انقسام إيراني حول التعامل مع بايدن

الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي على هامش لقاء جمع رؤساء السلطات الثلاث في إيران الأسبوع الماضي (خانه ملت)
الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي على هامش لقاء جمع رؤساء السلطات الثلاث في إيران الأسبوع الماضي (خانه ملت)
TT

انقسام إيراني حول التعامل مع بايدن

الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي على هامش لقاء جمع رؤساء السلطات الثلاث في إيران الأسبوع الماضي (خانه ملت)
الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي على هامش لقاء جمع رؤساء السلطات الثلاث في إيران الأسبوع الماضي (خانه ملت)

غداة تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن، بدأت تتضح معالم جديدة من الانقسام في إيران حول المفاوضات المتوقعة بين البيت الأبيض وطهران. واختار الرئيس حسن روحاني توجيه انتقادات إلى منتقدي مساعي الحكومة للإبقاء على الاتفاق النووي، من منطلق «تأثير الدبلوماسية على الاقتصاد»، وإنقاذ صندوق السيادة من الإفلاس، في وقت قلل فيه رئيس القضاء، إبراهيم رئيسي، من أهمية المفاوضات في حل المشكلات ببلاده، مطالباً بـ«تعزيز القوة» وتنفيذ أوامر «المرشد» في إطار قانون جديد.
ووصف الرئيس حسن روحاني منتقدي حكومته بـ«بذيئي اللسان»، ودافع في كلمة له خلال افتتاح مصفاة للنفط بإقليم الأحواز، عبر الفيديو، عن دور السياسة الخارجية، وقال: «لولا حياتنا الخارجية والتوصل للاتفاق النووي في 2015، لما حصلنا على أموال افتتاح هذه المشروعات الكبيرة»، وأضاف: «تحسنت أوضاع الصندوق السيادي في 2015 و2016 و2017 عندما تمكنا من بيع نفطنا».
وقال روحاني: «لا أريد أن أشرح؛ لكن أريد من بذيئي اللسان، ممن ليسوا على دراية، أن يعلموا إلى أي مدى يمكن للسياسة الخارجية والدبلوماسية أن تلعب دوراً في الاقتصاد والإنتاج وقفزته»، مشيراً إلى أن الاتفاق النووي ساهم في حصول بلاده على معدات لتطوير منشآتها النفطية.
وقال مسؤولون حكوميون إن مصفاة الغاز الطبيعي، في جنوب غربي البلاد، «ثالث أكبر مصفاة في العالم من نوعها، والأكبر في الشرق الأوسط». وكان الرئيس الإيراني يشير ضمناً إلى إنذارين تلقاهما وزير خارجيته، محمد جواد ظريف، في البرلمان، الثلاثاء، بسبب سعيه للجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد 3 أسابيع فقط على مقتل مسؤول العلميات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، إضافة دور «الدبلوماسية الاقتصادية»، ووصلت مواجهة الوزير هذه المرة مع نواب البرلمان إلى حد اتهامه بلقاء ضابط إسرائيلي يدعى «بيرغمن»، قبل أيام معدودة من الضربة الأميركية التي أمر بها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، لاستهداف موكب سليماني وحليفه أبو مهدي المهندس نائب قائد «الحشد الشعبي» في العراق.
على النقيض من ذلك، قال رئيس القضاء، إبراهيم رئيسي، إن «من يعتقدون أن مشكلات البلاد يمكن حلها بالمفاوضات، مخطئون»، وأضاف: «عندما نعمل بعزم في أي مجال، فسيتراجع العدو ويصاب باليأس».
وأشاد رئيسي؛ الذي يعدّ أقرب المرشحين لخلافة خامنئي، بالمناورات السنوية لقوات «الحرس الثوري» والجيش الإيراني، التي تزامن موعدها بصورة مفاجئة مع انتقال السلطة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أبدى انفتاحه على إعادة بلاده إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، في حال عادت إيران للالتزام ببنود الاتفاق.
وقال رئيسي إن «أكثر عقوبات أعداء إيران استهدفت المجالات النووية والعسكرية». وزعم أن بلاده «باتت الأقوى المنطقة»، وعدّ «تعزيز القوة» في جميع المجالات ضرورة لـ«إجهاض» العقوبات.
واستند رئيسي إلى تصريحات أدلى بها «المرشد» علي خامنئي حول «أهمية إجهاض العقوبات بدلاً من انتظار رفعها». وقال: «ما يحبط الأميركيين والأوروبيين، ويجهض العقوبات، هو تنفيذ قرار قانون البرلمان، للتأكيد على ضرورة تنفيذ أوامر المرشد».
وأقر البرلمان الإيراني، الشهر الماضي، قانوناً ملزماً للحكومة باتخاذ خطوات جديدة في مسار انتهاك التزامات الاتفاق النووي في محاولة للضغط على إدارة بايدن لرفع العقوبات والتراجع عن استراتيجية «الضغوط القصوى» التي أقرها ترمب بهدف تعديل سلوك طهران. وبموجب القانون؛ رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، وبدأت تدشين أجزاء جديدة تحت الأرض في منشأتي «فردو» و«نطنز» تمهيداً لتشغيل 2000 جهاز طرد مركزي في غضون عام، قبل أن تبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقدمها في مجال إنتاج اليورانيوم المعدني.
ويطالب القانون الجديد الحكومة بطرد فريق المفتشين الدوليين، لكن طهران قالت الأسبوع الماضي إنها لن تطرد المفتشين الدوليين؛ لأن ذلك يعدّ خروجاً من معاهدة حظر الانتشار النووي، غير أنها أبلغت الوكالة الدولية بخفض مستوى التعاون فيما يخص «اتفاقية الضمانات». ولوح رئيس «لجنة النووي» في البرلمان الإيراني بعدم منح مفتشي الوكالة الدولية تأشيرة لدخول إيران بدلاً من طردهم من أراضيها.
وانتقدت الدول الأوروبية بشدة خطوة طهران القيام بأبحاث لإنتاج اليورانيوم المعدني، وحذرت من تبعاتها على دبلوماسية الإدارة الأميركية الجديدة، مما يدخل الاتفاق النووي في «منعرج خطير».
في غضون ذلك، نشرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، «برومو (مقدمة تعريفية) من مقابلة مسجلة مع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ستنشر الأسبوع الماضي، يستند فيها إلى تصريحات خامنئي في دفاعه عن الاتفاق النووي.
وصرح ظريف بأن «المرشد قال إن (خطة الاتفاق النووي) اختبار؛ إذا نجح؛ فيمكن الدخول إلى المجالات الأخرى»، وأضاف: «دفعت ثمن الحوار مع الولايات المتحدة».
ورداً على سؤال حول المساهمة؛ من «الصفر إلى المائة»، في رسم السياسة الخارجية على مدى 8 سنوات من توليه منصب وزير الخارجية، قال ظريف إن حصته «الصفر»، مضيفاً: «كان لي دور أكبر في رسم سياسات الاتفاق النووي، وكان دوري محدوداً في رسم السياسات الإقليمية». ونأي بنفسه عن «العداء الدائم» مع الولايات المتحدة، وعدّ أنه مسؤول عن تصريحاته في هذا المجال.



عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
TT

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل الإعلامي بموازاة العمل الدبلوماسي والميداني.

ودعا عراقجي في مؤتمر لقوات «الحرس الثوري» إلى التنسيق بين الأنشطة الميدانية لـ«الحرس» والمهام الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها عن ذلك في غضون أسبوع.

وقال إن جزءاً من نهج المقاومة هو «دبلوماسية المقاومة»، وأضاف في السياق نفسه: «الميدان والمقاومة يكملان بعضهما، ولا يمكن فصلهما عن بعض».

وأعرب عراقجي عن دعمه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، قائلاً إن «الميدان بقوته يفتح الطريق للدبلوماسية»، وأضاف: «لقد شاهدنا تجسيداً عملياً للتعاون بين الميدان والدبلوماسية في الساحة السياسية للبلاد في الأشهر الأخيرة»، حسبما أوردت وسائل إعلام «الحرس الثوري».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قد قال، الاثنين، إن «حزب الله» تمكّن من «فرض إرادته» على إسرائيل. وأضاف أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، وأردف في خطابه: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب».

وتطرق عراقجي إلى دور الجنرال قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري»، في توسيع أنشطة «الميدان»، خصوصاً دعم «جبهة المقاومة»، قبل مقتله في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال عراقجي إنه «قام بتحويل مدرسة المقاومة إلى حركة وجبهة مقاومة، وهذه الحركة لا تزال قوية ومشرّفة في المنطقة وتواصل نضالها ضد الكيان الصهيوني والاستكبار».

وقال عراقجي: «لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر».

وأشار بذلك إلى مقتل قيادات جماعات «محور المقاومة»، على رأسهم حسن نصر الله، قائلاً إن مقتله سيجعل من حركة «حزب الله» في لبنان «أقوى وأكثر ثمراً».

وقال عراقجي إن «الضربة التي وُجهت للجيش السوري كانت إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية، وفي الواقع، الجيش السوري هُزم قبل أن يخوض المعركة ولم يتمكن من الصمود».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة «إكس» مطلع الشهر الحالي

وأضاف: «يجب أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا، وأن نكون حذرين من البيئة التي يسعى أعداؤنا لخلقها، وألا نسمح لهم بنشر الإحباط واليأس في البلاد».

ولفت إلى أهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على السردية الإيرانية، وقال: «إلى جانب الميدان والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».

ودفع مسؤولون إيرانيون وقادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، بعد سقوط بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى.

وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية، في مسعى للتقليل من أهمية التقارير بشأن احتمال سقوط الأسد.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا قائد «الحرس الثوري» إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا، وقال إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران»، وذلك بعدما تعرضت منشآت عسكرية في سوريا لضربات إسرائيلية متتالية.

وفي نهاية ديسمبر، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».