تدهور الجنيه والأزمات المعيشية تحاصر موازنة السودان

عادت طوابير الخبز والوقود إلى شوارع السودان تزامناً مع إجازة الحكومة موازنة 2021 (رويترز)
عادت طوابير الخبز والوقود إلى شوارع السودان تزامناً مع إجازة الحكومة موازنة 2021 (رويترز)
TT

تدهور الجنيه والأزمات المعيشية تحاصر موازنة السودان

عادت طوابير الخبز والوقود إلى شوارع السودان تزامناً مع إجازة الحكومة موازنة 2021 (رويترز)
عادت طوابير الخبز والوقود إلى شوارع السودان تزامناً مع إجازة الحكومة موازنة 2021 (رويترز)

اشتدت أزمات الوقود ودقيق الخبز وغاز الطهي، وعادت الطوابير الطويلة تطل برأسها من جديد أمام محطات الوقود والمخابز، وذلك بعد أيام من إجازة الحكومة السودانية موازنة 2021 التي رصدت 260 مليار جنيه سوداني (4.7 مليار دولار بحسب سعر الصرف الرسمي)، أو ما يوازي ثلث إيرادات الموازنة، لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين، في وقت تتهاوى فيه قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية إلى مستويات غير مسبوقة.
واقترب سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) من حاجز 300 جنيه، ليسجل الجنيه أدنى انخفاض له في تاريخ البلاد، فيما ظل سعر الصرف الرسمي في البنك المركزي ثابتاً عند حدود 55 جنيهاً، وتجد الحكومة معارضة داخلية قوية لاتخاذ خطوة «تعويم الجنيه» (تحرير سعر الصرف) في ظل عدم وجود احتياطي كاف من النقد الأجنبي في خزينة الدولة.
وبحسب متابعات «الشرق الأوسط»، فإن الأقبال الكبير على شراء الدولار من السوق الحرة خلال الأيام الماضية تسبب في انخفاض الجنيه من 265 للدولار الواحد إلى 300 جنيه، الذي بدروه أدى إلى شلل في حركة البيع والشراء بالأسواق، وسط توقعات بزيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية وتكاليف النقل.
ولم تتضمن الموازنة أي اتجاه للمواصلة في سياسة التعديل التدريجي لسعر الصرف التي أقرت في موازنة العام الماضي، كما تنفي الحكومة بشدة أي زيادات في سعر الدولار الجمركي.
وعقد القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء، مساء الأربعاء، اجتماعاً طارئاً لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في البلاد، على خلفية التدني غير المسبوق للعملة الوطنية. وعزت وزيرة المالية، هبة محمد علي، تذبذب سعر الصرف إلى المضاربة التي تقوم بها بعض الشركات، والإقبال المعتاد على العملة الأجنبية في بداية كل عام، بالإضافة إلى بعض الإشاعات بتغيير العملة. وقالت إن الحكومة تسعى لزيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية في البنك المركزي من خلال الدعم الخارجي النقدي، والذي سيكون له أثر إيجابي في استقرار سعر الصرف. وأكدت الوزيرة أن الموازنة الجديدة جرى تمويلها بإيرادات حقيقية وتقليل الاستدانة من البنك المركزي من 200 مليار جنيه (3.6 مليار دولار) إلى 52 مليار جنيه (945 مليون دولار). وبلغت تقديرات إيرادات الموازنة نحو 938.2 مليار جنيه (17 مليار دولار)، وإجمالي الإنفاق 1.021 تريليون جنيه (18.56 مليار دولار)، بعجز كلي يبلغ 83.6 مليار جنيه (1.5 مليار دولار).
ويشير مشروع الموازنة الذي تحصلت عليه «الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة تسعى لخفض العجز إلى المستويات الآمنة من خلال خفض الدين العام، وضبط الاستدانة من النظام المصرفي.
من جانبه؛ أرجع وزير الطاقة والتعدين المكلف، خيري عبد الرحمن، عودة طوابير الوقود إلى إحجام بعض الشركات عن توزيع الكميات الكاملة لمحطات الوقود، وهدد باللجوء إلى عقوبات تدريجية ضد الشركات التي تقلل من حصص التوزيع.
وأوضح عبد الرحمن أن كمية البنزين المستوردة بالسعر الحر لم تتأثر، متعهداً بضمان استمرار تدفق الوقود للمواطنين، التزاماً باتفاق محفظة السلع الاستراتيجية مع الشركات بتوفير النقد الأجنبي لاستيراد الوقود من الخارج.
وتسعى الحكومة السودانية من خلال موازنة 2021 إلى خفض التضخم إلى 95 في المائة بنهاية العام الحالي، والذي قفز في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 254 في المائة، ويعدّ من أعلى معدلات التضخم في العالم.
وتوقعت وزارة المالية أن تحقق الموازنة فائضاً جارياً وعجزاً كلياً في حدود 1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتخفيض الصرف الحكومي بنسبة 24 في المائة.
وأجاز مجلسا «السيادة» و«الوزراء» (الهيئة التشريعية المؤقتة في البلاد)، يوم الثلاثاء الماضي، موازنة العام المالي 2021، وهي أول موازنة عقب إزالة البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث تعول الحكومة على أن تساعد هذه الخطوة في دمجها الاقتصادي مع دول العالم. ويترقب السودان أن يحصل على إعفاء من ديونه الخارجية البالغة 60 مليار دولار في مؤتمر دولي مزمع انعقاده بالعاصمة الفرنسية باريس في مايو (أيار) المقبل.



وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».