الهجوم الانتحاري في بغداد يكشف ثغرات أمنية

الجائحة والتوترات السياسية فاقمت المشاكل

الهجوم الانتحاري في بغداد يكشف ثغرات أمنية
TT

الهجوم الانتحاري في بغداد يكشف ثغرات أمنية

الهجوم الانتحاري في بغداد يكشف ثغرات أمنية

كشف التفجيران الانتحاريان اللذان تبناهما تنظيم داعش في بغداد ثغرات في الأجهزة الأمنية العراقية المنشغلة إلى حد بعيد بالتعامل مع تداعيات انتشار وباء كوفيد - 19 والتوترات السياسية وتصاعد نفوذ المجموعات المسلحة المتنافسة.
وقتل ما لا يقل عن 32 شخصا وأصيب أكثر من مائة بجروح في تفجيرين انتحاريين الخميس، في اعتداء حصد العدد الأكبر من القتلى منذ ثلاث سنوات في العاصمة التي شهدت هدوءا نسبياً منذ هزيمة تنظيم داعش نهاية عام 2017.
ويقول الباحث جاك واتلينغ من «المعهد الملكي لخدمات الأمن والدفاع» في لندن لوكالة الصحافة الفرنسية إن تنظيم داعش لم يعد (...)، لكن هناك بعض المشاكل الواضحة جداً في قطاع القوات الأمنية العراقية، وما حدث خير دليل على ذلك.
بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، أعيد تأسيس الأجهزة الأمنية من الصفر، وتمت الاستعانة بمدربين من جيوش أجنبية. لكن هؤلاء المدربين غادروا بمعظمهم فجأة بسبب جائحة كوفيد - 19. وانتشر فيروس كورونا المستجد بين عناصر القوات العراقية بسبب انعدام شروط التباعد الصحي خلال التواجد في معسكرات التدريب. وفي مارس (آذار) 2020، أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بأنه سيسحب المدربين الأجانب. وذكر مسؤول أميركي كبير في بغداد أن «انخفاض التدريب خلال العام الماضي بسبب كوفيد - 19، سبب فجوة هناك»، في إشارة إلى العاصمة.
ويرى واتلينغ أن هذا يعني كذلك أن قوات الأمن العراقية فقدت جزءا كبيرا من الدعم الذي كان يقدمه التحالف في مجال المراقبة، أي نوعا من «نظام إنذار مبكر» لعب دورا حاسما في كشف هجمات تنظيم الدولة الإسلامية قبل وقوعها.
وأعلن التحالف الدولي العام الماضي بعد سحب قواته من ثماني قواعد في العراق، أن الجيش العراقي بات قادراً على محاربة فلول «داعش» لوحده. خلال الفترة ذاتها، ومع تحسن الأوضاع الأمنية، قامت السلطات برفع حواجز خرسانية ونقاط تفتيش كانت موجودة منذ سنوات طويلة في بغداد. كما حركت وحدات أمنية مهمة لملاحقة خلايا تنظيم داعش في مناطق ريفية خارج المدن وسلمت وحدات أقل خبرة مسؤولية الأمن في العاصمة.
ويقول المحلل الأمني أليكس ميلو إن تنظيم داعش «كان يبدو أضعف من أن يتمكن من شن هجمات»، لكنه «وجد ثغرة يمكنه النفاذ منها».
وأعطى المسؤول العسكري الأميركي أمثلة على ذلك. في ديسمبر (كانون الأول)، اضطرت قوات التحالف إلى تنفيذ ضربة جوية قرب الموصل (شمال) بعد أن سمح تراخي القوات العراقية على الأرض للمتطرفين بالعودة إلى التحرك.
وقتل في الضربة 42 متطرفا، وهو عدد كبير في ظروف تواجد قوات برية في المكان. وأشار المسؤول الأميركي إلى أن «قادة كبارا في بغداد كانوا غاضبين جداً من القوات المحلية، لأنه كان عليها أن تعرف بأمر تجمع المتطرفين».
لكن التحدي الأساسي قد لا يكون تقنيًا فقط. إذ تـتألف قوات الأمن العراقية بشكل رئيسي من الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي. والحشد الشعبي عبارة عن تحالف فصائل شيعية أدمجت مع القوات الأمنية بعد 2014.
وعدد كبير من هذه الفصائل مدعوم من إيران، الأمر الذي ولد عدم ثقة بينها وبين القوات التي تدربت على يد التحالف.
وتزايد التوتر بين الطرفين بعد مقتل رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المنهدس، بضربة جوية نفذتها طائرة أميركية مسيرة مطلع العام الماضي.
ويرى واتلينغ أن «التوتر الحقيقي سياسي». ويوضح أنه خلال القتال ضد تنظيم داعش «كان هناك كثير من تبادل المعلومات غير الرسمي بين الحشد والتحالف والآخرين، لكن هذا لم يعد موجوداً».
ويشكل العمل في ظل هذه التوترات تحدياً كبيراً بالنسبة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. وتولى الكاظمي رئاسة الحكومة بعد شغله منصب رئيس جهاز المخابرات في البلاد. واعتمد بشكل رئيسي على جهاز مكافحة الإرهاب الذي تلقى تدريباته على أيدي القوات الأميركية لملاحقة الخلايا المتطرفة واعتقال مسؤولين فاسدين والحد من هجمات الجماعات المسلحة التي تطلق صواريخها في اتجاه السفارة الأميركية.
ويرى مراقبون أن الكاظمي يثق بعدد محدود جداً من القوات الأمنية، ما اضطر قوات مكافحة الإرهاب إلى خوض مواجهات غير مرغوب بها ضد الفصائل الموالية لإيران انتهت أحيانا بتراجعها.
ويقول الباحث مارسين الشمري في معهد بروكينغز إن «التراجع المستمر عن الأوامر والاعتذار للجماعات المستهدفة لا يؤدي إلا إلى إضعاف قوات مكافحة الإرهاب والقائد العام والحكومة العراقية».
ودفع اعتداء الخميس الكاظمي إلى إجراء تغييرات في قيادات أمنية، وتسمية قادة جدد بينهم قادة عمليات بغداد والشرطة الاتحادية واستخبارات وزارة الداخلية المعروفة بـ«خلية الصقور». ويأمل الكاظمي أن تساهم هذه التغييرات بمعالجة الثغرات. لكن مراقبين يشككون في إمكانية تحقيق ذلك، لأن المشكلة قد لا تكون فعلا على مستوى القيادة.
ويقول واتلينغ «عندما تتعامل مع بيروقراطية فاسدة، فلا أحد نظيف».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.