طلعات «استراتيجية» أميركية في المنطقة لردع التهديدات

أكملت قاذفتان استراتيجيتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية، بنجاح، أمس، دورية في الشرق الأوسط، في رسالة واضحة، لردع التهديدات، لتكون بذلك ثاني مهمة من نوعها في عام 2021. وذلك غداة انتهاء مناورات صاروخية لـ«الحرس» الإيراني، تتدرب فيها على هجمات محتملة ضد حاملات طائرات في المحيط الهندي.
وقال قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سانتكوم)، الجنرال فرانك ماكينزي، إن مهام القاذفات «إظهار التزام الجيش الأميركي المستمر بالأمن الإقليمي»، مضيفاً أن عمليات النشر قصيرة المدى للقاذفات الاستراتيجية «جزء مهم من وضعنا الدفاعي في المنطقة».
وأوضح ماكينزي أن فرصة التدريب والتكامل المستمر مع الشركاء الإقليميين «تعمل على تحسين الاستعداد وتقديم رسالة واضحة ومتسقة في البيئة التشغيلية لكل من الأصدقاء والخصوم المحتملين، على حد سواء».
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، أن قاذفتين أميركيتين من طراز «بوينغ بي 52 - ستراتوفورتريس» شوهدتا وهما تعبران أجواء إسرائيل باتجاه الخليج العربي، للمرة الخامسة، في الأشهر القليلة الماضية.
أتي ذلك غداة إطلاق إيران صواريخ باليستية لإصابة أهداف بحرية في المحيط الهندي، في مناورات صاروخية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، امتدت ليومين. وهي المرة الأولى التي قام فيها «الحرس الثوري» بإصابة أهداف في البحر بصواريخ باليستية.
وسقط صاروخان إيرانيان بعيدا المدى، على بعد 160 كيلومتراً من حاملة الطائرات الأميركية «نيميتز» في المحيط الهندي، وسقط صاروخ على بعد 30 كيلومتراً، من سفينة تجارية، وفق ما نقلت شبكة «فوكس نيوز» عن مسؤولين أميركيين.
وتراجع البنتاغون هذا الشهر عن قرار لسحب حاملة الطائرات «نيميتز»، من المنطقة، بعدما أمر وكيل وزير الدفاع بابتعادها لتهدئة التوتر في مياه الخليج العربي، لكنه أصدر أمراً ببقائها بعدما وجّه قادة الجيش الأميركي انتقادات للخطوة، نظراً لاستمرار التهديدات الإيرانية.
جاء الحادث بعد يومين من بثّ التلفزيون الإيراني مقطع فيديو جرى تسجيله من على متن مروحية تابعة لبحرية الجيش الإيراني، أثناء تحليقها فوق غواصة أميركية في شمال المحيط الهندي. وتطلب المروحية الإيرانية من الغواصة، الكشف عن هويتها. وقال الجيش الإيراني إنها كانت تنوي الاقتراب من منطقة مناوراته، قبل أن تبعد على وجه السرعة، بعد إنذار «المروحية الخاصة برصد الغواصات»، دون أن يحدد هوية الغواصة، لكن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، ربطت بين الصور المنشورة وبين غواصة «يو إس إس جورجيا» التي عبرت مضيق هرمز إلى مياه المنطقة الشهر الماضي، تزامناً مع تقارير عن تحرك غواصة إسرائيلية إلى مياه المنطقة.
وبدأت بحرية الجيش الإيراني، الأربعاء، مناورات في خليج عمان، وشواطئ محافظة بلوشستان، جنوب شرقي البلاد، لمدة يومين، شملت تدشين سفينة حربية لوجيستية، وفرقاطة راجمة صواريخ، وإطلاق صواريخ كروز من السفن والشاطئ.
وغداة انتهاء مناورات الجيش، أعلنت الموازية له في «الحرس» الجمعة عن بدء المرحلة الأولى من مناورات سنوية، تحت «الرسول الأعظم 15»، مشيراً إلى استخدام طائرات درون انتحارية لاستهداف منظومات دفاع صاروخية، وإطلاق «جيل جديد» من صواريخ باليستية، تعمل بالوقود الصلب، من طراز «ذو الفقار» و«زلزال» و«دزفول»، وهي «مزودة برؤوس حربية منفصلة، وبالإمكان توجيهها من الجو، كما أنها قادرة على اختراق دفاعات العدو المضادة للصواريخ» وفق بيان «الحرس» الإيراني.
والأربعاء، نقلت حسابات، منسوبة إلى «الحرس الثوري»، في شبكة تلغرام، عن «وكالة نادي المراسلين الشباب»، التابعة للتلفزيون الإيراني، أن «(الحرس الثوري) أجرى تجربة ناجحة لعدد من الصواريخ المسيرة، في تنفيذ السيناريوهات المتصورة»، مضيفاً أنه سينشر التفاصيل لاحقاً.
والمناورات الصاروخية لـ«الحرس الثوري» هي رابع تدريب عسكري تجريه قوات مسلحة إيرانية خلال أقل من أسبوعين، بعد تصاعد التوترات، على إثر تهديدات إيرانية بالانتقام لمقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أجرت الوحدة الجوية التابعة للجيش الإيراني، مناورات لطائرات درون، وجرب فيها «دورن» انتحارية، وفي نفس اليوم، استعرضت قوات «الحرس الثوري» زوارق لمن وصفتهم بـ«الباسيج» البحري، في الخليج العربي.
وقالت وكالة «تسنيم»، أول من أمس، إن المناورات الصاروخية «أظهرت إمكانية تخطي الدرع الصاروخية الدفاعية الأميركية، فضلاً عن إجهاض تهديد إطلاق صواريخ كروز الأميركية»، في إشارة مباشرة إلى تجريب «الحرس الثوري» طائرات درون انتحارية.
وتدربت قوات «الحرس» على هجمات افتراضية مركبة ضد مواقع دفاعية، عبر محاكاة مواقع الدفاع الصاروخي، واستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، في طائرات درون انتحارية مسيرة، بهدف توفير مجال لإطلاق الصواريخ الباليستية. ورجّح تقرير لوكالة «أسوشيتد برس»، الجمعة، أن تكون إحدى طائرات الدرون، من طراز استخدم في الهجوم على منشآت «أرامكو» في 2019.
وقال أمير علي حاجي زاده، على هامش المناورات، أول من أمس، إن «الصواريخ أدوات لإنتاج القوة والأمن للشعب الإيراني»، لافتاً إلى أن قواته تتصور نوعين من التهديدات في حال نشوب مواجهة عسكرية، أولهما أن تكون من قواعد برية ثابتة، وثانيهما تهديد ذو طابع بحري.
ولفت حاجي زاده إلى أن قواته استخدمت صواريخ باليستية للتدريب على استهداف قواعد معادية في شمال المحيط الهندي على بعد 1800 كيلومتر. وقال إن هدف التدريب «تعطيل فاعلية نقاط القوة للأعداء في المجال البحري»، وأضاف: «في حال فقد الأعداء الفاعلية في نطاق 2000 كيلومتر، لن يكونوا قادرين على إطلاق صواريخ كروز، ومقاتلاتهم لن تكون قادرة على الإقلاع من حاملات الطائرات».
بدوره، قال قائد «الحرس» حسين سلامي إن «أحد أبرز أهدافنا في السياسات والاستراتيجيات الدفاعية، هو التمكن من استهداف سفن العدو، بما فيها حاملات الطائرات والسفن الحربية، باستخدام صواريخ باليستية بعيدة المدى»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن موقع «الحرس الثوري».
إلى ذلك، نشر حساب على «تويتر» يدعى «إينتل لاب» صوراً تكشف عن وجود منشأة محتملة لتخزين الصواريخ الباليستية (قصيرة المدى ومتوسطة المدى)، في موقع بالقرب من القاعدة الجوية بمدينة مسجد سليمان النفطية، شمال شرقي مدينة الأحواز.
والصور متاحة عبر برنامج «غوغل أرث برو»، منذ 16 مايو (أيار)، كما توضح إحدى الصور التي تشير إلى وجود «آلة حفر الأنفاق» أمام مدخل النفق بقطر 6 أمتار. وتظهر صور أخرى منصتين خرسانيتين، على وشك الانتهاء من مداخل النفق.
ويتزامن الاستعراض العسكري مع تخطي طهران قيوداً في الاتفاق النووي، مثل خفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية فيما يخص اتفاقية الضمانات، إضافة إلى تعدين اليورانيوم ورفع نسبة التخصيب إلى 20 في المائة، في محاولة للضغط على الرئيس المنتخب جو بايدن بشأن الاتفاق النووي، الذي أعلن انفتاحه على عودة بلاده إلى الاتفاق مرة أخرى.