لبنان: التمديد اليوم للإقفال العام... وللأزمة الحكومية

بعد دياب... عون لتصريف الأعمال

لبنان: التمديد اليوم للإقفال العام... وللأزمة الحكومية
TT

لبنان: التمديد اليوم للإقفال العام... وللأزمة الحكومية

لبنان: التمديد اليوم للإقفال العام... وللأزمة الحكومية

رأت مصادر سياسية أن التمديد للإقفال العام سيصدر، اليوم، بقرار عن المجلس الأعلى للدفاع لمكافحة انتشار فيروس «كورونا» الذي بلغ ذروته وتجاوز الخطوط الحمر سواء بارتفاع عدد المصابين أو بزيادة الوفيات ولا يعالَج ويكافَح بالأدوات المحلية وبات في حاجة إلى خطة متكاملة مدعومة دولياً وعربياً لأن اللجان التي شُكلت لمكافحته باتت عاجزة عن السيطرة عليه. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الخطورة تكمن في أن هذا التمديد التلقائي ينسحب على التمديد للأزمة اللبنانية في ظل انسداد الأفق السياسية في وجه تشكيل حكومة جديدة بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت وترتّبت عليه أضرار كارثية أصابت الجزء الأكبر من أحياء العاصمة.
ولفتت المصادر السياسية إلى أن التحرك الذي قام به رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، باتجاه رؤساء الجمهورية ميشال عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والمكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، في محاولة لإخراج تأليف الحكومة من التأزُّم الذي لا يزال يحاصرها، لم يقدّم أو يؤخّر لأنه لم يكن سوى غطاء للتضامن مع الحريري ولو متأخراً بعد أن اتهمه عون بالكذب، وبالتالي لا مفاعيل سياسية لهذا التحرك.
وأكدت أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كان وراء إسداء نصيحة لدياب بضرورة زيارة الحريري رداً على زيارة الأخير له إبان الادّعاء عليه من المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان، وقالت إن دياب ارتأى أن تشمل الزيارة عون وبري، وهذا ما تحقق بترتيب وإعداد من اللواء إبراهيم.
وعدّت المصادر نفسها أن دياب أراد أن يضفي على جولته ما يتيح له أن يقدّم نفسه للرأي العام بأنه يحاول إعادة تحريك المشاورات الخاصة بتأليف الحكومة، مع أنه يدرك جيداً أن عون الذي يرفض التجاوب مع مبادرة البطريرك الماروني بدعوته الحريري لعقد لقاءات وجدانية لعلها تفتح الباب أمام الوصول إلى تفاهم يدفع باتجاه تسريع ولادة الحكومة ويصر على التمرّد على مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان، ليس في وارد التسليم له بأنه يقوم بمهمة إنقاذية.
وقالت إن مبادرة دياب وُلدت ميتة مع أنه أرادها للاعتذار من الحريري عن التأخّر في التضامن معه، وجاءت أشبه بحركة بلا بركة، رغم أنه توخى منها أن تأتي متوازنة لتفادي أي رد فعل سلبي من رئيس الجمهورية في حال لم يشمله بجولته التي لم تلقَ التجاوب المطلوب من الأخير، وأكدت أن منسوب المخاوف إلى ارتفاع حيال استمرار الجمود القاتل الذي سيجعل من رئيس الجمهورية رئيساً لتصريف الأعمال أسوةً برئيس حكومة تصريف الأعمال.
وفي هذا السياق كشفت المصادر نفسها أن بعض أعضاء الفريق السياسي المحسوب على عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وهم الآن أكثر تطرُّفاً، بدأ يروّج لنظرية مفادها أن السنوات الأربع من الولاية الرئاسية لم تمكّنه من تحقيق ما تعهد به، متهماً خصومه بأنهم كانوا وراء مسلسل الإخفاقات التي مُني بها «العهد القوي»، وبالتالي فإن الثلث الأخير من ولايته لن يكون أحسن حالاً.
ونقلت عن بعض أعضاء هذا الفريق قوله إنه لم يعد أمام عون سوى أن يأخذ البلد إلى الانهيار ولو من باب التهديد، لعلّ خصومه يبادرون للتسليم له بإعادة تعويم باسيل سياسياً بعد أن تعذّر عليه تعويم نفسه رئاسياً.
وأكدت أن الشغل الشاغل لهذا الفريق يكمن في إنقاذ باسيل أولاً بذريعة أن إنقاذ «العهد القوي» أصبح من سابع المستحيلات، وأن لعون مصلحة في تجيير ما تبقى من ولايته لإنعاش باسيل سياسياً بغية الإبقاء عليه كواحد من الأرقام الصعبة في المعادلة الداخلية، خصوصاً أنه يراهن على بقاء «حزب الله» إلى جانبه في السراء والضراء بذريعة أنْ لا حليف في الشارع المسيحي على استعداد لتوفير الغطاء السياسي له كما يفعل باسيل وإن كان يحاول من حين لآخر أن يتمايز عنه قولاً لا فعلاً.
ورأت هذه المصادر أن تعذُّر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022 قد يؤدي إلى التمديد للبرلمان الحالي ليحل مكان البرلمان المنتخب الذي يُفترض أن يَنتخب مَن يخلف عون في سدة الرئاسة والذي تنتهي ولايته بعد نحو خمسة أشهر ونصف على انتهاء ولاية البرلمان الحالي، وهذا ما يسمح لعون بالتحالف مع «حزب الله» بالضغط لإعادة تسويق باسيل رئاسياً.
لكنّ المصادر وإن كانت ترى أنه من السابق لأوانه الرهان على مثل هذا السيناريو الجهنّمي لقطع الطريق على شطب اسم باسيل من لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، فإنها في المقابل تعتقد أن هناك صعوبة في إعادة تلميع صورته حتى داخل ما تبقى من «قوى 8 آذار»، وتعزو السبب إلى أنه ورئيس الجمهورية لم يتركا حليفاً لهما سوى «حزب الله».
لذلك، فإن إصرار عون على الثلث الضامن في الحكومة في حال أنها تشكّلت يَلقى معارضة واسعة، انطلاقاً من تقدير خصومه أنه من غير الجائز إعطاءه ورقة التعطيل، وإن كان من المبكر منذ الآن التبصّر في مصير الانتخابات النيابية، ما دامت الأولوية يجب أن تبقى حصراً في إزالة العقبات التي تؤخّر ولادة الحكومة بعد أن استحال على عون رمي مسؤولية التعطيل على الآخرين من خصوم وحلفاء وبات محشوراً، ولم يعد في مقدوره الالتفاف على الضغوط التي تحاصره وتحمّله وزر التكلفة الاقتصادية والسياسية المترتبة على بقاء البلد بلا حكومة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.