حصار حمص يختبر جدية مفاوضات «جنيف2»

مماطلة دمشق ما زالت تعيق دخول قوافل الإغاثة

طفلان يجمعان الخشب في أحد أحياء حمص المحاصرة (رويترز)
طفلان يجمعان الخشب في أحد أحياء حمص المحاصرة (رويترز)
TT

حصار حمص يختبر جدية مفاوضات «جنيف2»

طفلان يجمعان الخشب في أحد أحياء حمص المحاصرة (رويترز)
طفلان يجمعان الخشب في أحد أحياء حمص المحاصرة (رويترز)

لم تدخل قوافل المساعدات الإغاثية إلى أحياء حمص المحاصرة، لليوم الثالث على التوالي أمس، رغم توقفها على حدود محافظة حمص من جهة دمشق، في موازاة تبادل طرفي الأزمة السورية الاتهامات بشأن الطرف المعرقل لدخول الإمدادات. وفي حين اتهم ناشطون الحكومة السورية بعدم إعطائها إذنا رسميا لدخول القوافل وتوزيع حمولتها، جددت السلطات السورية تأكيدها أمس إنجاز الترتيبات لخروج المدنيين، بعد يوم على مطالبة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بـ«ضمانات» لعدم وصول هذه القوافل إلى «مجموعات مسلحة».
وجددت لور شدراوي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، التأكيد لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «البرنامج أنجز الاستعدادات المطلوبة منه وقوافل المساعدات المحملة بكميات كبيرة لا تزال تنتظر الإشارة للدخول وإفراغ حمولتها»، موضحة أنه «لا تقدم أحرز أمس في هذا السياق».
وقالت شدراوي إن «الجهوزية تامة»، وشددت على أن «دورنا ينتهي بمجرد حصولنا على الضوء الأخضر»، رافضة الكشف عن الجهة المعرقلة لدخول المساعدات. لكن ممثلين عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي، ووفق ما نقلته عنهم وكالة الصحافة الفرنسية أمس، قالوا إن «الفرق الدولية جاهزة على الأرض لكنها لم تنل بعد ضوءا أخضر من السلطات السورية».
وتفرض القوات النظامية حصارا على أحياء حمص القديمة منذ يونيو (حزيران) الماضي. وأعلن الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي السبت الماضي في جنيف، موافقة وفد النظام السوري المشارك في المفاوضات، على السماح بخروج النساء والأطفال من هذه الأحياء، آملا في دخول قوافل مساعدات إنسانية إليها، لكن أيا من هذه الخطوات لم تجد طريقها إلى التنفيذ بعد.
وأصبحت الجهود الرامية لتوصيل إمدادات الغذاء والدواء إلى المدينة اختبارا لما إذا كانت محادثات السلام الحالية في سويسرا يمكن أن تحقق نتائج عملية على أرض الواقع.
وفي سياق متصل، أكد محافظ مدينة حمص طلال البرازي لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس أن السلطات السورية «أنجزت جميع الترتيبات اللازمة لتأمين المدنيين الراغبين في مغادرة أحياء المدينة القديمة»، في تكرار لموقف سبق وأعلنه أول من أمس. لكن ممثلي المعارضة يعترضون على مطلب دمشق بتقديم قوائم بأسماء الراغبين من سكان الأحياء المحاصرة في حمص بالمغادرة قبل خروجهم منها، متخوفين من اعتقالات أو من التعرض للنساء والأطفال.
وفي سياق متصل، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «المطلوب فك الحصار عن أحياء حمص المحاصرة، لا إخراج المدنيين منها أو تقديم المساعدات الغذائية إلى المحاصرين فيها».
ويسأل عبد الرحمن: «إذا خرج المدنيون المحاصرون فإلى أين سيتوجهون ومن يضمن سلامتهم، في وقت لا وجود لمناطق آمنة في حمص وضواحيها؟». ويعتبر في الوقت ذاته أن «إدخال المساعدات الغذائية إلى الأحياء المحاصرة يبدو أشبه بتقديم وجبة طعام إلى سجناء معتقلين». وجدد المطالبة بـ«تحرير حمص بالكامل من الحصار المفروض عليها»، داعيا الأمم المتحدة إلى أن «تسمي الجهة المعرقلة التوصل إلى اتفاق».
وسبق للأمم المتحدة أن أعلنت استعدادها لتوزيع مساعدات تكفي لمدة شهر على 2500 شخص محاصرين في المدينة، التي تحولت إلى أنقاض بفعل القصف والقتال على مدى أشهر متواصلة.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.