي الاشتراكي، الدستور، المصري الديمقراطي الاجتماعي، العدل، التيار الشعبي، مصر الحرية، الكرامة) إلى تصاعد «ضغوط القواعد المطالبة بمقاطعة الانتخابات النيابية بعد استشهاد الصباغ على يد قوات الأمن»، بحسب قولها.
وجدد قادة التيار الديمقراطي، عقب اجتماعهم مساء أول من أمس بمقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بوسط القاهرة، مطالبتهم بضرورة تعديل قانون التظاهر والإفراج عن كل سجناء الرأي، ومراجعة القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية، كما طالبوا بضمانات من الدولة لنزاهة الانتخابات وحرية الدعاية والحق في الحياة «حتى لا يستهدف المرشحون المنتمون لجماعات التغيير وأنصارها». وتعود أحداث قضية النشطاء الثلاثة إلى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013، حيث نشبت اشتباكات بين قوات الشرطة وعدد من النشطاء بينهم دومة وعادل، أثناء تسليم ماهر نفسه للتحقيق بتهمة الاشتراك في مظاهرة مجلس الشورى احتجاجا على صدور قانون التظاهر.
وكانت النيابة العامة أسندت إلى النشطاء تهم «الاشتراك في تنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بذلك مسبقا، بالمخالفة لما يوجبه قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية والمعروف باسم قانون التظاهر، واستعمال القوة والعنف والتعدي بالضرب على موظفين عموميين وهم قوات الأمن المكلفة بتأمين مقر محكمة عابدين وإحداث إصابات بهم، والتجمهر، وتعطيل المواصلات، والبلطجة، وإتلاف منقولات مملوكة لمقهى مجاور للمحكمة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.