في حين تواصل البعثة الأممية لدى ليبيا لعب دور الوسيط بين الأفرقاء السياسيين، بهدف إيجاد توافق على حل تعقيدات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، تتمدد الأزمة الليبية على كل طاولات الحوار في دول العالم راهناً، وسط سباق محموم داخلياً وخارجياً على التجول بالقضية في مسارات عدة.
فمن فرنسا إلى روما، ثم القاهرة وجنيف، انعقدت اللقاءات السياسية حول ليبيا، حيث التقى عقيلة صالح رئيسُ مجلس النواب رئيسَ مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لارشيه، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الفرنسيين، في زيارة غير معلنة إلى البلاد. وقال الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، إن الزيارة ناقشت العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسُبل تطويرها، والتعاون المشترك بما يخدم مصلحة الشعبين.
وفي السياق ذاته، كان أحمد معيتيق، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، يتباحث مع مسؤولين إيطاليين، من بينهم وزير الخارجية لويغي دي مايو، حول أزمة بلاده. وقد تم التوافق على تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في عدد من المجالات، وفي مقدمتها استئناف الرحلات الجوية بين المطارات الليبية والإيطالية.
لكن على الرغم من ذلك، تتباين آراء السياسيين الليبيين حول جدوى هذه اللقاءات الخارجية. فهناك من يؤكد أهميتها، بالنظر إلى أنها تستهدف بحث القضايا السياسية بين الدول وتقريب وجهات النظر، خصوصاً المتعلقة ببحث حلول للأزمة الليبية، مشيرين إلى أن ليبيا التي عانت الحرب والتجاهل الدولي في حاجة إلى خطوات جادة من القادة السياسيين تعيد التواصل بالعالم، من خلال عودة الملاحة الجوية والبحرية وفتح المعابر.
غير أن المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي يرى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارات بعض المسؤولين الليبيين المتكررة إلى بعض الدول، ومقابلة مسؤوليها «تأتي فقط في إطار الترويج لأنفسهم، وسعيهم المحموم باتجاه حجز مقعد في السلطة الجديدة».
وذهب البشتي إلى أن بعض هذه الزيارات «يأتي في إطار محاولة التأثير على هذه الدول، وإقناع قادتها ومسؤوليها بدعمهم في سعيهم للسلطة، أو حتى على صعيد دعم دورهم السياسي كي يكون أكثر نفوذاً وتأثيراً في المشهد السياسي الليبي».
وشهدت ليبيا منذ وقف الحرب على طرابلس في يونيو (حزيران) الماضي، ما أطلق عليه بعض الليبيين «سباق المسؤولين في زيارات خارجية على مستوى القيادات السياسية والنواب»، وهو ما ترجمه بعض المتابعين للشأن الليبي بأنها محاولات للبحث عن مكان في السلطة التنفيذية الجديدة، على اعتبار أن هذه الدول مشاركة في رسم الخريطة الجديدة.
ورأى البشتي أن بعض المسؤولين الليبيين يبحثون عن نفوذ خارجي كي تكون لهم اليد الطولى في البلاد، بما يمكنهم من تحديد السياسات العامة للبلاد، وتطرق إلى أن هذه التحركات «التي تستهدف تحقيق مصلحة شخصية تعكس مرض هؤلاء بالسلطة والشهرة، رغم تواضع خبرتهم السياسية... فهم يهيئون لأنفسهم بأن لقاءاتهم بمسؤولي هذه الدول العظمى ستجعل منهم شخصيات ذات شأن في البلاد».
وفي حين تضامن مع البشتي كثير من السياسيين، قال نائب برلماني إن هناك فرقاً كبيراً بين تحركات بعض الشخصيات التي «تبحث لنفسها عن دور ومنصب، حتى لو كان على حساب الشعب الليبي»، وبين الشخصيات المسؤولة المعروفة بالعمل الدؤوب لصالح الشعب، التي تسعى لدى دول العالم للمساعدة لحل الأزمة الليبية، مستدركاً: «ابتلينا هذه الأيام بشخصيات ظلت طوال السنوات العشر الماضية تجمع الأموال وتعمل في الظلام، والآن جاءوا ليحصدوا المناصب بواسطة ثرواتهم المتضخمة».
وأضاف النائب البرلماني الذي رفض ذكر اسمه أن «هناك محاولات يقوم بها بعضهم لإفشال مساعي الأمم المتحدة في ليبيا، كلما اتجهت البوصلة بعيداً عن أهدافهم، لأنهم يتعيشون من أجواء الفساد والنهب المنظم الذي تعاني منه ليبيا منذ سنوات».
وتتمسك المبعوثة الأممية بالإنابة لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، بإجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتؤكد أنه «أمر ثابت بالنسبة إليها»، و«مبدأ إرشادي وهدف لا يمكن التخلي عنه».
وفي غضون ذلك، يرى سياسيون ليبيون أن البعثة الأممية قطعت شوطاً لا بأس به باتجاه الانتخابات العامة، بعدما قدم أعضاء اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي توصياتهم بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، بعد توافقهم حول التعديلات اللازمة على مدى الأيام الماضية.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن امتنانها لأعضاء اللجنة القانونية «على مقترحاتهم والتزامهم بالحوار»، بعدما تعهدت بتسهيل العمل المهم الذي تقوم به اللجنة القانونية لضمان إجراء الانتخابات العامة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
سياسيون يشككون في جدوى لقاءات الليبيين الخارجية
سياسيون يشككون في جدوى لقاءات الليبيين الخارجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة