معين عبد الملك يعلن الحرب على «فساد المنافذ»

تراجع في سعر العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

رئيس الوزراء اليمني لدى اجتماعه مع وزراء ومسؤولين في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى اجتماعه مع وزراء ومسؤولين في عدن أمس (سبأ)
TT

معين عبد الملك يعلن الحرب على «فساد المنافذ»

رئيس الوزراء اليمني لدى اجتماعه مع وزراء ومسؤولين في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى اجتماعه مع وزراء ومسؤولين في عدن أمس (سبأ)

وسط تراجع جديد في سعر العملة المحلية (الريال) أمام العملات الأجنبية، أعلن رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، أمس (الأحد)، الحرب على الفساد والإهمال في المنافذ البرية والبحرية والجوية في بلاده، في سياق المساعي الرامية إلى تنمية الموارد وتنفيذ الإصلاحات التي تعهدت بها حكومته.
وسجل سعر صرف الدولار الواحد (الأحد) نحو 850 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة؛ بعد أن كان شهد تحسناً ملحوظاً عقب عودة الحكومة إلى عدن وصولاً إلى 650 ريالاً للدولار الواحد، في حين حافظ على سعره في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية عند حدود 600 ريال.
ويؤكد مصرفيون يمنيون أن سياسة الميليشيات الحوثية المتمثلة في محاربة الطبعة الجديدة من العملة ومنع تداولها وفرض عمولات مرتفعة على الحوالات الصادرة إلى مناطق سيطرتها تصل إلى نحو 50 في المائة، تعدً سبباً رئيسياً في تدهور سعر الريال، إلى جانب المضاربات التي يقوم بها كبار المصرفيين الخاضعين للجماعة.
وأكد عبد الملك في تصريحات رسمية أن «المنافذ البرية والبحرية والجوية تعدّ شرياناً حقيقياً لدعم الاقتصاد الوطني، مما يحتم الحاجة إلى الاهتمام بها وعدم السماح بأي حالة بالتهاون والإهمال والفساد فيها، وبما يؤدي إلى تنمية حقيقية تنعكس على الاقتصاد بشكل عام والمجتمعات المحلية بشكل خاص».
وذكرت وكالة «سبأ» أن رئيس الوزراء عقد اجتماعاً «مشتركاً ضم الوزارات والجهات ذات العلاقة، كُرّس لمناقشة معالجة الاختلالات القائمة في المنافذ وتوحيد الجهود والمهام وفق القوانين والتشريعات النافذة، إضافة إلى تنظيم العلاقات مع السلطات المحلية في هذا الجانب، وبما ينعكس إيجاباً على تنمية الإيرادات العامة والمحلية».
وأقر الاجتماع - بحسب المصادر الرسمية - «تشكيل لجنة مشتركة من وزارات النقل والمالية والداخلية والدفاع، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وجهازي الأمن القومي والسياسي، تتولى النزول الميداني إلى المنافذ للوقوف على جميع الإشكالات القائمة وحلها، إضافة إلى تقييم الأداء خلال الفترة السابقة، وما يمكن عمله لتطوير أدائها، وضمان انسيابية العمل، وتوحيد الإجراءات، وضبط تحصيل الإيرادات، وعدم تداخل المهام والصلاحيات».
وأكد الاجتماع أنه على اللجنة «تحديد مهامها والآليات التي ستتحرك بموجبها، وضرورة النزول الميداني بشكل عاجل إلى المنافذ، والرفع بتقرير حول ما أنجزته لعرضه على مجلس الوزراء، واتخاذ أي إجراءات تساعد على تحقيق الأهداف ومعالجة الاختلالات القائمة».
وطرح المشاركون في الاجتماع «عدداً من المقترحات لمساعدة اللجنة في أداء عملها ضمن منهج تكاملي بين الوزارات والجهات المختصة، وما يمكن عمله لبناء علاقة سليمة مع السلطات المحلية» مع التأكيد على «ضرورة تفعيل عمل اللجنة العليا لمكافحة التهريب».
ويتحدث مختصون يمنيون عن وجود اختلالات واسعة في أداء المنافذ؛ سواء أكانت البرية أم الجوية أم البحرية، خلال الفترات الماضية، فضلاً عن اتساع رقعة التهريب عبر المياه اليمنية، وضعف الرقابة على تمنية الموارد.
ونقلت المصادر الرسمية عن عبد الملك قوله إن «ما يمر به الاقتصاد الوطني من تحديات كبيرة يدفع إلى التفكير في المستقبل وبناء اقتصاد حقيقي متين، يتجاوز الاعتماد على الإيرادات التقليدية»، إلى جانب تأكيده أنه «لن يتم التهاون مع أي اختلالات أو فساد في المنافذ أو غيرها، وسيتم تفعيل كل الوسائل الرادعة لمكافحة الفساد وضبط الإيرادات العامة».
وتسعى الحكومة اليمنية بقيادة عبد الملك إلى وضع برنامج شامل لإعادة معالجة الاقتصاد، وتنمية الموارد، وتحسين الخدمات، وتنمية صادرات النفط والغاز، بالتوازي مع سعيها للحصول على إسناد دولي لتحقيق أهدافها والحفاظ على سعر العملة.
وقبل نحو أسبوع؛ كان مجلس الوزراء اليمني كلف لجنة برئاسة وزير الخارجية وشؤون المغتربين، وبعضوية وزراء المالية والتخطيط والتعاون الدولي، والاتصالات وتقنية المعلومات، والصناعة والتجارة والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات والداخلية، لإعداد موجهات البرنامج العام للحكومة ووضع المحددات الرئيسية ليجري على ضوئها إعداد الخطط القطاعية من قبل الوزارات، وذلك خلال أسبوعين.
وذكرت المصادر الرسمية أن عبد الملك وجه بضرورة أن «يكون برنامج وخطة الحكومة غير تقليدية وواقعية وتتواكب مع طبيعة التحديات الماثلة، وصولاً إلى الهدف الأساسي المتمثل في استكمال إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، وتحقيق إصلاحات مالية وإدارية، وفق المحددات التي جرت مناقشتها مع القوى والمكونات السياسية أثناء مشاورات تشكيل الحكومة».
وقال عبد الملك: «لدينا أولوية عريضة، وينبغي أن تتمحور حولها كل خططنا وبرامجنا؛ وهي إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، ونشر الاستقرار، وتحقيق التعافي الاقتصادي».
وتطمح الحكومة الجديدة؛ التي تشكلت تنفيذاً للشق السياسي من «اتفاق الرياض» بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى «التركيز على الإصلاحات الاقتصادية ومعالجة الاختلالات التي سادت خلال الفترة الماضية، وتفعيل أدوات السياسة المالية والنقدية، للقيام بدورها في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وحياتهم اليومية».
وبحسب تصريحات رسمية سابقة لمعين عبد الملك؛ فقد أكد أن «المرحلة المقبلة سيكون عنوانها النزاهة والشفافية» وأن حكومته «ستحرص على تفعيل كل أدوات الرقابة والمحاسبة ومنظومة النزاهة؛ بما في ذلك (الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة) و(الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد)».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).