حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» يختار خليفة لميركل

اختار حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا، الاستمرارية بنهج زعيمته السابقة أنجيلا ميركل عوضاً عن اختيار طريق التجديد، وانتخب مندوبو الحزب أرمين لاشيت زعيماً جديداً لهم سيقودهم في الانتخابات العامة المقبلة في سبتمبر (أيلول). ولكن رغم فوزه بزعامة الحزب، فإن لاشيت لم يضمن بعد تسميته للترشح لمنصب المستشارية. فقبل ذلك، سيتعين على حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الاجتماع والاتفاق على اسم المرشح المقبل لمنصب المستشارية. وعلى الأرجح، لن يقرر الحزبان اسم مرشحهما قبل الربيع المقبل. وإذا ما كان الحزبان سيسيران وفق لاستطلاعات الرأي، فهما قد يقرران ترشيح ماركوس زودر، زعيم الحزب البافاري الشقيق، لمنصب المستشارية. فزودر حل في الطليعة في آخر استطلاع رأي حول السياسي الأكثر تأهيلاً ليصبح المستشار المقبل، وحظي بنسبة رضا وصلت إلى ٥٥ في المائة على الصعيد الوطني، وأعلى من ذلك بعد 80 في المائة بين الناخبين المحافظين. ولكن حتى الآن فإن زودر الذي يشغل كذلك منصب رئيس حكومة ولاية بافاريا، ينفي أن يكون مهتماً بمنصب وطني، ويقول إن مكانه بافاريا.
ولكن موقفه هذا قد يتغير في حال وافق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي على ترشيحه هو للمنصب وليس زعيمهم المنتخب حديثاً لاشيت. ففي الاستطلاع نفسه، حل لاشيت سابعاً بنسبة لا تزيد على 28 في المائة بين المستطلعة آراؤهم الذين يعتقدون بأنه قد يصلح ليكون المستشار المقبل.
وحل قبله زعيم الاشتراكيين نائب المستشار الحالي أولاف شولتز، ووزير الصحة يانش شبان، وحتى زعيم الخضر روبرت هابيك، والمرشحان الاثنان الخاسران اللذان نافساه على زعامة الحزب. وفي حال لم ترتفع أسهمه على الصعيد الوطني، قد يضطر الحزب إلى ترشيح زودر لمنصب المستشار لكسب أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات العامة. وحتى الآن يحل اتحاد الحزبين المحافظين في الطليعة، بنسبة 37 في المائة من الأصوات، ويحل حزب الخضر ثانياً بنسبة تصل إلى 20 في المائة، بينما تراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي المشارك حالياً بالحكم إلى المرتبة الثالثة بنسبة 15 في المائة من الأصوات. ورغم أن لاشيت وزودر يتمتعان بعلاقة عمل جيدة، إلا أن البعض يعتقد بأن زودر الذي يعد محافظاً أكثر من لاشيت قد ينجح بإعادة جذب بعض الأصوات التي خسرها الحزب في الانتخابات الماضية لصالح حزب «البديل لألمانيا» المتطرف. فزودر يحمل أفكاراً أكثر تشدداً من ميركل فيما يتعلق بالهجرة التي كانت السبب الرئيسي خلف خسارة حزب ميركل الكثير من الأصوات. ورغم أن لاشيت يختلف عن ميركل على الصعيد الشخصي في الكثير، كونه قادماً من غرب ألمانيا، وهي من شرقه، وهو كاثوليكي، وهي بروتستانتية، إلا أنهما متشابهان في السياسة إلى حد بعيد.
فلاشيت يؤيد سياسة الهجرة واللجوء التي اتبعتها ميركل، وأدخلت على أثرها قرابة المليون لاجئ سوري في عام 2015. وهو أيضاً يتبع النهج نفسه الذي اتبعته ميركل بشد الحزب المحافظ نحو اليسار. وكان واضحاً أن لاشيت هو مرشح ميركل المفضل، رغم أنها لم تعلن ذلك رسمياً. فهي في كلمتها التي وجهتها للمؤتمر، قالت بأن الأفضل أن يحكم الحزب «فريق»، في إشارة واضحة إلى لاشيت المدعوم من فريق وزير الصحة يانس شبان الذي قرر عدم الترشح ودعم لاشيت في المقابل.
ورغم أن اختيار زودر قد يعطي حظوظاً أكبر بالفوز في الانتخابات العامة المقبلة، إلا أنها ستكون سابقة لم تجربها ألمانيا بنجاح في السابق. إذ إن زعيم الحزب البافاري لم يكن يوماً مستشاراً في ألمانيا، وكان دائماً يقع الخيار على ترشيح زعيم الحزب الأكبر، وهو «الاتحاد المسيحي الديمقراطي». فالحزب البافاري غير موجود إلا في ولاية واحدة من الولايات الألمانية الـ16، وهي ولاية بافاريا. وكان الحزبان قد عقدا اتفاقاً منذ سنوات، بأن يعدل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي عن الترشح في الانتخابات في تلك الولاية، وعوضاً عن ذلك يتحالف مع «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» على الصعيد الفيدرالي. ويعرف أصلاً عن زودر أنه لا يحب المغامرة إلا إذا كان واثقاً من الفوز.
وحتى الآن هناك احتمال أن يكون المستشار المقبل زعيم حزب الخضر، في حال نجح حزب الخضر في تحقيق نتائج قريبة جداً من الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وقد يشترط الخضر ذلك أصلاً للموافقة على الدخول في الائتلاف الحاكم. فالاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري، لن يتمكنا من الحكم من دون التحالف مع حزب ثالث.
وقد يجدان نفسيهما مضطرين للتحالف مع الخضر، خصوصاً أن الاشتراكيين لم يعودوا مقبولين في السلطة، وعلى الأرجح سيرفضون المشاركة في حكومة مقبلة بعد الخسائر الكبيرة التي منوا بها في الانتخابات المحلية، التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستنعكس واقعاً كذلك في الانتخابات العامة. لكل هذا، يكون لاشيت فاز بالمعركة الأولى التي قربته من موقع المستشارة، ولكنه لم يفز بالحرب بعد.