ليبيا: البعثة الأممية تفتح باب الترشح للسلطة التنفيذية الجديدة

«المناصب السيادية» تُعيد الأفرقاء إلى الحوار في بوزنيقة

جانب من لقاء الوفدين المشاركين في الحوار الليبي بمنتجع بوزنيقة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من لقاء الوفدين المشاركين في الحوار الليبي بمنتجع بوزنيقة أمس (الشرق الأوسط)
TT

ليبيا: البعثة الأممية تفتح باب الترشح للسلطة التنفيذية الجديدة

جانب من لقاء الوفدين المشاركين في الحوار الليبي بمنتجع بوزنيقة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من لقاء الوفدين المشاركين في الحوار الليبي بمنتجع بوزنيقة أمس (الشرق الأوسط)

بينما تنتهي اليوم مهلة الأشهر الثلاثة التي حددها اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في جنيف لخروج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، حذرت تقارير أميركية من بناء من وصفتهم بـ«المرتزقة الروس» خنادق في محور مدينة سرت، وفيما أعلنت بعثة الأمم المتحدة عن فتح باب الترشح للسلطة التنفيذية الجديدة، بدأت بمنتجع بوزنيقة بالمغرب أمس، جولة جديدة من المحادثات بين وفدي مجلس النواب (شرق البلاد) والمجلس الأعلى للدولة بطرابلس، لمواصلة النقاش حول المناصب السيادية.
وطالبت البعثة من أعضاء الحوار السياسي التصويت على المرشحين للمناصب القيادية للحكومة الجديدة في الفترة من الأول إلى الخامس من الشهر المقبل في سويسرا، محددة مهلة الترشح للسلطة الجديدة بما في ذلك الأعضاء الثلاثة للمجلس الرئاسي، ورئيس الحكومة، التي بدأت أمس وتنتهي الخميس المقبل.
وقالت البعثة الأممية في بيان مساء أول من أمس، إنه سيجرى تشكيل لجنة تضم 3 أعضاء من الأقاليم الليبية الثلاثة تتولى تجميع القوائم النهائية للمرشحين، الذين اشترطت لترشحهم لعضوية المجلس الرئاسي توفير تزكيتين من قبل أعضاء (المجمع الانتخابي) الذي ينتمي إليه المرشح بغض النظر عن عدد الأعضاء المنتمين لذلك المجمع الانتخابي.
كما اشترطت على المرشحين لمنصب رئاسة الحكومة توفير تزكيتين على الأقل من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي (دون شرط أن تكون التزكيتان من مجمع انتخابي- إقليم معين).
ودعت الراغبين بالترشح للسلطة التنفيذية الموحدة لإرسال نسخ إلكترونية لنموذج الترشح والسيرة الذاتية بالإضافة إلى وثيقة إثبات هوية (جواز سفر) عبر عنوان بريد إلكتروني خصصته لذلك الغرض.
وأوضحت البعثة أن عملية الترشح لهذه المناصب ستستمر لفترة محددة، «علما بأنه لا يحق لأي عضو من أعضاء الملتقى تقديم أكثر من تزكية واحدة للمرشحين».
وطبقا لما أعلنه اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» فقد طالبت اللجنة العسكرية المشتركة للجيش وقوات حكومة «الوفاق» خلال اجتماع عقدته الأربعاء الماضي، عبر الدائرة المغلقة بحضور لجان المتابعة للدول الراعية لمقررات مؤتمر برلين بالإضافة لممثلين من فرنسا وبريطانيا وأميركا وإيطاليا وتركيا وللاتحادين الأوروبي الأفريقي بخروج جميع «المرتزقة» والقوات الأجنبية من البلاد فوراً وتفعيل حظر السلاح إلى ليبيا والالتزام والتقيد به، بالإضافة إلى توقيع عقوبات على المعرقلين لتنفيذ الاتفاق سواء كانوا دولا، أو أشخاصا.
ونقل المحجوب في بيان له مساء أول من أمس، تأكيد الاجتماع على ضرورة عودة الاستقرار وفتح الطريق الساحلي بين غرب ليبيا وشرقها فوراً، وإلزام الدول الراعية للاتفاق والبعثة الأممية بتنفيذ بنود هذا الاتفاق وإحالته إلى مجلس الأمن لإصدار قرار ملزم تحت البند السابع لتنفيذ جميع ما ورد في مخرجات مؤتمر برلين.
بدورها، كشفت شبكة «سي إن إن» الأميركية، النقاب عما وصفته بـ«مخاوف أميركية» حيال بناء خندق ضخم عبر ليبيا، حفرته جماعة «فاغنر» المدعومة من روسيا، ما يثير الشكوك بشأن عدم انسحاب المقاتلين الأجانب من البلاد بحلول اليوم، وفقا لاتفاق جنيف.
ووفقا لما نقلته عملية «بركان الغضب» التابعة لقوات «الوفاق» عن الشبكة فإن «المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق بشأن الأهداف طويلة المدى لحليف الكرملين في الدولة التي مزقتها الحرب»، وقالت إنه «يمكن رؤية الخندق، الذي يمتد عشرات الكيلومترات جنوباً من المناطق الساحلية المأهولة بالسكان حول سرت باتجاه معقل الجفرة الخاضع لسيطرة جماعة (فاغنر)، من خلال صور الأقمار الصناعية، حيث تدعمه سلسلة من التحصينات المعقدة».
من جانبه، قال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، إنه ناقش عبر الهاتف مع أعضاء وعمداء بلديات محلية، مساء أول من أمس، المستجدات الأخيرة على صعيد منتدى الحوار السياسي الليبي والتحديات التي تواجه بلديات الجنوب التي تشعر بالتهميش والإقصاء في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في الجنوب الليبي.
وبحسب بيان لنورلاند، الذي جدد التأكيد على التزام بلاده بدعم ذلك المسار والجهود الرامية لتحسين جودة الحياة في الجنوب، فقد أعرب العمداء عن دعمهم للمسار السياسي الذي تيسره رئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز.
في غضون ذلك، بدأت في منتجع بوزنيقة بالمغرب، أمس، جولة جديدة بين وفدي مجلس النواب بـ(شرق البلاد) والمجلس الأعلى للدولة، ومقره طرابلس العاصمة (غرباً)، وفق صيغة «13+13» وذلك لاستكمال باقي المناقشات حول المناصب السيادية السبعة التي نصت عليها الفقرة (15) من اتفاق (الصخيرات).
وبدأت جولة الحوار بعقد جلسة مغلقة اقتصرت على الوفدين الليبيين، دون مشاركة أي ممثلين عن الحكومة المغربية، وامتنع الحضور عن الإدلاء بأي تصريحات للصحافيين والإعلاميين، واكتفوا بالسماح فقط بالتقاط بعض الصور.
وقال مصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحوار هذه الجولة «سيركز على أربعة مناصب سيادية هي المصرف المركزي، وهيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، والهيئة الوطنية لمحاربة الفساد»، مشيراً إلى أن «المجتمعين في بوزنيقة أكدوا التزامهم بما حققوه من تفاهمات في اللقاءات السابقة»، و«أن الهدف من اللقاء الجاري، القيام بمزيد من المشاورات بشأن هذه المناصب قبل اجتماع مرتقب في جنيف».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.