«تحركات جريئة» في مناطق النظام السوري تنتقد الفساد وسوء المعيشة

لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري
لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري
TT

«تحركات جريئة» في مناطق النظام السوري تنتقد الفساد وسوء المعيشة

لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري
لافتات مشجعي نادي جبلة الساحلي ضد سياسات النظام السوري

ظهرت لافتات وكتابات نقدية في مناطق سيطرة الحكومة السورية وبين المؤيدين للنظام، على خلفية تردي الوضع الاقتصادي والأزمة المعيشية واتهامات بانتشار الفساد بين المسؤولين السوريين.
وكان بين تلك الانتقادات، رفع مشجعي نادي جبلة الساحلي لافتات في مباراته ضد خصمه «الكرامة» وهو من مدينة حمص ويتصدر الدور السوري، تتهم مسؤولين بـ«الفساد»، علما بأن مدينة جبلة تقع بين طرطوس واللاذقية وتعتبر من المناطق الموالية للنظام السوري.
وكان اتحاد كرة القدم فرض عقوبات على نادي جبلة بسبب خلل حصل خلال مباراة في الدوري السوري قبل أيام. وكتب بعض مؤيدي نادي جبلة أول من أمس، أن «شبكات الفساد في هذه البلاد أكبر من شبكات الصرف الصحي...»... ورفعت لافتة أخرى تقول إن الفساد يتوطن في «المكاتب المكيفة» أي مناطق الحكومة، كما هو الحال في «المناطق الحارة» في إشارة إلى مناطق المعارضة.

في المقابل، كتب أحد المؤيدين لدمشق على «فيسبوك» أنه «يجب تقبل العقوبة من حيث المبدأ والتعامل معها قانونيا بكل الوسائل بعيداً عن لغة الاحتقان والشد والغضب بهدف تخفيفها». تزامن ذلك مع كتابات نقدية أخرى من خبراء ونشطاء في دمشق بسبب تردي الأوضاع الاقتصادي وتفاقم الأزمة المعيشية. وكتبت الصحافة سلوى زكزك على صفحتها في «فيسبوك» أمس: «(في دمشق وريفها)، من أول من أمس، شهد الطلب على الشوادر (أغطية السقوف) وأكياس النايلون الكبيرة والسميكة ارتفاعا غير مسبوق. الناس لا تعيش فقط في الحدائق بلا مأوى، بل تحتاج شوادر. حتى البيوت التي هي على العضم (غير الجاهزة) والبيوت العتيقة والغرف المرممة، تحتاج سقفا حقيقيا».
كما كتب طبيب سوري مساء أول من أمس: «في أحد المطاعم الفاخرة بدمشق، كانت هناك طاولة مؤلفة من حوالي عشرين شخصا ظهرت عليهم سمات الأغنياء الجدد. بطون كبيرة وذقون طويلة ونساء متخمات بالتصنع والفراغ. ضحكاتهم ملأت المكان. وأحاديثهم التافهة سمعها كل من كان في المطعم». وأضاف على «فيسبوك»: «بعد حوالي نصف ساعه وأثناء مروري في (أحد شوارع) المدينة كان المشهد الآخر الصادم والحزين أمام أحد الأفران: مئات الرجال والنساء والأطفال نحيلون ذوو ملابس رثة قديمة وأحيانا ممزقة يقفون بالطابور بكل ذل وحزن وانتظام ينتظرون أن يوفروا القليل - وفي ذات الوقت الكثير بالنسبة لهم - الحصول على بعض الخبز». وتابع: «لاحظوا: بعض الخبز، بعض الخبز فقط».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.