تركيا تعيد انتشار قواتها بعد انسحابها من نقاط عسكرية في شمال غربي سوريا

اجتماع ثانٍ مع الجانب الروسي لبحث إخراج الأكراد من عين عيسى

أطفال في مخيم أطمة للنازحين السوريين في محافظة إدلب على الحدود مع تركيا أول من أمس (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم أطمة للنازحين السوريين في محافظة إدلب على الحدود مع تركيا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تعيد انتشار قواتها بعد انسحابها من نقاط عسكرية في شمال غربي سوريا

أطفال في مخيم أطمة للنازحين السوريين في محافظة إدلب على الحدود مع تركيا أول من أمس (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم أطمة للنازحين السوريين في محافظة إدلب على الحدود مع تركيا أول من أمس (أ.ف.ب)

تعمل القوات التركية على إعادة الانتشار تدريجياً في النقاط العسكرية التي انسحبت منها بسبب حصارها من جانب قوات النظام في منطقة خفض التصعيد بشمال غربي سوريا.
وبدأت القوات التركية أمس (الاثنين) إنشاء نقطة عسكرية جديدة في بلدة قسطون الواقعة في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، حيث دخلت آليات تركية قادمة من إحدى النقاط المنتشرة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي وتمركزت في مجمع المدارس وسط البلدة.
وتقوم القوات التركية بترميم وتحصين إحدى المدارس في البلدة بعدما قررت إقامة نقطة عسكرية فيها. وسبق أن انسحبت القوات التركية من نقطتي المراقبة في مورك وشير مغار في الريف الغربي لحماة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد أن باتتا محاصرتين من جانب قوات النظام.
وقبل أيام أنشأ الجيش التركي نقطتين جديدتين في سراقب شرق إدلب وفي غرب حلب، وهما منطقتان سبق أن سحب نقاطه منهما بموجب اتفاق مع روسيا لتجنب المواجهة مع قوات النظام.
وكانت القوات التركية أعادت تمركز نقاطها في جنوب إدلب وبخاصة في جبل الزاوية التي تشهد قصفاً متواصلاً من قوات النظام بدعم روسي، كما يواصل النظام قصفه أيضاً على سهل الغاب في ريف حماة الغربي.
واستحدث الجيش التركي العشرات من النقاط العسكرية في جبل الزاوية جنوب إدلب بعد أن انتهى من سحب نقاطه من أرياف حماة وإدلب وحلب الواقعة ضمن المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام خلال الأشهر الماضية.
على صعيد آخر، عقد ضباط روس وأتراك اجتماعاً ثانياً، أمس، بعد اجتماع عقده الضباط الروس مع ضباط من قوات النظام وقيادات في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في منطقة ضمن اللواء 93 في عين عيسى شمال محافظة الرقة.
وجاءت هذه الاجتماعات لبحث التطورات في بلدة عين عيسى التي شهدت تكثيفاً للهجوم من جانب القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على مواقع «قسد» خلال الشهرين الماضيين بغية السيطرة على البلدة الواقعة في نقطة استراتيجية تفصل بين مناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» في شرق نهر الفرات وغربه.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الضباط الروس اتجهوا بعد الاجتماع مع ممثلي قوات النظام و«قسد»، إلى منطقة صوامع شركراك بريف الرقة الشمالي، واجتمعوا مع الجانب التركي هناك.
ويعد هذا هو الاجتماع الثاني بين الضباط الروس والأتراك الذي يعقد في صوامع شركراك لبحث التطورات في عين عيسى وشمال شرقي سوريا في غضون أقل من شهر، حيث سبق عقد اجتماع بين الجانبين في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وسبق أن اقترحت روسيا تسليم عين عيسى للنظام، إلا أن «قسد» تمسكت بالإبقاء على مؤسسات الإدارة الذاتية الكردية فيها، وذلك بعد أن رفض الجانب التركي مقترحاً روسياً بانسحاب قوات «قسد» مسافة كيلومترين وتمسك بانسحاب كامل لهذه القوات التي يهيمن عليها الأكراد.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التحركات الروسية شمال شرقي سوريا، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس وصول 300 من قواتها إلى منطقة شرق الفرات لمراقبة التطورات فيها، وذلك ضمن تعزيزات روسية دورية تصل المنطقة بشكل متصاعد، قادمة من حلب، إلى عين عيسى ومنها إلى تل تمر ومناطق أخرى بريف الحسكة في شمال شرقي سوريا في ظل تصاعد هجمات القوات التركية والفصائل الموالية لها.
على صعيد آخر، نددت 30 منظمة حقوقية وإنسانية في سوريا وأنحاء العالم باستمرار ما وصفته بـ«العدوان التركي» على منطقة عفرين الكردية السورية، مطالبة تركيا بالخروج من الأراضي السورية ووقف انتهاكاتها هناك. وقالت المنظمات، في بيان مشترك أمس، إنه «بحلول العشرين من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي نكون أمام أعوام ثلاثة مضت على بدء الغزو والعدوان التركي على منطقة عفرين الكردية السورية، وذلك في خرق واضح وفاضح (من أنقرة) لكل الأخلاقيات والأعراف والمواثيق الدولية والدنيوية وعموم الشرائع السماوية وبخاصة المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة». وأضاف البيان أن تركيا «استعانت في عدوانها، ولا تزال، بتنظيمات ترعاها وتتبع لها، تضم سوريين وغير سوريين، يمارسون الإرهاب المنظم بشقيه السياسي والعسكري داخل سوريا وخارجها بلا حدود، في أرمينيا وليبيا والعراق وسواها».
ولفتت إلى أن «القتل العمد للمدنيين والاختطاف والتعذيب والاغتصاب والابتزاز والتهجير، وكذلك السلب والنهب والسرقة والسطو المسلح ومصادرة الأموال والممتلكات والاستيلاء عليها وفرض الضرائب والإتاوات وتهجير السكان قسراً، وسرقة وتدمير المعالم الحضارية والمزارات الدينية وخاصة للإخوة الكرد الإيزيديين، كانت وما تزال عناوين بارزة وممارسات حاضرة على الدوام في عفرين»، موضحة أن «الغاية والمنهجية الأبرز لتركيا هي تغيير ديموغرافية المنطقة ونزع الطابع والهوية أو الخصوصية الكردية عنها». وتنفي تركيا هذه الاتهامات وتقول إنها تحارب تنظيماً «إرهابياً» مرتبطاً بحزب العمال الكردستاني، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا التي كانت تتخذ من عفرين قاعدة أساسية لها قبل التدخل العسكري التركي قبل ثلاث سنوات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».