رئيس «المستوطنات» يتخلى عن نتنياهو

الحزب اليميني الجديد يعارض دولة فلسطينية ويلتزم تجميد الضم

ساعر وزير التعليم السابق في حكومة نتنياهو ينافسه اليوم (غيتي)
ساعر وزير التعليم السابق في حكومة نتنياهو ينافسه اليوم (غيتي)
TT

رئيس «المستوطنات» يتخلى عن نتنياهو

ساعر وزير التعليم السابق في حكومة نتنياهو ينافسه اليوم (غيتي)
ساعر وزير التعليم السابق في حكومة نتنياهو ينافسه اليوم (غيتي)

في تطور يحسب ضربة كبيرة لحزب «الليكود» الحاكم، أعلن رئيس «مجلس المستوطنات» الإسرائيلية في الضفة الغربية، ديفيد الحياني، تخليه عن دعم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات المقبلة، والانضمام إلى حزب «تكفاه حدشا (أمل جديد)» برئاسة غدعون ساعر، المنافس، قائلاً إن «نتنياهو ليس يمينياً حقيقياً»، و«لم يخدم المشروع الاستيطاني كما يجب».
وخطوة الحياني هذه ذات دلالة؛ إذ إن داني ديان، الرئيس السابق لـ«مجلس المستوطنات»، كان قد سبقه إلى مهاجمة نتنياهو والانضمام إلى ساعر. والمستوطنون البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة (460 ألفاً في الضفة الغربية، و251 ألفاً في القدس الشرقية المحتلة)، يشكلون نحو 6 في المائة من أصحاب حق الاقتراع، ولكنهم بسبب ارتفاع نسبة التصويت لديهم (80 في المائة) عن المعدل العام (70 في المائة)، يشكلون نسبة 7 في المائة من الناخبين الفعليين. وفي الانتخابات الأخيرة حل «الليكود» ثانياً في الحصول على أصواتهم (22.4 في المائة)، بعد اتحاد أحزاب اليمين «يمينا» الذي حصل على 24.4 في المائة من أصواتهم (نحو 30 في المائة تذهب للأحزاب الدينية، و12 في المائة لبقية أحزاب اليمين الأخرى، مثل حزب «كهانا» وحزب ليبرمان).
وعملياً؛ يحظى نتنياهو بثلاثة مقاعد من المستوطنين. وعندما تكون المعركة على كل صوت، كما هي الحال الآن، فإن خسارته المستوطنين تشكل ضربة جدية. وكان آخر الاستطلاعات، الذي نشرته، أمس الثلاثاء، إذاعة «إف إم 103» في تل أبيب، قد أظهر أن حزب «الليكود»، بزعامة نتنياهو، ما زال يحتفظ بأعلى عدد من المقاعد في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)؛ 30 مقعداً، لكنه لن يستطيع تشكيل حكومة؛ لأن الأحزاب التي تعلن أنها لن تجلس معه في حكومة واحدة، ستفوز بـ61 مقعداً (من مجموع 120)، وهي تضم: «تكفاه حدشا» بقيادة ساعر 17، و«يش عتيد (يوجد مستقبل)» بقيادة يائير لبيد 14، و«القائمة المشتركة للأحزاب العربية» بقيادة أيمن عودة 10، «يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)» بقيادة أفيغدور ليبرمان 7، وحزب «ميرتس» اليساري 5، حزب «كحول لفان» بقيادة بيني غانتس 4، «هيسرائيليم (الإسرائيليون)» بقيادة رون خلدائي 4.
وأما تحالف نتنياهو فيضم في هذه الحالة كلا من «الليكود» 30 مقعداً، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين 8، و«يهدوت هتوراه» لليهود الأشكناز المتدينين 6، وحزب «الصهيونية الدينية» برئاسة بتسلئيل سموترتش 4 مقاعد.
ويبقى خارج المعسكرين تحالف اليمين «يمينا»، برئاسة نفتالي بنيت، (11) مقعداً؛ إذ إنه يعلن أنه يريد أن يكون بديلاً عن حكم نتنياهو المتهرئ، ويؤكد ضرورة إسقاط نتنياهو، لكنه لا يعلن رفضه الانضمام لحكومة مع نتنياهو في حال فوزه. فإذا انضم بنيت إلى نتنياهو يصبح لديه 59 مقعداً، مما يعني أنه يحتاج إلى أصوات المستوطنين بشكل ملح.
وقال ديفيد الحياني، أمس، في حديث مع موقع «القناة السابعة»، التابع للمستوطنين، إن «نتنياهو تخلى منذ زمن عن مبادئ اليمين، وهو يؤيد قيام دولة فلسطينية على 70 في المائة من الضفة الغربية، ويرفض الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، ويرفض منح الشرعية للبؤر الاستيطانية، ويدير الدولة ليس وفقاً لمبادئ اليمين؛ بل وفقاً لما يديم مصلحته الشخصية في مواجهة محاكمته». وقال داني ديان إن «غدعون ساعر هو رجل المرحلة؛ لأنه يميني مبدئي. وهو يعارض قيام دولة فلسطينية ويقصد ما يقول، ويضع الخطة التي سيسلكها لإقناع العالم بموقفه. وفي الوقت نفسه، لا يكذب على المستوطنين... يقول لهم إنه سيحترم التعهدات الدولية لحكومة نتنياهو. سيحترم التزام نتنياهو أمام الإمارات وأمام الإدارة الأميركية بتجميد خطة الضم، وأقول لكم صراحة إن هذا التجميد سيكون لسنوات عدة وليس لفترة قصيرة».
يذكر أن رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، تراجع عن تصريحه السابق وقرر عدم خوض الانتخابات من جديد. وقال إنه سيساعد حزب «العمل» على استعادة كرامته، والفوز ولو بالحد الأدنى من المقاعد في الانتخابات المقبلة.
يذكر أن الانتخابات ستجرى في 23 مارس (آذار) المقبل. وقد تبقى أسبوعان على تقديم القوائم الانتخابية. وتنشغل الأحزاب بترتيب صفوفها في اللحظات الأخيرة، بما في ذلك فحص إمكانية إقامة تحالفات وتوحيد قوائم. ويتوقع أن يصل عدد الأحزاب المتنافسة على 120 مقعداً في الكنيست، إلى أكثر من 30 حزباً. وأعلن البروفسور يارون زليخة، أمس، أن حزبه الجديد «الاقتصادية»، سيضم عدداً كبيراً من حملة شهادة الدكتوراه والبروفسورات، لأنه يؤمن بالعلم والعلماء.



اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».