مصر تعوّل على مواطنيها لإنقاذ «الموسم الشتوي» من تداعيات «كورونا»

في محاولة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على قطاع السياحة، تبدأ مصر تنفيذ مجموعة من الحملات الترويجية للسياحة الداخلية والخارجية، عبر عروض وتخفيضات تسعى من خلالها لتنشيط القطاع الذي يعاني منذ نحو عام من تراجع العائدات وقلة عدد الزيارات السياحية نتيجة انتشار الوباء في شتى بقاع العالم، وبدأت وزارة السياحة والآثار أمس تفعيل مبادرة «شتي في مصر» لتنشيط حركة السياحة الداخلية في مدن الجنوب ومحافظة البحر الأحمر؛ أملاً في إنقاذ الموسم السياحي الشتوي، وسط تخوف خبراء السياحة من جدوى هذه الحملات في ظل الجائحة، وتأكيدهم على أنه «لا سياحة في ظل الوباء».
وتم تفعيل مبادرة «شتي في مصر» التي أطلقتها وزارة السياحة والآثار، ووزارة الطيران المدني بالتعاون مع غرفة المنشآت الفندقية لتنشيط السياحة الداخلية في الفترة من 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، وحتى 28 فبراير (شباط) المقبل، وتتضمن تخفيض أسعار تذاكر الطيران الداخلي للمصريين والأجانب إلى مدن الأقصر وأسوان (جنوب مصر)، وشرم الشيخ وطابا في سيناء، والغردقة ومرسى علم، في محافظة البحر الأحمر، جنوب شرقي القاهرة، بسعر موحد يتراوح ما بين 1500 و2000 جنيه شاملة الضرائب، (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، بجانب تخفيض أسعار الفنادق المشاركة في المبادرة، إضافة إلى تخفيض بنسبة 50 في المائة على أسعار تذاكر المصريين الكاملة بالمناطق والمتاحف الأثرية المفتوحة للزيارة بمحافظات قنا والأقصر وأسوان، بحسب بيان وزارة السياحة والآثار.
ورغم أن هذه المبادرة تعد «جيدة»، فإن «نجاحها يرتبط بمدى خوف المصريين من الجائحة»، وفقاً لتصريحات ثروت عجمي، رئيس غرفة سياحة الأقصر، لـ«الشرق الأوسط» الذي أعرب عن أمله في «استجابة المصريين للمبادرة دون خوف للحد من الأضرار الجسيمة التي يعاني منها القطاع منذ انتشار الوباء»، واصفاً محافظتي الأقصر وأسوان بأنهما «خاليتان من السياح».
ولا يعول الخبير السياحي أحمد عبد العزيز كثيراً على هذه المبادرات، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «تأثيرها محدود؛ لأن تشغيل الفنادق بنسبة 50 في المائة يدفعها لرفع الأسعار، إضافة إلى أن المصريين أكثر خوفاً من الاختلاط مع بدء الموجة الثانية من الوباء».
ويمثل عدد العاملين في القطاع السياحي نحو 10 في المائة من قوة العمل في مصر، ويقدرون بنحو 3 ملايين شخص، بحسب دراسة لمعهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط، نشرها في مايو (أيار) الماضي، ووصل عدد السياح في عام 2019 إلى 13 مليون سائح، بعائدات بلغت 12.6 مليار دولار، وفقاً للدراسة نفسها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تبدأ فيها مصر الترويج للسياحة الداخلية لمواجهة تداعيات الجائحة، حيث اعتمدت البلاد على السياحة الداخلية في الفترة من 15 مايو وحتى الأول من يوليو (تموز) الماضيين بشروط تتعلق بنسب التشغيل وضوابط السلامة الصحية.
ولا تقتصر مبادرات تنشيط السياحة على الداخل المصري، حيث تعتزم دعوة عدد من المدونين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي من جميع دول العالم لزيارة مصر، بداية من الشهر الحالي، وتستعد لإطلاق حملة ترويجية للسياحة العربية في أبريل (نيسان) المقبل، إضافة إلى عزمها التعاقد مع أحد المكاتب الدولية المتخصصة لعمل استراتيجية إعلامية للترويج والتنشيط للسياحة المصرية؛ تمهيداً لإطلاق حملة ترويجية دولية، لمدة 3 سنوات تبدأ في يوليو المقبل، وتتضمن الترويج للمقاصد السياحية المصرية المتنوعة مع مراعاة ظروف الجائحة، وصياغة رسائل إعلامية مناسبة تتضمن رسائل طمأنة وتشجيع السائحين على السفر وزيارة مصر.
وبحسب عبد العزيز، فإنه لا يمكن استعادة السياحة الخارجية بمثل هذه الحملات، فهناك عوامل كثيرة تؤثر في القطاع، من بينها ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، واشتراط عمل تحليل «بي سي آر» للسفر، ويرى أن «الأولى الآن هو دعم قطاع السياحة برفع الأعباء الضريبية عن المنشآت السياحية لإنقاذ القطاع».
في حين يؤكد عجمي، أنه «لا سياحة في وجود الوباء، وأي مبادرات لن يكتب لها النجاح، طالما استمر الوباء، ولم ينتهِ تطعيم البشر».
وكانت آخر حملة ترويجية متكاملة للسياحة في مصر قد انتهت عام 2018، بعد ثلاث سنوات من العمل تحت شعار «هي دي مصر» أو This is Egypt، وسبقتها حملات ترويجية في السابق في الفترات من 2009 - 2012. و2005 - 2008.
وفي إطار مبادرات الترويج السياحي، أعلنت وزارتا السياحة والطيران المدني، أمس، عن مبادرة جديدة تشمل تخفيضات إضافية على سعر الوقود الخاص بقطاع الطيران لتصل إلى 15 سنتاً للجالون الواحد بهدف المساهمة في مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على هذين القطاعين الحيويين، على أن يتم تطبيقها اعتباراً 21 يناير الحالي وحتى نهاية العام.