منظمات دولية تنتقد تونس بسبب «المقاربة الأمنية العنيفة} مع المحتجين

«الدستوري الحر» يتفوق للمرة الثالثة على «النهضة» في نوايا التصويت

جانب من مظاهرات الشبان وسط العاصمة أمس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات الشبان وسط العاصمة أمس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين (إ.ب.أ)
TT

منظمات دولية تنتقد تونس بسبب «المقاربة الأمنية العنيفة} مع المحتجين

جانب من مظاهرات الشبان وسط العاصمة أمس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات الشبان وسط العاصمة أمس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين (إ.ب.أ)

انتقد ممثلو 11 جمعية حقوقية تونسية ودولية «التعامل العنيف» لقوات الأمن مع الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها تونس، وتوقيف حوالي ألف متظاهر في ظرف زمن قصير، وأكدوا أن هذا التصرف يهدف إلى «وأد التحركات والمطالب الاجتماعية، وترحيلها إلى أروقة المحاكم للزج بالمحتجين في السجون» على حد تعبيرهم، ودعوا إلى إطلاق سراح كل الموقوفين.
وأشار بسام الطريفي، نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في العاصمة، إلى تشكيل لجنة من المحامين التونسيين للدفاع عن المحتجين الموقوفين، مؤكدا أن السلطات «تحاول إنهاك جهود المنظمات في مساندة الاحتجاجات المشروعة، من خلال توقيف أكبر عدد ممكن من المحتجين، لكن هذه المحاولات ستفشل». معتبرا أن إقرار الحجر الصحي الشامل لمدة أربعة أيام، تزامنا مع ذكرى الثورة، «كان بهدف إخماد الاحتجاجات، المطالبة بتحسين المعيشة ومكافحة الفقر».
في السياق ذاته، طالب عبد الرحمن الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، السلطات إلى الابتعاد عن «الحلول القمعية التي زادت من الاحتقان في الشارع»، مذكرا بأن «المنتدى» سبق أن حذر منذ أشهر بأن بداية السنة الحالية ستشهد زيادة في منسوب المطالب والتحركات الاجتماعية المطالبة بالعدالة والتشغيل والتنمية.
وشهدت عدة جهات ومدن تونسية، من بينها العاصمة، تحركات احتجاجية ليلية خلال الأيام الخمسة الماضية، رغم إعلان الحجر الصحي الشامل (من 14 إلى 17 يناير (كانون الثاني) الجاري)، قادها شباب غاضبون، وتخللتها أعمال تخريب ونهب وسرقة لممتلكات عمومية، وخاصة منها محلات تجارية وفروع بنكية ومراكز بريد، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع القوات الأمنية.
وفي العاصمة التونسية، واصل عدد من نشطاء المجتمع المدني وعائلات الموقوفين، أمس، تنظيم وقفات احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، الذين شاركوا بالاحتجاجات، التي شهدتها جهات مختلفة من تونس.
على صعيد متصل، انتقد زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، التصريحات التي أدلى بها عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، والتي أكد من خلالها أن «شباب الحركة سيسند جهود قوات الأمن في التصدّي للمحتجين وحفظ الأمن»، ودعا الجهات القضائية التونسية للتحرك، وتحمل مسؤولياتها الدستورية والقانونية في حماية الأمن العام والنظام الجمهوري، ووضع حد لوجود مجموعات منظمة تابعة لحزب سياسي تهدد الأمن العام، والسلم الاجتماعي، والقيام بالإجراءات القضائية المطلوبة في تتبع رئيس مجلس شورى النهضة وحزبه، لما ارتكبه في حق البلاد وأمنها.
وأكد المغزاوي لـ«الشرق الأوسط» على خطورة التصريح، الذي أدلى به رئيس مجلس شورى النهضة، قائلا إن رئاسة الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة عن تصريحات ممثل للحزب الداعم للحكومة.
في السياق ذاته، دعا المغزاوي القوات الأمنية والعسكرية لحماية مؤسسات الدولة، مما سماها «سياسة التمكين التي تنتهجها بعض الأطراف، وتطبيق القانون عليها وحماية القوات الحاملة للسلاح من عقلية الأمن الموازي». داعيا كل القوى السياسية والمدنية للتجنّد من أجل حماية أمن البلاد، وحق الاحتجاج والتظاهر، و«تحميل حركة النهضة التبعات الخطيرة لوجود هذه المجموعات الإجرامية، التي ترهب الناس وتهدد الأمن العام وتؤسس للتقاتل بين التونسيين»، على حد قوله.
من جهة ثانية، ووفق أحدث سبر آراء نشرت نتائجه في تونس، تصدّر الحزب الدستوري الحر المعارض الذي تتزعمه عبير موسي، نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية بنسبة 41 في المائة، متفوقا للمرة الثالثة على حزب حركة النهضة، التي لم تحقق سوى نسبة 15.4 في المائة. وحل «ائتلاف الكرامة» ثالثا بنسبة 9.1 في المائة، ثم حزب قلب تونس بنسبة 8.7 في المائة، و«التيار الديمقراطي» الذي حصل على نسبة 5.5 في المائة من نوايا التصويت.
أمّا بالنسبة للانتخابات الرئاسية، فقد تراجعت نسبة نوايا التصويت للرئيس الحالي قيس سعيد، حيث بلغت 40.8 في المائة، وهي أدنى نسبة له منذ توليه الرئاسة قبل نحو سنة ونصف، وحلت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر في المرتبة الثانية بنسبة 15.9 في المائة. فيما حل الصافي سعيد في المرتبة الثالثة بنسبة 13.2 في المائة، ثم نبيل القروي بـ9 في المائة وسيف الدين مخلوف بنسبة 3.3 في المائة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».