بلينكن لتعزيز التحالفات وتشكيل «جبهة موحدة» لمواجهة التحديات

أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي بويلمينغتون في نوفمبر الماضي (رويترز)
أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي بويلمينغتون في نوفمبر الماضي (رويترز)
TT

بلينكن لتعزيز التحالفات وتشكيل «جبهة موحدة» لمواجهة التحديات

أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي بويلمينغتون في نوفمبر الماضي (رويترز)
أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي بويلمينغتون في نوفمبر الماضي (رويترز)

تعهد وزير الخارجية الأميركي المقترح من الرئيس المنتخب جو بايدن، أنتوني بلينكن، خلال جلسة استماع هي الأولى له أمام لجنة الشؤون الخارجية لدى مجلس الشيوخ، إحياء التحالفات القديمة للولايات المتحدة والعمل على بناء جبهة موحدة لمواجهة التحديات التي تمثلها روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
وتزامنت جلسة الاستماع هذه، مع جلسات استماع أخرى لمرشحين آخرين مثل وزراء الدفاع الجنرال المتقاعد لويد أوستن والأمن الداخلي اليخاندرو مايوركاس والخزانة جانيت يلين ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، عشية أداء بايدن اليمين اليوم.
ووردت هذه المواقف من بلينكن (58 عاماً) في بيان مكتوب أدلى به أمام أعضاء اللجنة، فيما يعد الملامح الرئيسية الأولى للنهج الذي سيعتمده فور مصادقة مجلس الشيوخ المتوقعة على تعيينه. وروى الدبلوماسي المخضرم في السياسة الخارجية والمقرب من بايدن كيف هرب زوج أمه الراحل من معسكر اعتقال خلال حقبة الهولوكوست وإنقاذه لاحقاً من جندي أميركي، فيما اعتبره وصية حول كيف يمكن لأميركا أن تقود العالم «ليس فقط بمثال قوتنا، ولكن بقوة مثالنا».
وقال: «يجب أن تكون الكياسة والثقة الوجهين الآخرين لعملة القيادة الأميركية»، موضحاً أن «الكياسة لأن لدينا كثيرا من العمل الذي يتعين علينا القيام به في الداخل لتعزيز مكانتنا في الخارج، والكياسة لأن معظم مشاكل العالم لا تتعلق بنا، حتى عندما تؤثر علينا». وأكد أنه «لا يمكن لدولة واحدة تعمل بمفردها - حتى دولة قوية مثل الولايات المتحدة - مواجهة التحديات الكبيرة التي نواجهها». وتوحي هذه الكلمات أن عهد الرئيس المقبل سينأى عن شعار «أميركا أولاً» الذي اعتمده الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، الذي وجه انتقادات لاذعة طوال سنواته الأربع في البيت الأبيض إلى حلفاء مخلصين مثل ألمانيا وفرنسا، وطالب دولاً مثل كوريا الجنوبية واليابان بدفع المزيد مقابل امتياز استضافة القوات الأميركية على أراضيهما.
ولم يبد بلينكن أي تشكيك في المؤسسات الدولية المتعددة الأطراف، علما بأن فريق بايدن كرر أكثر من مرة أنه سيعود إلى الانضمام بسرعة إلى اتفاق باريس للمناخ ويعكس خطة ترمب لترك منظمة الصحة العالمية.
وفي الوقت نفسه، استشهد بـ«التحالفات الأساسية» للولايات المتحدة باعتبارها أفضل طريقة «لمواجهة التهديدات التي تشكلها روسيا وإيران وكوريا الشمالية والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان»، قائلاً إن إدارة بايدن «ستنخرط مع العالم ليس كما كان، بل كما هو» الآن، في محاولة لتهدئة مخاوف الديمقراطيين والجمهوريين من عودة بقية فريق بايدن للسياسة الخارجية إلى النقطة التي وصلوا إليها خلال عمل كثير بينهم في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وتشير ملاحظاته إلى «عالم من القومية المتصاعدة، وتراجع الديمقراطية، وتزايد التنافس مع الصين، وروسيا، ودول استبدادية أخرى، وتهديدات متزايدة لنظام دولي مستقر ومنفتح وثورة تكنولوجية تعيد تشكيل كل جانب من جوانب حياتنا، وبخاصة في الفضاء الإلكتروني». وأكد أنه «عندما لا نكون منخرطين، عندما لا نقود، يحصل واحد من أمرين: إما أن يحاول بلد آخر أن يأخذ مكاننا، ولكن ربما ليس بطريقة تعزز مصالحنا أو قيمنا. أو لا أحد يفعل ذلك».
وأورد بلينكن في ملاحظاته مسائل لم يجر التطرق إليها خلال السنوات الأربع الماضية إلا لماماً، بما في ذلك الوعد بالتصدي لتغير المناخ باعتباره «تهديداً وجودياً»، وليس مجرد «خدعة». كما أشار إلى أنه «في السنوات الأخيرة، عبر إدارات الحزبين، جرى خفض صوت الكونغرس في السياسة الخارجية»، مؤكداً أن «هذا لا يجعل السلطة التنفيذية أقوى - إنه يجعل بلدنا أضعف».
لم يواجه بلينكن، الذي خدم في مجلس الأمن القومي والسلك الدبلوماسي ويتمتع بعلاقات جيدة بين الديمقراطيين والجمهوريين، مقاومة حزبية كبيرة لترشيحه. في الواقع، حضت مجموعة من مسؤولي السياسة الخارجية والأمن القومي السابقين جميع الجمهوريين الذين قالوا إنهم لا يؤيدون بايدن، الرئيس الجمهوري للجنة السيناتور جيم ريش في المصادقة على تعيين بلينكن بسرعة.
وأفادوا في رسالة: «بصفتنا جمهوريين، نتفهم بالتأكيد إغراء البعض في مؤتمركم لمنح مرشحي الرئيس بايدن للمنصب الرفيع المعاملة نفسها التي كانت تُمنح بشكل روتيني لمرشحي الرئيس ترمب»، كما جاء في الرسالة التي وقعها أكثر من 20 مسؤولاً جمهورياً سابقاً بينهم مستشار الأمن القومي السابق ستيف هادلي ومبعوث الأميركي السابق إلى أوكرانيا كورت فولكر.
وأثناء وجوده في وزارة الخارجية في عهد أوباما، لعب بلينكن دوراً مهماً في صوغ الاتفاق النووي مع إيران.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.