«ميليشيات» تابعة لحكومة {الوفاق} ترفض نتائج «ملتقى الحوار» الليبي

جانب من تدريبات الجيش الوطني الليبي في بنغازي (رويترز)
جانب من تدريبات الجيش الوطني الليبي في بنغازي (رويترز)
TT

«ميليشيات» تابعة لحكومة {الوفاق} ترفض نتائج «ملتقى الحوار» الليبي

جانب من تدريبات الجيش الوطني الليبي في بنغازي (رويترز)
جانب من تدريبات الجيش الوطني الليبي في بنغازي (رويترز)

في تطور نوعي مهم يفتح الطريق أمام مشهد سياسي جديد في ليبيا، حسمت اللجنة الدستورية لملتقى الحوار السياسي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، مرجعية الانتخابات المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الحالي، لكن قوات حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، أعلنت رفضها لنتائج الحوار، وهو ما يهدد العملية السياسية برمتها.
وأعلنت اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين لمجلسي النواب والدولة، في بيان لها عقب اجتماعها، أمس، بمنتجع الغردقة المصري على ساحل البحر الأحمر، التوصل لاتفاق حول إجراء استفتاء على مشروع الدستور بعد المادة السادسة، باعتماد نظام الدوائر الثلاث (50 في المائة + 1)، وإلغاء المادة السابعة منه، وهو الاتفاق الذي رحبت به مصر وثمنته.
كما اتفق الأعضاء على تحصين المراكز القانونية الجديدة التي ستنتج عن الاستفتاء، عبر إيقاف النظر بالطعون المتعلقة بقانون الاستفتاء المتوافق عليه، وقانونية إصدار مشروع الدستور، والتعديل العاشر للإعلان الدستوري عام 2018.
وقررت اللجنة استكمال مناقشتها لاحقا ما بين 9 و11 فبراير (شباط) المقبل، ودعوة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للحضور والمشاركة في المناقشات، وصولا إلى تحديد موعد الاستفتاء والإجراءات المرتبطة به، ورفع هذا الاتفاق إلى مجلسي النواب والدولة. بالإضافة إلى رفع تقرير بنتائج أعمال اللجنة إلى بعثة الأمم المتحدة لاتخاذ اللازم بشأن تفعيل هذا الاتفاق، وتوفير الدعم الضروري لإجراء الاستفتاء في الموعد الذي ستحدده اللجنة، بعد الاستماع إلى رئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وهنأت السفارة الأميركية في بيان مقتضب، مساء أول من أمس، منتدى الحوار السياسي الليبي على ما وصفته بموافقته القوية على الخطوات المتخذة نحو شرعية تشكيل سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة، بإمكانها قيادة ليبيا إلى انتخابات نزيهة قبل نهاية العام الحالي. كما ثمنت فرنسا أمس، عبر بيان لوزارة خارجيتها، اختيار السلوفاكي يان كوبيش، الذي عيّنه الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثًا خاصًا إلى ليبيا، وقالت إنه بإمكانه التعويل على دعمها من أجل التوصّل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية، برعاية الأمم المتحدة، وبمعزل عن التدخلات الأجنبية.
كما رحّب رؤساء بعثات الاتّحاد الأوروبي إلى ليبيا، بموافقة ملتقى الحوار السياسي على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، واعتبروا في بيان لهم أنه يمهد أرضية لتشكيل حكومة انتقالية موحدة، تعمل على استعادة الخدمات الأساسية العامّة، وإعداد البلاد للانتخابات الوطنية، التي ستجرى في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
في المقابل، أعلنت قوة حماية طرابلس والمنطقة الغربية، الموالية لحكومة الوفاق، رفضها لنتيجة تصويت ملتقى الحوار السياسي، وانتقدت «طريقة التصويت، التي تضغط رئيسة البعثة بالإنابة، ستيفاني ويليامز، من أجل تحقيقها قبل انتهاء مهامها في مشهد يسلب إرادة الأغلبية من الشعب الليبي، وفي عجلة من الوقت تعكس استهتار رئيسة البعثة بمصالح الشعب الليبي، الذي يعاني ويلات المرض والحروب والفاقة المالية».
وقالت «القوة» في رسالة وجهتها مساء أول من أمس إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، ورؤساء بعثات الدول الراعية للحوار السياسي للشأن الليبي، إنها رصدت ما وصفته بـ«انحراف خطير» عن المسار الصحيح في جملة من التجاوزات، «بدءاً من الطريقة المشبوهة لاختيار بعض الشخصيات المشاركة في الحوار، إلى الطريقة التي يتم بها عرض المقترحات والتصويت، وانتهاء بالتدخل الشخصي لبعض أعضاء البعثة في توجيه المسار السياسي نحو أهداف معينة لا تخدم مصلحة ليبيا، بل تخدم دائرة حزبية ضيقة لن تستطيع الوصول بليبيا إلى بر الأمان». مطالبة بسرعة تدخل الأمين العام للأمم المتحدة لتصحيح مسار البعثة، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
من جهة أخرى، أسفر انفجار مخزن للذخيرة بمقر الأكاديمية البحرية بضاحية جنزور غرب طرابلس، مساء أول من أمس عن مقتل 3 أشخاص من بينهم آمر الأكاديمية العميد أحمد أيوب، وآمر الكلية البحرية العميد سالم أبو صلاح، إضافة إلى إصابة 5 آخرين.
على صعيد غير متصل، أعربت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن عميق حزنهما جراء حادثة غرق مأساوية، أسفرت عن 43 قتيلا على الأقل في حين تم إنقاذ 10 أشخاص آخرين قبالة الساحل الليبي أمس.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.