احتفل مع كولورادو بمئوية محمياتها الطبيعية هذا العام

تستقبل السياح ببرنامج شتوي حافل

احتفل مع كولورادو بمئوية محمياتها الطبيعية هذا العام
TT

احتفل مع كولورادو بمئوية محمياتها الطبيعية هذا العام

احتفل مع كولورادو بمئوية محمياتها الطبيعية هذا العام

خلال عام 2015 الحالي، تمر ذكرى تحويل جبال روكي الأميركية التي تقع في ولاية كولورادو، إلى محميات طبيعية بقرار وقعه الرئيس وودرو ويلسون في عام 1915. وسوف تقام الاحتفالات طوال شهور العام بهذه المناسبة؛ مما يجعل زيارة الولاية سياحيا هذا العام ذات مذاق خاص. من ضمن هذه الاحتفالات قيام كل منتجع على حدة بالاحتفال بعيد ميلاد تأسيسه، وعرض فيلم خلال شهر فبراير (شباط) عن مائة عام على محمية جبال روكي. وتقام في شهر مارس (آذار) مسابقة الصيد تحت الجليد، ويقدم منظمو المسابقة جائزة قدرها مائة دولار للسمكة المائة التي يتم صيدها. وبعد تسجيل الأسماك يتم إطلاقها مرة أخرى إلى الماء.
وخلال فصل الشتاء الحالي تقدم ولاية كولورادو كثيرا من الأنشطة لهواة التزلج على الجليد. وتوفر الولاية مناطق خاصة تقتصر على هذا النوع من السياحة الشتوية وتمنع السيارات من المرور فوق الجليد. ولكنها تفتح أبوابها طوال العام وتقدم كثيرا من الأنشطة المتنوعة للسياح من داخل وخارج الولايات المتحدة.

* نشاطات شتوية
في الشتاء هناك كثير من الأنشطة التي يمكن للسياح الاستمتاع بها مثل التزلج لمسافات طويلة على الجليد في منطقة بلاك كانيون التي تدخل ضمن نطاق محمية طبيعية يمنع فيها مرور السيارات. وتمتد مسافة التزلج إلى 12 ميلا وتنظم فيها أندية محلية رحلات ليلية للاستمتاع بالمنطقة تحت ضوء القمر. ويوجد نحو 25 منتجعا للتزلج على الجليد في كولورادو.
وفي غابة «ستيت فوريست» يمكن مشاهدة حيوان الموس في بيئته الطبيعية أثناء فصل الشتاء. ويوجد بالمحمية نحو 600 حيوان من هذا النوع على مساحة 71 ألف فدان. ويوجد مركز معلومات في المنطقة عن كيفية مراقبة حيوان الموس وأهم المناطق التي يوجد فيها. ويمكن استخدام عربات خاصة اسمها «سنوموبيل» لاستكشاف المنطقة التي تمتد بمساحة 50 ميلا مربعا.
ويشاهد السياح شلالات مياه متجمدة وكأنها تظهر في مشهد خيال علمي، اسمها «زاباتا فولز» وذلك بالقرب من «غريت ساند ديونز»، ويحيط بالمنطقة مساحة صحراوية مغطاة بالجليد. وفي «موللر ستيت بارك» يمكن للعائلات تعلم التزلج والمشي على الجليد مع الإقامة في كبائن حديثة ودافئة تطل على مناطق التزلج. ولا بد من الحجز قبل السفر للتأكد من وجود كبائن شاغرة في المنطقة.
وفي منطقة «جيم ليك» ضمن إطار «روكي ناشيونال بارك» يمكن التزلج في منطقة جبلية رائعة بها صخور تاريخية يعود تاريخها إلى مليار و800 مليون عام من التاريخ. ويمكن أيضا ممارسة هواية صيد الأسماك من تحت الثلج وهي هواية يمارسها أهل كولورادو في الشتاء. ويمكن استئجار كل أدوات الصيد من كثير من متاجر المنطقة ومنها «11 مايل مارينا» التي تبعد قرابة الساعة من «كولورادو سبرنغز». وهي رياضة يمكن ممارستها أثناء عطلة نهاية الأسبوع.
وهناك كثير من السياح ممن لا يجيدون التزلج على الجليد، ولهؤلاء تقدم منتجعات كولورادو رياضات جليدية أخرى مثل الجلوس في عربات مسطحة والتزلج جلوسا فيها على تلال محددة تنتهي بمساحات مسطحة تتوقف فيها العربات تلقائيا. ويمكن أيضا هبوط التلال داخل مواسير بلاستيكية أو باستخدام دراجات الجليد. وفي قاعات مغلقة ومكيفة يمكن السباحة أو تسلق الجدران ضمن رياضات أخرى بعيدا عن الطقس البارد في الخارج.
وتقدم كولورادو جولات في عربات تجرها الغزلان الجبلية التي تعلق الأجراس في رقابها. ويجلس السياح في العربات تحت بطاطين دافئة للاستمتاع بالجولات الجليدية. وتقدم بعض المنتجعات هذه الرحلات كجزء من برنامجها السياحي أو لدعوة السياح من فنادقهم إلى تناول الطعام في المطاعم التي تنتهي إليها الجولات قبل العودة بهم مرة أخرى.
وتستغرق الجولات في العادة نصف الساعة يصل بعدها الضيوف إلى مطاعم دافئة بأركان تشتعل فيها الأخشاب والفحم؛ مما يعطي المناخ الداخلي رائحة مميزة. وتقدم بضع المطاعم مشروبات ساخنة مجانية وأنواع البسكويت التي تسمى «كوكيز» أثناء رحلات الجليد. وتتضمن بعض البرامج السياحية فقرات موسيقية من فرق استعراضية بعد العشاء.
ولعشاق ركوب الدراجات الجليدية يمكن استئجار الدراجات لكل المناسبات من الركوب العائلي إلى السرعات العالية على الجليد. وهناك كثير من المناطق التي تقدم مساحات شاسعة من أجل التزلج بالدراجات الجليدية منها مساحة بين منتجعي «صنلايت ماونتن» و«باودر هورن» وتصل إلى 120 ميلا، يمكن استخدام الدراجات الجليدية فيما بينها لأي مسافات يستطيعها السائح. ويمكن الاستعانة بدليل محلي من أجل قيادة في مناطق آمنة ومسطحة. وفي منطقة «غراند ليك» يمكن استخدام الدراجات الجليدية في الشوارع أثناء فصل الشتاء؛ مما يجعل بداية الانطلاق إلى جولات الجليد خارج المدينة سهلة.
وتقدم بعض المنتجعات دراجات جليدية مصغرة لاستخدام الأطفال بين سن 6 سنوات إلى 13 سنة. وهي تسمى «سنو سكوتس»، ويمكن للأطفال التدريب على ركوب الدراجات الجليدية في مناطق محددة. وخارج هذا الإطار تعد مواقع التمتع بالجليد سواء بالدراجات أو بوسائل أخرى شاسعة، حيث يقدم كل منتجع ما بين مائة إلى 250 ميلا من المناطق الجليدية.
من المناطق المحببة سياحيا منطقة «ميسا فيردي» التي تعد من المحميات الطبيعية صيفا والجليدية شتاء، وتنظم إدارة السياحة في المنطقة 3 جولات يوميا إلى «سبروس تري هاوس» الذي يضم 130 غرفة و8 قاعات تحت الأرض وهو من معالم المنطقة. وبالقرب من «فيل فالي» وهي منطقة مشهورة بالتزلج في كولورادو يقع مشتى «سيلفان ليك ستيت بارك» الذي لا يحتوي على مصاعد خاصة بالتزلج، وإنما يتوجه إلى رياضات أخرى مثل المشي على الجليد ومراقبة الحيوانات البرية وصيد الأسماك تحت الجليد وإقامة المعسكرات الجليدية.

* المطاعم
وهناك كثير من المطاعم الجبلية التي يتم الصعود إليها بعربات تيلفريك تشبه الزوارق وتسمى «غوندولا»، وتستقبل المطاعم ضيوفها على وهج النيران الطبيعية في مناخ دافئ وتقدم لهم أشهى المأكولات الأميركية والعالمية.
بعض المطاعم تقدم قوائم طعام محددة وتستقبل السياح بحفاوة والبعض الآخر يوفر طاولات خاصة بجوار النوافذ من أجل مشاهد جليدية خلابة في الخارج. وتتخصص بعض المطاعم في المأكولات السويسرية والألمانية والوجبات البحرية.
ولا يتوقف النشاط على الجليد أثناء الليل فهناك كثير من الرياضات التي تقام ليلا منها التجول بالدراجات الجليدية، وهي رياضة تقام لها دورات تدريب يوميا حتى السابعة مساء. وتضاء بعض مهابط الجليد حتى يمكن استخدامها بعد حلول الظلام.
ويشتهر منتجع «كي ستون» بالتزلج الليلي وهو يقدم مساحات شاسعة لهذه الرياضة تصل إلى 15 مهبطا على مساحة 240 فدانا. وهو يضم أكبر مهبط جليدي مضاء في كل كولورادو. وتقدم المنتجعات كثيرا من المغامرات للمشي على الجليد ومشاهدة السماء الحمراء عند الغروب يتبعها الاستراحة في المطعم وتناول مشروب الشوكولاته الساخن.

* بعيدا عن الجليد
ولا تقتصر السياحة في كولورادو على الجليد وحده ولا النشاطات المتعلقة به فهناك كثير من الأنشطة الأخرى التي يمكن للسياح القيام بها أثناء العطلة في المنطقة. من هذه الأنشطة تعلم بعض الحرف أو المهارات. من هذه المهارات صناعة الجبن من الحليب وجمع العسل من خلايا النحل أو تشكيل المعادن بصهرها أو صناعة الجلود.
وتفخر كولورادو بأنها من أكثر الولايات الأميركية لياقة بدنية بفضل النشاطات المتعددة فيها. وهي تأمل أن يغادرها السياح، وهم أكثر لياقة من وصولهم إليها. ومن النشاطات التي تقام على مدار العام ركوب الدراجات والتجديف في زوارق خاصة على نهر أركانسو. ويمكن أيضا ركوب الخيل والتدريب على اليوغا.
ويمكن أيضا الإقامة في مزرعة وممارسة نشاطات جمع المحاصيل الزراعية والعناية بالحيوانات والطيور وجمع البيض. وتوفر هذه الإقامة أشهى الوجبات الطازجة التي تأتي مباشرة من المزرعة إلى المائدة.
وفي كولورادو يمكن القيام بكثير من الأنشطة غير العادية مثل الحفر بحثا عن بقايا الديناصورات أو الاستحمام في الينابيع الساخنة أو مشاهدة عروض رعاة البقر أو صيد الأسماك من القنوات المائية.

* معالم سياحية
من المعالم السياحية في كولورادو أيضا منطقة كانيون سيتي التي تضم أخدودا طبيعيا يسمى «رويال غورج». ويصل عمق الأخدود إلى 1200 قدم ويمتد بطول 10 أميال. وتكوّن الأخدود عبر آلاف السنين من تدفق مياه نهر أركنسو الذي ما زال ينساب في قاعه. وتجذب المنطقة هواة التجديف على المياه السريعة. ولا يبعد الأخدود سوى عدة دقائق من كانيون سيتي، وهو على بعد ساعة من كولورادو سبرنغز.
ويعلو الأخدود جسرا معلقا هو الأعلى من نوعه في العالم وتم بناؤه في عام 1929.وهو يمتد بطول 1270 قدما على ارتفاع 956 قدما عن سطح النهر. ويمكن عبور الجسر بالسيارات أو على الأقدام ومشاهدة الزوارق على النهر. ويمكن مشاهدة الأخدود من زاوية أخرى من نوافذ قطار ينطلق بمحاذاة النهر.
وهناك كثير من الاكتشافات التي تبهر سياح كولورادو من تاريخها المرصع بقصص رعاة البقر والباحثين على الذهب والمعادن الثمينة التي كانت بداية العمران في هذه الولاية الجبلية. وما زالت بعض الاحتفالات الدورية تحيي ذكرى أحداث من تاريخ كولورادو ويمكن للسياح المشاركة فيها.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.