لاري كينغ يختتم رحلته «الرائعة»

حاور 50 ألف ضيف على مدى 50 عاماً

لاري كينغ محاوراً ترمب عندما كان مطوراً عقارياً عام 1999 (أ.ب)
لاري كينغ محاوراً ترمب عندما كان مطوراً عقارياً عام 1999 (أ.ب)
TT

لاري كينغ يختتم رحلته «الرائعة»

لاري كينغ محاوراً ترمب عندما كان مطوراً عقارياً عام 1999 (أ.ب)
لاري كينغ محاوراً ترمب عندما كان مطوراً عقارياً عام 1999 (أ.ب)

بنى لاري كينغ، قبل أن يودع هذه البسيطة أمس (السبت) عن 87 عاماً، عرشاً تلفزيونياً وإذاعياً استضاف فيه آلاف الناس ببراعة من دون ادعاء المعرفة الواسعة والتمكن من كل شيء. غير أنه أجلس على الكرسي أمامه ملوكاً وزعماء ومشاهير وكذلك مجرمين ذائعي الصيت وفنانين ومهرجين، إلى أناس من كل الطبقات يعملون في كل مناحي الحياة. وكان يترقبه الملايين من المعجبين.
ولم يكن واضحاً على الفور ما إذا كان كينغ توفي بسبب إصابته أخيراً بفيروس «كورونا»، علماً بأنه نقل بسببه إلى المستشفى. ولكنه عانى قبل ذلك آلاماً في الصدر وأصيب بجلطة دماغية.
طوال نحو 50 عاماً، حاور لاري كينغ نحو 50 ألف ضيف، وجد لدى كل منهم قصة تُحكى عبر أثير الإذاعة أو على شاشة التلفزيون، بما في ذلك خلال برنامجه الأشهر «لاري كينغ لايف» الذي استمر 25 عاماً على شبكة «سي إن إن» الأميركية للتلفزيون، إلى حين تقاعده منها عام 2010. ومع أنه لم يذهب إلى الجامعة قط، كان لاري كينغ بمثابة «الضيف» الأبرز بين ضيوف برامجه، علماً بأنه عمل كفتى في توصيل المشتريات والخدمات إلى طالبيها. ولكن ابن ضاحية بروكلين النيويوركية شرع في حياته الإعلامية كمحاور إذاعي محلي ومذيع رياضي في فلوريدا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وبدأت شهرته تطير عام 1978 بسبب برنامج إذاعي كان يبث طوال الليل ويتلقى فيه الاتصالات على امتداد الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة وعبرهما من كل الأراضي الأميركية، قبل أن ينتقل إلى تقديم برنامجه الأشهر عبر «سي إن إن»، بين عامي 1985 و2010 ليتواصل منه مع الملايين في كل أنحاء أميركا وحول العالم.
وصار لاري كينغ أحد أشهر الشخصيات التلفزيونية والإذاعية في أميركا، علماً بأنه عمل كاتب عمود في صحيفة، ثم ألف كثيراً من الكتب وعمل مع مؤدين لعشرات الأفلام والبرامج التلفزيونية.
وما كان هذا ليتسنى له لولا شخصيته الخاصة التي خاطها بعناية، ليس فقط في طريقة محاورته للضيوف المتنوعين - وما أكثرهم - في برنامجه هذا، ولكن أيضاً في انتقائه ثيابه والسترات التي كان يرتديها مع حمّالات البناطيل وربطات العنق، ليجعل من نفسه جزءاً من الخلفية المتماهية مع «اللوحة التلفزيونية». كان وجهاً تلفزيونياً هزيلاً بأنف بارز وشعر مصفف إلى الخلف ونظارات كبيرة بإطار أسود. وكان يبدو نحيلاً بسبب اتباعه نظاماً غذائياً صارماً منذ إصابته بنوبة قلبية عام 1987، لكنه صنع بذلك عرشاً لم يملأه موهوبون جاءت بهم الشبكة لخلافته. ولم تتغير هذه اللوحة كثيراً في كل مقابلاته، أكان مع الرؤساء منذ استقباله ريتشارد نيكسون، أو غيره من زعماء العالم والملوك والأمراء والشخصيات الدينية والتجارية وضحايا الجرائم والكوارث والنقاد والمحتالون و«الخبراء» في الأجسام الطائرة المجهولة «يوفو» و«أصحاب» الظواهر الخارقة للطبيعة.
وفي الوقت ذاته، كانت حياة لاري كينغ الشخصية مصدراً للصحف الصفراء، التي كتبت مقالات لا تحصى عن زيجاته الثماني من سبع نساء، وعن ولعه المزمن بالقمار ما أدى إلى إعلان إفلاسه مرتين، وعن القبض عليه بتهمة الاحتيال، ما أدى إلى تعطيل حياته المهنية لسنوات، وعن مجموعة من التناقضات التي لم تتغلب على نجاحه، علماً بأنها حطمت نجوماً ومشاهير آخرين.
وما إن أُلغي زواجه من فرادا ميلر عام 1952، تزوج لفترة وجيزة من أنيت كاي، وأنجبا ولداً سمياه لاري جونيور، الذي لم يتعرف عليه والده إلا بعد 33 عاماً. وعام 1961، تزوج من ألين أكينز، التي كان لديها ابن من زواج سابق، واسمه آندي لكن كينغ تبناه. ومع ذلك انفصلا عام 1963. وتطلق هو وزوجته الرابعة ميكي سوتفين عام 1966 بعدما أنجبا ابنة، سمياها كيلي، التي تبناها الزوج اللاحق لميكي. وعام 1967، تزوج مرة أخرى من أكينز، وأنجبا بنتاً سمياها شايا. ولكنهما تطلقا مجدداً عام 1972. وعام 1976 تزوج شارون ليبور، وتطلقا لاحقاً. وهذا كان أيضاً مصير زواجه عام 1989 من جوليا ألكسندر. وعام 1997، تزوج من شون ساوثويك، وأنجبا ولدين هما تشانس وكانون.
لم يدع لاري كينغ أنه صحافي، رغم أن برنامجه كان يصنع أخباراً في بعض الأحيان، كما حدث عندما أعلن روس بيروت ترشيحه للرئاسة عام 1992. ولم يكن يخوض مواجهات، بل إنه نادراً ما يوجه أسئلة صعبة إلى ضيوفه، حتى لو كانوا من السياسيين، مفضلاً الحوافز اللطيفة لحضهم على قول أمور مثيرة للاهتمام عن أنفسهم. وهو سأل الرئيس نيكسون: «عندما تقود سيارتك بجانب ووترغيت، هل تشعر بالغرابة؟». وقال للرئيس السابق رونالد ريغان: «هل من المحبط لك ألا تتذكر شيئاً؟».
وفاخر لاري كينغ بأنه لم يستعد أبداً لمقابلة. إذا كان ضيفه مؤلفاً يروج لكتاب لم يقرأه هو، يسأل ببساطة: «ما هذا؟»، أو «لماذا كتبت هذا؟». قال في مذكراته «رحلتي الرائعة» لعام 2009: «هناك كثير من المذيعين الذين يروون ثلاث دقائق من الحقائق قبل أن يطرحوا سؤالاً (...) كأني أقول: دعوني أريكم كم أعرف. أعتقد أن الضيف يجب أن يكون الخبير».
أحب السياسيون والمخترعون والمشعوذون ومنظرو المؤامرة والوسطاء الروحيون برامجه، لأنها سمحت لهم بالوصول إلى جماهير ضخمة من دون مواجهة أسئلة صعبة. وهذا ما أطلق عليه كينغ اسم «المعلومات الترفيهية» للملايين في كل أنحاء أميركا ونحو 130 دولة حول العالم.
وكانت الموضوعات التي يحاور فيها تختلف من السياسة إلى الجريمة، ومن الدين إلى الرياضة، ومن الأعمال التجارية إلى الأحداث الإخبارية المتنوعة، من مثل المحاكمة في قضية أو. جي. سيمبسون، أو البحث عن الذكريات مع المقربين بعد وفاة آنا نيكول سميث ومايكل جاكسون.



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».