انتهاء مهلة إخراج «المرتزقة» يهدد الحل السياسي في ليبيا

الرئيس التشادي مستقبلاً وزير دفاع حكومة «الوفاق» (وزارة الدفاع بحكومة الوفاق)
الرئيس التشادي مستقبلاً وزير دفاع حكومة «الوفاق» (وزارة الدفاع بحكومة الوفاق)
TT

انتهاء مهلة إخراج «المرتزقة» يهدد الحل السياسي في ليبيا

الرئيس التشادي مستقبلاً وزير دفاع حكومة «الوفاق» (وزارة الدفاع بحكومة الوفاق)
الرئيس التشادي مستقبلاً وزير دفاع حكومة «الوفاق» (وزارة الدفاع بحكومة الوفاق)

تزامناً مع انتهاء المهلة المحددة لإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا أمس، دعت اللجنة العسكرية المشتركة لطرفي النزاع الدول المشاركة في مؤتمر برلين إلى اتخاذ «الخطوات اللازمة» لإخراج كل المقاتلين الأجانب من البلاد، والامتثال لحظر توريد السلاح المفروض من مجلس الأمن الدولي. وأكدت اللجنة المعروفة باسم «5+5»، التي تضم ممثلين عن قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، في بيان لها، استمرارها في عملها لضمان التنفيذ الكامل لكل بنود وأحكام اتفاق وقف إطلاق النار، المبرم بمقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما حثت اللجنة «كل الجهات ذات العلاقة لدى طرفي النزاع على تنفيذ التزاماتها، كما نص عليها الاتفاق».
وفيما قال اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، إن اللجنة قد تطالب بتمديد هذه المهلة 90 يوماً إضافية، قال أعضاء في وفد حكومة «الوفاق» إلى اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة إنهم «لا يرون مبرراً» لذلك. وانتهت المهلة أمس دون صدور أي إعلان رسمي عن رحيل، أو تفكيك القوات الأجنبية و«المرتزقة»، ما يجعل اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في البلاد مهدداً، خصوصاً مع احتمال اندلاع أعمال عسكرية مجدداً بين طرفي النزاع، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس، عن محللين وخبراء. وفي هذا السياق، لفت المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إلى استمرار ما وصفه بعمليات التبديل لـ«المرتزقة» الموالين لتركيا، من ليبيا إلى سوريا وبالعكس، فيما طالب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن الدولي ببدء سحب الميليشيات الأجنبية اعتباراً من أول من أمس.
وبدلاً من البدء في فتح الطريق الساحلية بين سرت ومصراتة، المنصوص عليه ضمن اتفاقات لجنة «5 + 5»، منعت أمس قوات تابعة لحكومة «الوفاق» المرور باتجاه أبوقرين، المنطقة الفاصلة بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق»، في تطور مفاجئ للتوقعات.
وقالت مصادر محلية إن عناصر ما يسمى القوة الثالثة، وهي ميليشيات تابعة لـ«الوفاق»، انتشرت حول المدخل الشرقي لمدينة مصراتة، احتجاجاً على عدم الحصول على مكافآت، واتهموا جمال التريكي آمر القوة، باختلاسها وتهريبها إلى تركيا.
في سياق آخر، أشاد السراج، أمس، خلال مشاركته في احتفال بلدية طرابلس بالذكرى 150 لتأسيسها، بالانتخابات التي أجرتها البلديات، وتواصل استكمالها في ظل ظروف صعبة، معتبراً أن «البلديات أثبتت قدرتنا على الإيفاء بهذا الاستحقاق على مستوى ليبيا كلها... وهو ما نتطلع إليه بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في موعدها المحدد في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
من جهة ثانية، بحث صلاح الدين النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، ورئيس الأركان العامة، الفريق أول محمد الحداد، مع الرئيس التشادي إدريس دبي، آليات حماية وتأمين ومراقبة الحدود الليبية - التشادية، وذلك خلال زيارتهما إلى إنجامينا أمس.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة الدفاع بحكومة «الوفاق»، فقد ناقش الطرفان أسس تعزيز وتطوير التعاون بين وزارتي الدفاع الليبية والتشادية، وآليات حماية وتأمين ومراقبة الحدود الليبية - التشادية، والتعاون من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. في شأن آخر، كشف تقرير لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان عن دخول نساء معتقلات في سجن معيتيقة بالعاصمة طرابلس، في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً على استمرار اعتقالهن منذ سنوات دون محاكمة، مشيرة إلى أن النيابة لم تتدخل للإفراج عنهن على الرغم من عدم ثبوت أي تهم ضدهن.
وقدر تقرير لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عدد المحتجزين في السجن، الذي يقع في قاعدة معيتيقة الجوية تحت سيطرة ميليشيات «قوة الردع الخاصة»، التي تتبع اسمياً حكومة الوفاق، بنحو 3600 محتجز، من بينهم نساء وأطفال.
وقالت المنظمة أول من أمس، إن أي هيئة مستقلة، وطنية أو دولية، بما في ذلك البعثة الأممية، لم تتمكن من زيارة السجن، الذي أشار تقرير سابق صادر عن البعثة ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى تعرض النساء السجينات فيه للتحرش والاعتداء الجنسي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.